في سابقة قضائية جديدة، قضت المحكمة الإدارية ب”أكادير” بإلغاء النتائج النهائية للسنة الثانية من الأقسام التحضيرية بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، (ENSA)، برسم الموسم الدراسي 2024-2025. وذلك بعد قبول طعن تقدم به أحد الطلبة المتضررين من نتائج الانتقاء، معتبرة أن إعلان النتائج لم يراع الإجراءات القانونية والتنظيمية المعمول بها.
جاء هذا الحكم الحامل لرقم “3753/2025” عن المحكمة الإدارية ب”أكادير”، بتاريخ 22 يوليوز 2025. استجابة لدعوى تقدم بها أحد الطلبة. حيث خلص القضاة إلى بطلان القرار الإداري المتعلق بإعلان النتائج. وأمروا بـإعادة المداولة في النقاط الخاصة بالطالب الطاعن، وفقا لما هو منصوص عليه في الدفتر الوصفي المعتمد قانونيا والمعايير البيداغوجية المتعلقة بنظام المدارس الوطنية للعلوم التطبيقية.
وأكدت المحكمة في تعليلها أن الإدارة انحرفت عن مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وهو ما يشكل خرقا واضحا لمقتضيات دستور 2011 الذي يضمن حق المواطنين في تعليم ذي جودة وعدالة.
إجراءات التنفيذ الاستثنائية
من أجل ضمان تنفيذ الحكم، فرضت المحكمة غرامة تهديدية قدرها 30.000 درهم عن كل ساعة تأخير في التنفيذ. يتم احتسابها من اليوم السابع لتوصل الإدارة المعنية بنسخة من الحكم الصادر. مطالبة بتنفيد الحكم فورا دون انتظار الطعن أو الاستئناف. معللة هذا التوجه بـ “حساسية الملف وتأثيره المباشر على المسار الدراسي للطالب”.
وأوضحت المحكمة أن هذا الإجراء يهدف لحماية المصلحة الفضلى للطاعن، لما للملف من تأثير مباشر على مساره الأكاديمي. مبرزة أن أي تأخير في التنفيذ قد يحدث ضررا لا يمكن جبره.
خلفية قانونية ومؤسساتية
تندرج هذه القضية ضمن سلسلة من الأحكام الإدارية التي تعزز رقابة القضاء على المؤسسات الجامعية. بما يكرس مبادئ الشفافية والمساءلة في تدبير الامتحانات والمداولات.
تجدر الإشارة إلى أنه قد سبق للمحكمة الإدارية ب”الرباط” أن أصدرت عام 2023 حكما مماثلا في قضية تتعلق ب”المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير، (ENCG). اعتبرت فيه أن غياب محاضر المداولات الكاملة يعد إخلالا بمبدأ التتبع الإداري المنصوص عليه في المرسوم المتعلق بالنظام البيداغوجي للتعليم العالي.
ردود الفعل والتداعيات
تفاعلا مع القرار، عبر عدد من الطلبة المتضررين عن ارتياحهم لهذا الحكم. معتبرين أنه يؤسس لسابقة قانونية. فيما اعتبرت آراء أخرى أن هذا الحكم يعزز مبدأ دولة القانون. ويؤكد أن القرارات الجامعية ليست بمنأى عن الرقابة القضائية، خاصة حين تمس بحقوق الطلبة في المساواة وتكافؤ الفرص.
في الجهة المقابلة، لم يصدر أي رد فعل من قبل إدارة “ENSA”، فيما تحدثت مصادرة مقربة بأن الإدارة تدرس خياراتها القانونية، بين الامتثال الفوري للحكم أو تقديم استئناف أمام محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش.
أبعاد وتأثيرات مستقبلية
من المتوقع أن يحدث هذا القرار تغييرات على مستوى طرق التصحيح والمداولات داخل المؤسسات الجامعية التقنية بالمغرب. وأن يعيد النقاش حول حوكمة التعليم العالي وشفافية الامتحانات. كما قد يدفع وزارة التعليم العالي إلى إصدار مذكرات تنظيمية جديدة لضمان احترام المساطر الإدارية وتفادي تكرار مثل هذه النزاعات القضائية.
وبهذا الحكم، يكون القضاء الإداري المغربي قد وجه رسالة قوية للمؤسسات الجامعية. مفادها أن الشفافية والمسؤولية ليست خيارا بل التزاما قانونيا وأخلاقيا. ويبقى التحدي الأكبر في مدى تجاوب الإدارة الجامعية مع القرار وتنفيذه دون تأخير، حفاظا على مصداقية منظومة التعليم العالي.