في خطوة حازمة تروم فرض احترام القانون واستعادة جمالية المدينة. تباشر السلطات المحلية بالملحقة الإدارية الثانية “لالة الياقوت”، منذ أسابيع. أكبر عملية لتحرير الملك العمومي بمقاطعة “درب عمر”. الذي يعتبر أحد أكثر الأحياء التجارية حيوية بمدينة “الدار البيضاء”.
الحملة التي يقودها قائد الملحقة الإدارية بمعية أعوان السلطة وعناصر القوات المساعدة، استهدفت إزالة الاحتلالات العشوائية المنتشرة أمام المحلات التجارية، من “السترات” و”المظلات” و”البيشان” التي غطت واجهات المحلات التجارية لسنوات طويلة. في خرق واضح للقوانين الجاري بها العمل.
تستند هذه الحملة إلى ترسانة قانونية متكاملة تؤطر استعمال الملك العمومي وتنظم الفضاء الحضري، من أبرزها: “القانون رقم 06.19″، المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي. الذي يحدد شروط منح الرخص ومددها. و”القانون رقم 25.90″، المتعلق بالتجهيزات العمومية والتعمير. و”القانون رقم 52.05″، بمثابة مدونة السير على الطرق. التي تمنع وضع أي عوائق أمام حركة المرور أو الراجلين. فضلا عن “الفصل 35 من دستور المملكة المغربية”، الذي يكرس الحق في بيئة سليمة ويلزم السلطات بحماية المرافق العمومية العمومية.
من الفوضى إلى النظام
تأتي هذه التدخلات في إطار رؤية شمولية لإعادة النظام إلى الفضاء العام وتوحيد جمالية الواجهات التجارية. علما أن بعض شوارع “درب عمر” تحولت لمتاهة من العوائق والسلع الممتدة فوق الأرصفة.
وقد أظهرت مشاهد ميدانية وثقتها جريدة “العدالة اليوم” تفاعلا إيجابيا من المواطنين الذين رحبوا بالحملة. معتبرين أنها “أعادت الحياة والتنفس للأرصفة”. علما أن الملك العمومي ملك لجميع المواطنين، لا يمكن لفئة أن تحتكره لمصالحها الخاصة.
تجدر الإشارة إلى أن الدوريات الميدانية تجوب الأحياء بشكل يومي إلى غاية الساعة الحادية عشرة ليلا. ضمانا لتنفيذ القرار وردع المخالفات الجديدة.
الأهداف والآثار الإيجابية
لا تقتصر العملية على الهدم والإزالة، بل تتوخى أيضا تحسين صورة المشهد الحضري وتوحيد تصميم واجهات المحلات. إضافة لتسهيل حركة الراجلين والسيارات في الشوارع الضيقة. فضلا عن استعادة الثقة بين المواطن والإدارة في تطبيق مبدأ المساواة أمام القانون. وتهيئة البنية التحتية لتتماشى مع المشاريع الكبرى لمدينة “الدار البيضاء” ضمن برنامج التنمية الحضرية 2025–2030. فالفضاء العام ليس فقط مجالا ماديا، بل مرآة لثقافة الانضباط واحترام القانون.
سياق أوسع وإرادة مؤسساتية
تنسجم هاته الإجراءات مع التوجيهات الوطنية الرامية إلى الحد من الفوضى الحضرية، خاصة عقب صدور “دورية وزارة الداخلية رقم D-2119/2023″ التي دعت الولاة والعمال ل“تحرير الملك العمومي بصرامة ووفق القانون، مع مراعاة المقاربة الاجتماعية”.
وكانت الوزارة قد أصدرت دوريات مختلفة في موضوع تحرير الملك العمومي، استنادا للقوانين والأنظمة المعمول بها. ضمنها “القانون رقم 19-57″، المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية. ومشاريع قوانين أخرى، ضمنها “مشروع القانون رقم 03.19″، المتعلق بالاستغلال المؤقت للملك العمومي.
جدير بالذكر أن هاته الدوريات تهدف لتنظيم استغلال الملك العمومي ومراقبة احتلاله. مع ضمان عدم استغلاله بشكل غير قانوني. فضلا عن تحفيز السلطات المحلية، وخاصة رؤساء المجالس الجماعية. لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعادة الملك العمومي.
كما تندرج هاته الخطوات أيضا ضمن سياق البرنامج الوطني لتحسين جودة الحياة في المدن الكبرى، الذي تم إطلاقه عام 2024 بتعاون بين وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والإسكان وسياسة المدينة.