لم تعد عروض “الربح السريع” غريبة عن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا عبر منصة “فيسبوك”. فمن يتجول قليلا بين الصفحات والإعلانات الممولة، يجد نفسه أمام سيل من الدعوات المغرية للانضمام إلى “قوافل الرابحين”، الذين، كما يتم الترويج لهم، غيروا حياتهم بين ليلة وضحاها.
حالما تلج “فيسبوك” تطالعك عروض من مختلف اللغات والبلدان، جميعها تحمل الوعد ذاته: “انقر هنا، اتبع الخطوات البسيطة، واكسب المال وأنت في بيتك”. يرفقها أصحابها عادة بشهادات لأشخاص يروون قصص نجاحهم المذهلة.
أحدهم قال: إنه “كان على وشك الإفلاس” قبل أن يتعرف على التطبيق الذي جعله “مليونيرا في أسابيع”. فيما أردف آخر قائلا: تنشر صوررا لرحلة فاخرة إلى جزر المالديف بفضل “الربح من الإنترنت”.
قصص تثير الفضول وتغذي الأمل لدى آلاف الشباب الباحثين عن فرصة، فتتسلل الفكرة إلى أذهانهم: “لماذا لا أكون أنا أيضا من هؤلاء المحظوظين؟. ما الفرق بيني وبينهم إن كانت المسألة مجرد نقرة واحدة؟”.
لكن سرعان ما يلوح الصوت الآخر، صوت الشك والتساؤل العقلاني: ما طبيعة هذا “العمل” الذي سأقوم به؟. من هو المشغل الحقيقي؟. وأين تذهب بياناتي وأموالي بعد التسجيل؟.
أسئلة كثيرة لا تجد لها إجابات واضحة. فتتوزعك أفكار تحلق بك في فضاء التشتت بين الرغبة في الربح السريع والخوف من الوقوع في الفخ. فتعيش تناقضا حادا لا يحسم إلا بالتجربة.
إلا أن التجربة، كما يروي كثيرون، تنتهي غالبا بخيبة أمل. فإما أن تكون الأرباح الموعودة مجرد “نقاط افتراضية” لا يمكن سحبها. أو يتم الطلب من المستخدم دفع رسوم “تفعيل” صغيرة، سرعان ما تتضاعف وتختفي معها الأموال.
أمثلة كثيرة شهدتها السنوات الأخيرة، مثل التطبيقات التي وعدت المستخدمين بأرباح خيالية مقابل “مشاهدة الإعلانات” أو “الإعجاب بالمنشورات”. ليتبين لاحقا أنها شبكات تسويق هرمي أو عمليات احتيال رقمية تستغل الثقة والسداجة والطمع في آن واحد.
خبراء الأمن الرقمي يحذرون من هذه الظاهرة. مؤكدين أن “كل عرض ربح لا يقوم على عمل حقيقي أو إنتاج ملموس، هو فخّ محتمل”. ويضيف أحدهم قائلا: “الربح السريع على الإنترنت موجود، لكن في المقابل هناك آلاف المحتالين الذين يتقنون فن الإقناع. ويستخدمون كل أدوات التسويق النفسي لجذب الضحايا”.
ويبقى الدرس الأهم الذي يتعلمه كثيرون بعد التجربة: لا وجود لثروة حقيقية يتم بناؤها بنقرة، ولا لربح مضمون دون جهد أو مهارة.