صادق مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة. على قرار يحمل رقم 2797، مؤيد لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. معتبرا إياه الحل الأكثر واقعية.
وحث القرار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، على إجراء مفاوضات بين جميع الأطراف، بناء على مقترح الحكم الذاتي.
يمثل هذا القرار نقطة تحول رئيسية في مسار حل نزاع الصحراء المفتعل في الأقاليم الجنوبية من المملكة المغربية. ونهاية حالة توثير الأجواء بالمنطقة من قبل الجزائر لمدة 50 عاما.
ويعتبر هذا اليوم تاريخيا بكل المقاييس. بما يعزز رؤية جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. وعزمه الراسخ على حل النزاع المفتعل في الصحراء بالطرق السلمية.
جاءت عملية التصويت على القرار الأممي بعد خضوعه للمراجعة ثلاث مرات ولمناقشات طويلة داخل مجلس الأمن منذ تقديم مسودته الأولى يوم 22 أكتوبر.
وقد حظي القرار بموافقة 11 صوتا وامتناع 3 عن التصويت، فيما لم يعرف أية معارضة.
جدير بالذكر وعلى عكس ما روجت له وسائل الدعاية الجزائرية فإن “روسيا الاتحادية” لم تسقط القرار بالفيتو. كما ان ممثلي أفريقيا في المجلس، “الصومال” و”سيراليون”. صوتا لصالح القرار. فيما اختار الممثل الثالث للقارة السمراء، والأمر يتعلق بالجزائر، الطرف الرئيسي في النزاع. مقاطعة التصويت كما كان متوقعا.
تجدر الإشارة إلى أن المادة 27 من “ميثاق الأمم المتحدة”، تفرض 9 أصوات على الأقل من أصل 15 صوتا، لإقرار القرار.
وكانت “وكالة الأنباء الدولية”، “رويترز”. قد كشفت أن مجلس الأمن الدولي يستعد للتصويت على مشروع قرار جديد يدعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وذلك باعتباره الحل “الأكثر جدوى وواقعية” لإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، المستمر منذ ما يقارب نصف قرن.
خلفية القرار
يقترح القرار، تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” لمدة عام إضافي. مؤكدا على دعم الجهود السياسية للأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي “ستافان دي ميستورا”. معيدا التأكيد على أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي، المقدمة عام 2007. تشكل “الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية” لحل سياسي دائم ومقبول من جميع الأطراف. وفق ما ورد في صيغ قرارات سابقة لمجلس الأمن، خصوصا القرارين 2602 و2654.
وقد تضمن جدول أعمال الجلسة مناقشة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”. حول مستجدات الملف، مع تقييم أداء بعثة المينورسو.
وكانت “الأمانة العامة للأمم المتحدة” قد قررت تأجيل البرنامج الرسمي لمناقشة ملف الصحراء المغربية الذي كان مقررا الخميس إلى الجمعة. وتعويضه بجلسة خاصة حول تطورات الأوضاع في السودان.
دعم دولي متزايد للمغرب
جاء هذا التحرك في ظل تزايد الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي. حيث جددت “الولايات المتحدة” و”فرنسا” و”بريطانيا” تأييدها الصريح للمبادرة المغربية باعتبارها “حلاً عمليا وواقعيا”. وقد انضمت “إسبانيا” وعدة دول أوروبية لهذا التوجه. مؤكدة على أن الحل السياسي يجب أن يقوم على احترام وحدة التراب المغربي وسيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، قد قال، في وقت سابق: “موقفنا من الصحراء المغربية ثابت وواضح: الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية هو الحل الواقعي الوحيد”.
خلفية قانونية ودبلوماسية
يمنح الفصل السادس من “ميثاق الأمم المتحدة”، لمجلس الأمن صلاحية إلزام الأطراف المعنية بالالتزام بالحلول السلمية للنزاعات، في إطار احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.
وفي هذا السياق، دعت القرارات الأممية المتتالية، منذ عام 2007. إلى “حل سياسي واقعي ودائم” لقضية الصحراء المغربية. مستبعدة خيار الاستفتاء الذي لم يعد يحظى بأي إجماع دولي.
انعكاسات القرار على المشهد المغاربي
يرى مراقبون أن القرار الأممي سيمكن من تعزيز الموقف المغربي داخل المنتظم الدولي، في وقت تعرف فيه الدبلوماسية الجزائرية تراجعا ملحوظا على مستوى التأثير الدولي.
ومن المنتظر أن يساهم القرار في توسيع دائرة الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء. خصوصا بعد افتتاح أكثر من 30 قنصلية أجنبية في “مدينتي العيون والداخلة”.
البعد السياسي للمبادرة المغربية
تتيح مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وفق فصولها الـ12. صلاحيات واسعة للجهات الجنوبية في تدبير شؤونها المحلية عبر برلمان جهوي وحكومة محلية. مع احتفاظ الدولة المغربية بالسيادة الكاملة في مجالات الدفاع الوطني والعلاقات الخارجية والعملة.
وينظر إلى هاته المقاربة باعتبارها تجسيدا للجهوية المتقدمة، المنصوص عليها في الدستور المغربي لعام 2011. وبداية لمسار تنموي وديمقراطي متكامل في الأقاليم الجنوبية.
تصويت يعكس تنامي الدعم الدولي للمبادرة المغربية بما يكرس انتقال القضية من منطق النزاع إلى منطق الحل السياسي الواقعي. وهو ما يضع “الجزائر” أمام مسؤولية مراجعة مواقفها التي أصبحت معزولة إقليميا ودوليا.
وسيشكل هذا التصويت في مجلس الأمن خطوة حاسمة في تثبيت الاعتراف الدولي المتزايد بسيادة المغرب على صحرائه. وهو ما يضع “المغرب” أمام انتصار دبلوماسي آخر. وهو ما سيعزز موقعه كقوة استقرار في المنطقة. ويرسخ بالتالي رؤيته في جعل الصحراء المغربية نموذجا للتنمية والجهوية المتقدمة في إفريقيا.