العدالة اليوم
وجهت “كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب” رسالة احتجاج رسمية لرئيس الحكومة، :عزيز أخنوش”. عبرت من خلالها عن استيائها الشديد مما اسمته “الانفراد في اتخاذ قرارات مصيرية تمس استقرار القطاع الصيدلاني الوطني”. وذلك على خلفية شروع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في إعداد مرسوم جديد لتحديد أثمنة الأدوية بشكل أحادي ودون إشراك الفاعلين المهنيين.
وقد اعتبرت “الكونفدرالية” أن ما يجري يشكل انحرافا عن مبدأ المقاربة التشاركية المنصوص عليه في الدستور. معتبرة أن ملف تحديد أسعار الدواء يعد “ورشا وطنيا استراتيجيا” لا يمكن معالجته إلا ضمن رؤية تشاركية توازن بين حماية القدرة الشرائية للمواطن وضمان استدامة المقاولة الصيدلانية.
البعد القانوني: خرق لمبدأ التشاور ومقتضيات الدستور
من زاوية قانونية، يطرح قرار وزارة الصحة بإعداد مشروع المرسوم دون إشراك ممثلي الصيادلة إشكالًا واضحًا على مستوى مبدأ المشاركة في إعداد السياسات العمومية، المنصوص عليه في الفصل 12 من دستور 2011. الذي يلزم السلطات العمومية بإشراك المنظمات المهنية وجمعيات المجتمع المدني في إعداد وتنفيذ وتتبع وتقييم هذه السياسات.
كما يتقاطع هذا القرار، بحسب خبراء في القانون الإداري، مع مقتضيات الميثاق الوطني للاتمركز الإداري. الذي يؤكد على ضرورة التنسيق والتشاور بين القطاعات الحكومية والهيئات الممثلة للمهنيين قبل إصدار القرارات ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي المباشر.
ويعتبر إقصاء الهيئات النقابية المهنية من المشاورات خرقا لمبدأ “الحكامة الجيدة”، المنصوص عليه في الفصل الأول من الدستور. والذي يقوم على مبدأ الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. وهو ما قد يفتح الباب أمام الطعن في مشروعية المرسوم أمام القضاء الإداري في حال صدوره بصيغته الحالية.
قلق مهني ومخاوف من انهيار القطاع
في مضمون رسالتها، نبهت “الكونفدرالية” إلى أن السياسة الجديدة لوزارة الصحة “تعيد إنتاج أخطاء الماضي” التي أدت إلى فشل الإصلاح السابق في خفض الأسعار فعليا. معتبرة أن الإجراءات التي تم اتخاذها آنذاك كانت “شكلية وشعبوية”. وقد استهدفت أدوية منخفضة الثمن بتخفيضات طفيفة، دون المساس بالأدوية الباهظة التي تثقل كاهل المواطن.
كما حذرت من تداعيات هذا النهج على استقرار القطاع. مؤكدة أن ثلث الصيدليات المغربية توجد على حافة الإفلاس بسبب ضعف الهوامش الربحية وتجميد الملفات الإصلاحية المتفق عليها سابقًا مع الوزارة. إضافة إلى تملص الوزير الحالي من التزامات سابقة، وإعادة تشكيل لجنة جديدة أقصت النقابة من عضويتها.
بين الإصلاح الصيدلي والمصلحة العامة
يُعد تحديد أسعار الدواء من الملفات المعقدة التي تتقاطع فيها الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية. فبينما تسعى الدولة لضمان ولوج المواطنين إلى الدواء بأسعار معقولة. ترى الصيدليات أن أي خفض غير مدروس للأسعار دون إصلاح شامل لسلاسل التوزيع والهوامش التجارية قد يُفضي إلى انهيار القطاع الصيدلي الخاص، الذي يُعتبر ركيزة أساسية في الأمن الدوائي الوطني.
ويرى مختصون أن تجاوز مبدأ المشاركة في ورش حساس كهذا يفقد القرار الإداري شرعيته التشاركية. ويهدد بالتالي الأمن الدوائي و”السلم المهني” داخل المنظومة الصحية.
دعوة إلى تدخل رئاسة الحكومة
في ختام رسالتها، طالبت “كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب” رئيس الحكومة بالتدخل العاجل من أجل:
- 
إرجاع مشروع المرسوم الوزاري إلى طاولة الحوار مع كافة الهيئات المهنية.
- 
التنزيل الفوري للملفات الإصلاحية التي تم الاتفاق بشأنها مع الوزير السابق.
- 
فتح نقاش مؤسساتي بإشراف رئاسة الحكومة، في إطار مقاربة تشاركية تضمن التوازن بين المصلحة العامة والحق في ممارسة مهنة الصيدلة في بيئة اقتصادية مستقرة.
وفي انتظار تفاعل الحكومة مع هذا النداء، يبقى السؤال القانوني الأبرز مطروحًا:
هل يمكن لأي إصلاح أن يحقق العدالة القطاعية دون احترام مبدأ المشاركة الذي يشكل جوهر الدولة الدستورية الحديثة؟
 
			