محمد حميمداني: نقلا عن د. مصطفى تيليوا / رئيس المركز الثقافي والعلمي الدولي بتصرف
تزخر “جهة درعة تافيلالت” بثروات طبيعية فريدة من الواجب استثمارها. وذلك من خلال إنشاء متحف جيولوجي بتراب الجهة، والذي أصبح ضرورة ملحة لحفظ وابراز هاته المؤهلات الجيولوجية للمنطقة. تشجيعا للأبحاث العلمية في المجال، بغاية إطلاع الباحثين على المعطيات التي تزخر بها الجهة. من قبيل اكتشاف أول “ديناصور” مائي “سينوصور”، بمنطقة “الزريقات”. وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة.
مؤهلات طبيعية وجيولوجية تجعل من إقامة المشروع أولوية تنموية ومطلبا علميا. واستثمار فعلي لتشكيلات المنطقة الصخرية النادرة وحقول المعادن والحفريات.
فبعد نحو عقدين من المناشدة والترافع، يعود مشروع إقامة متحف جيولوجي ب”جهة درعة تافيلالت” إلى الواجهة. كمشروع استراتيجي طموح لحفظ وتثمين التراث الجيولوجي الفريد للمنطقة. بما يتضمنه بين طبقاته من تاريخ طبيعي ممتد لملايين السنين.
مشروع يعتبر مطلبا مجتمعيا ترافع عنه أبناء الجهة منذ فترة طويلة وبشكل متواصل، إيمانا منهم بقيمته العلمية والتنموية الكبيرة.
فإنشاء متحف جيولوجي بهاته الجهة يعتبر خطوة استراتيجية لتثمين التراث الطبيعي المتميز للمنطقة. إضافة لتعزيز البحث العلمي والسياحة الثقافية والبيئية بما يضمن الاستدامة التنموية.
تجدر الإشارة إلى أن “جهة درعة تافيلالت” تعتبر من أغنى المناطق المغربية من حيث التنوع الجيولوجي. إذ تضم تشكيلات صخرية نادرة، إضافة لحفريات تاريخية ومعادن متنوعة. وهو ما يجعل منها منجما جيولوجيا مفتوحا وكنزا لا يقدر بثمن، يستحق التوثيق والعرض العلمي والسياحي.
إنشاء متحف جيولوجي بالجهة ضرورة ملحة
يفرض الغنى الجيولوجي الاستثنائي الذي تتميز به المنطقة، من جهة احتوئها على حفريات تعود لملايين السنين. مع تضاريس فريدة، ضمنها جبال الأطلس الكبير، هضاب “ميدلت” وصخور “ورزازات”. استثماره وتحويله إلى قوة منتخة ومدرة للدخل.
على الرغم من هذا الغنى والتنوع الذي تزخر به المنطقة إلا انها تعاني من غياب مؤسسات متخصصة. حيث يتم تسجيل غياب لمراكز أو متاحف جيولوجية توثق هذا التراث و تتيح دراسته للطلبة والباحثين. بما لذلك من اثر على خلق فرص سياحية واعدة. حيث سيمكن المتحف المنطقة من التحول لوجهة للسياحة العلمية والإيكولوجية، خاصة في مناطق مثل “مرزوكة”، “تنغير” و”ميدلت”.
كما سيساهم المتحف في دعم البحث العلمي. إذ يمكن أن يحتضن مختبرات للبحث في علوم الأرض. كما سيمكن من تشجيع التعاون بين الجامعات والمراكز الدولية. مع تثمين التراث المحلي، من خلال تقديم عرض للصخور، المعادن والحفريات المكتشفة في الجهة. بما يساهم في تعزيز الهوية العلمية والثقافية للمنطقة. ويدعم بالتالي السياحة العلمية والإيكولوجية بما تمثله من فرصة واعدة.
واقع يتسم بكنوز جيولوجية فريدة بامتياز، مع حفريات تعود لعصور جيولوجية قديمة، سيجعل من المنطقة قبلة للباحثين وعلماء الجيولوجيا من حول العالم. وهو ما سيمكن من استثمارها لضمان التنمية المستدامة. وبالتالي تجاوز حالة الفقر في البنية التحتية العلمية بما يحد من “تهريب” العديد من العينات النادرة وإهمال مواقع ذات قيمة علمية كبيرة. وبالتالي ضمان تحول الجهة لموقع عالمي للسياحة العلمية والبيئية.
مكونات افتراضية للمتحف
في حالة تنفيذ المشروع الحلم، من المفترض أن يشمل تخصيص قاعة للعرض الجيولوجي، تضم عينات من الصخور والمعادن والحفريات. إضافة لإقامة مختبرات بحثية، موجهة للطلبة والباحثين في علوم الأرض. فضلا عن خلق فضاء تعليمي، يتضمن تنظيم ورشات لفائدة المدارس والعموم. إضافة لخلق مسارات جيولوجية ميدانية، تربط المتحف بمواقع طبيعية مجاورة مع إقامة مركز توثيق رقمي، لحفظ الخرائط الجيولوجية والدراسات العلمية.
الأثر التنموي المنتظر
سيعمل المشروع على تحفيز ودعم السياحة العلمية، إذ سيمكن من جذب الزوار من داخل المغرب وخارجه. إضافة لخلق فرص شغل، في مجالات التوجيه والبحث ودعم التعليم الجامعي، خاصة في تخصصات الجيولوجيا والبيئة. فضلا عن تعزيز مكانة الجهة وطنيا ودوليا كمركز للتراث الجيولوجي.
رهان يتطلب إدراج المشروع ضمن برنامج التنمية الجهوية، (PDR). مع إشراك الجامعات والمراكز البحثية في التصميم العلمي للمتحف. فضلا عن البحث عن شراكات دولية مع متاحف ومراكز جيولوجية عالمية وتخصيص ميزانية أولية لدراسة الجدوى وإنجاز التصاميم. وذلك بما يمكن الجهة من استثمار ما تتميز به وتتوفر عليه من تاريخ جيولوجي غني، لتحويله كتراث إلى رافعة علمية وسياحية وتنموية مستدامة.
تجدر الإشارة إلى أن “جهة درعة تافيلالت” تعتبر إحدى جهات المملكة المغربية. حيث تشتهر بتنوعها الجغرافي والجيولوجي الكبير. ما بين الواحات والصحاري والجبال. وسيعزز اكتشاف “سينوصوروس” بمنطقة “الزريقات” ،من موقعها. ويدفع العلماء والمختصين والمهتمين للاستقرار بها واستثمار المميزات الأحفورية المتوفرة بها.
جدير بالذكر أن القانون الإطار بمثابة “ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة” يشجع على حفظ التراث الطبيعي والتنوع الجيولوجي واستغلاله بشكل مستدام. كما أن “القانون التنظيمي للجهات” يمنح الجهات صلاحية إعداد وتنفيذ برامج التنمية الجهوية. ضمنها إقامة مشاريع ثقافية وعلمية كالمتحف المقترح. فضلا عن الاتفاقيات الدولية التي يعتبر “المغرب” طرفا فيها، ضمنها “اتفاقيات UNESCO لحفظ التراث الثقافي والطبيعي”. والتي يمكن أن تشمل الحفريات والمواقع الجيولوجية البارزة.
فالمنطقة والمغرب أمام فرصة تاريخية لتحويل تراثه الجيولوجي إلى رافعة للتنمية. والعمل على تحويل “جهة درعة تافيلالت” لجنة للجيولوجيين. بإنشاء هذا المتحف الذي سيعتبر بمثابة خريطة كنز لهذه الثروة المهدورة، وسيفتح بالتالي آفاقا اقتصادية وعلمية هائلة.