أصدرت “المحكمة الإسبانية العليا (Tribunal Supremo de España)”، حكما نهائيا يقضي بإلزام مهاجر مغربي مقيم ب”إسبانيا” بإرجاع مبلغ 8509 يورو إلى مصالح “الخدمة العمومية للتشغيل (Servicio Público de Empleo Estatal – SEPE)”. بعد إدانته بالقيام بأربع رحلات إلى “المغرب” دون إشعار مسبق، رغم كونه مستفيدا من إعانة البطالة الخاصة بالأشخاص فوق 52 عاما.
وقد استند القرار الصادر على أن غياب المستفيد عن الأراضي الإسبانية دون إخطار رسمي، يعتبر إخلالا جسيما بشروط الانتفاع من الإعانات العمومية. وهو ما أدى إلى إلغاء حقه في الدعم المالي وإلزامه برد المبالغ المدفوعة في السابق.
الاستناد القانوني للحكم الصادر
استند القرار الصادر عن المحكمة، إلى “المادة 271 من القانون الإسباني العام للضمان الاجتماعي، (Ley General de la Seguridad Social)”. التي تنص على أن المستفيد من أي دعم اجتماعي “يفقد حقه مؤقتا أو دائما في حال تغير وضعيته دون إشعار مسبق للجهة المختصة”.
وأيضا “المرسوم الملكي الإسباني رقم 625/1985” المنظم لإعانات البطالة. والذي يلزم المستفيدين بإبلاغ “SEPE” بأي سفر خارج إسبانيا يتجاوز 15 يوما أو قد يؤثر على توافرهم للعمل.
وبحسب نص الحكم، فإن المعني بالأمر لم يبلغ السلطات رغم تكرار سفره إلى المغرب أربع مرات خلال عام واحد. وهو ما اعتبرته المحكمة “سلوكا متعمدا للإخلال بشروط الدعم”. وهو ما يتنافى مع “مبدأ حسن النية في التعامل الإداري”، المنصوص عليه في المادة 3 من “القانون رقم 39/2015” الإسباني المتعلق بالإجراءات الإدارية العامة.
خلفيات القرار الاجتماعية والاقتصادية
تسلط القضية الضوء على هشاشة وضعية المهاجرين المغاربة في أوروبا، خصوصا أولئك الذين يعتمدون على إعانات البطالة أو المساعدات الاجتماعية كوسيلة عيش مؤقتة.
تجدر الإشارة إلى أن “إسبانيا” تحتضن أزيد من 900 ألف مغربي، وفق إحصاءات “المعهد الوطني للإحصاء الإسباني (INE)” لعام 2025. يدخل العدد الأكبر منهم ضمن الفئة العمرية التي تتجاوز خمسين عاما ممن فقدوا عملهم عقب “جائحة كورونا”.
وفي ظل تشديد “أنظمة المراقبة الرقمية للإعانات الاجتماعية”، أضحت السلطات الإسبانية تعتمد على بيانات عبور الحدود، (Sistema de Información de Movimientos Internacionales). بغاية رصد تحركات المستفيدين من الدعم العمومي والتأكد من امتثالهم للقانون.
الأسس القانونية للقرار
يكرس الحكم الصادر مبدأ أن “الإعانة الاجتماعية ليست حقا مطلقا بل التزاما متبادلا بين الدولة والمستفيد”. ويرى خبراء القانون الاجتماعي الإسباني أن مثل هذه الأحكام تهدف للحد من سوء استخدام أنظمة الدعم. خصوصا مع تصاعد الجدل حول إرسال بعض المستفيدين الأموال خارج البلاد بدل استثمارها محليا.
فالقانون الإسباني يعتبر أن أي مغادرة للأراضي الإسبانية دون إخطار رسمي انتهاكا لشروط الإعانة، حتى لو كانت لزيارة عائلية قصيرة. فيما يضع واقع جهل المغاربة بهاته التفاصيل القانونية في فخ المخالفة على الرغم من حسن نيتهم.
جدير بالذكر أن أزيد من 1.2 مليون شخص في “إسبانيا” يستفيدون من إعانات بطالة طويلة الأمد. وأن حوالي 18٪ من الملفات المسحوبة عام 2024 كانت بسبب غياب إخطار مسبق أو مغادرة البلاد دون إذن. فيما يمثل المغاربة أكبر جالية غير أوروبية مقيمة في إسبانيا.