في مشهد مقلق يعكس حالة من الفوضى العمرانية، تشهد “جماعة دار بوعزة”، التابعة لعمالة “إقليم النواصر” انتشارا لافتا للبناء العشوائي. والذي يتم على مرأى ومسمع من السلطات المحلية دون اتخاذ أي إجراءات رادعة.
فالواقع الميداني يكشف تراجيديا العشوائيات على “عينك أبنعدي” بشكل مقلق ومريب في نفس الوقت. وهو ماعاينته جريدة” العدالة اليوم”، إذ كشفت الوقائع عن تنامٍ خطير للعشوائيات في مناطق متفرقة، خصوصا بمنطقة “لهواشمة” قرب “صاكة بيع الدخان قرقاش”. حيث يتم تشييد بنايات في وضح النهار، بلا رخصة، وبلا مراقبة، في تحد صريح للقوانين المنظمة للتعمير والبناء.
مخالفات تنظيمية وقانونية في واضحة النهار
يمثل هذا الوضع خرقا مباشرا لمقتضيات “القانون رقم 12.90″، المتعلق بالتعمير. الذي ينص في مادته 40 على منع القيام بأي بناء دون الحصول على رخصة مسبقة داخل الدوائر والمناطق المحددة.مؤكدا على أن البناء بدون رخصة هو مخالفة قانونية داخل هذه المناطق. حيث تقول: إن “كل بناء يتم دون الحصول على رخصة سابقة يعد مخالفا ويستوجب الهدم وإجراءات الزجر القانونية”. كما تحيل المادة 65 من القانون نفسه على إلزامية الحصول على ترخيص مسبق من السلطة المختصة، وفق التصاميم المصادق عليها.
إذا فالقانون واضح، لكن الواقع الميداني يعكس غيابا صارخا لتفعيل المراقبة الإدارية. ولامبالاة غير مبررة من قبل السلطات المحلية التي يفترض أن تكون الساهرة على تطبيق القانون وصون المجال العمراني من الفوضى.
رصد مظاهر من الفوضى العمرانية
رصدت الجريدة إقامة إحدى البنايات دون ترخيص وفي غياب تام للجنة التعمير بالجماعة. حيث قال أحد الفاعلين بالمنطقة: “نحن أمام فوضى عمرانية حقيقية، البناء يتم نهارا جهارا. وكأن القانون مجرد حبر على ورق”.
هذا التراخي، وفق المراقبين المحليين، قد يعد تواطؤا ضمنيا أو تقصيرا إداريا فاضحا. وهو ما يطرح علامات استفهام حول دور مصالح المراقبة التابعة للجماعة والسلطات المحلية. فيما عزا آخرون هذا “التراخي الإداري” لتعقيدات محلية تتداخل فيها المصالح السياسية والاقتصادية. وهو ما يستدعي تدخلا عاجلا من عامل “عمالة إقليم النواصر” لفتح تحقيق شامل حول هذه التجاوزات.
دعوات للمساءلة وتفعيل الرقابة
أمام هذا الوضع الشاذ، دعا حقوقيون وهيئات مدنية إلى ضرورة تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، المنصوص عليه “في الفصل الأول من دستور 2011”. وإعمال مقتضيات “المرسوم رقم 2.13.424” المتعلق بمراقبة التعمير. مطالبين بإنزال العقوبات الزجرية المنصوص عليها في “المواد 63 و66 من القانون رقم 12.90″، التي تفرض الهدم والغرامات المالية على كل بناء غير قانوني. فالواجب ألا يكون تطبيق القانون انتقائيا أو خاضعا للتأويل الإداري. لأن الذي يأمن العقوبة سيسيء التصرف حتما.
فالوضع في “جماعة دار بوعزة” أصبح يهدد التوازن العمراني ويقوض أسس العدالة المجالية. فإما أن يتم تفعيل القوانين بصرامة وبالتالي إعادة هيبة الدولة في الميدان. أو أن تستمر ثقافة الإفلات من العقاب في تقويض للمجهودات الوطنية لمحاربة العشوائيات.
وضع ركز عليه جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله، حيث قال في خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان لعام 2013: فإذا كانت كثير من الجماعات الترابية، تتمتع بنوع من التسيير المعقول، فإن هناك، مع الأسف، بعض الجماعات تعاني اختلالات في التدبير، من قبل هيآتها المنتخبة.
فالتنمية المنشودة لا يمكن أن تتحقق في ظل الفساد واللامسؤولية والتسيب. وفي ظل تحول السلطات، كما هو الحال بمنطقة “لهواشمة” إلى جزء من المشكلة بدل ان تكون مفتاح حل.
فالمشهد صادم حيث البناء يتم في واضحة النهار ووسط تجمع سكاني وعلى مرأى من الجميع. دون حسيب ولا رقيب. وفي ظل نوم كافة تراتبيات السلطة في العسل.
وعلى الرغم من محاولات جريدة “العدالة اليوم” التحري في الموضوع عبر الاتصال بمصالح الجماعة إلا أن الأمر تعذر.
وضع يقتضي من عامل “عمالة اقليم النواصر”، التدخل وفتح تحقيق حول هاته الوقائع المسجلة المخالفة للقانون والتي تتم ممارستها في واضحة النهار بلا حسيب ولا رقيب.