مصير مجهول لشابين من “الفنيدق” و”الجديدة” حاولا “الحريك” ل”سبتة” يطلق نداءات استغاثة

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

أطلقت عائلتان مغربيتان من “مدينتي الفنيدق والجديدة” نداءات استغاثة عاجلة للبحث عن اثنين من أبنائهما فقد أثرهما، منذ أكثر من عشرة أيام. بعدما حاولا عبور البحر سباحة نحو “مدينة سبتة المحتلة”، في ظروف غامضة تثير القلق والمخاوف من وقوع الأسوأ.

وحسب معطيات متطابقة توصلت بها جريدة “العدالة اليوم”، فإن الشابين “حسام العيناني”، (18 عاما)، من “مدينة الفنيدق”. و”مروان مياك”، (22 سنة)، من “مدينة الجديدة”. اختفيا في محاولتين منفصلتين لعبور البحر، في مشهد يعيد إلى الواجهة تفاقم ظاهرة “الهجرة السرية سباحة” التي تستقطب شبابا يائسا من غياب فرص العمل والعيش الكريم.

رحلة نحو المجهول وأفق “حسام” في رحلة الغموض

غادر الشاب “حسام العيناني”، البالغ من العمر 18 عاما. منزل عائلته الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 رفقة صديق له باتجاه “سبتة” عبر البحر.

ووفق إفادات أسرته، فقد تمكن صديقه من الوصول إلى الضفة الأخرى فيما انقطعت أخبار “حسام” منذ تلك اللحظة.

وأكدت العائلة أنه لم يكن يحمل أي وثيقة تعريفية، مما يعقد عملية البحث عنه. وقد وجهت الأسرة نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة السلطات المغربية والإسبانية ببذل المزيد من الجهود لكشف مصيره.

“مروان” من الجديدة.. غادر بحثا عن الفردوس فانقطعت أخباره

اختفى “مروان مياك”، البالغ من العمر 22 عاما، المنحدر من “مدينة الجديدة”. هو الآخر بعد محاولته عبور البحر نحو “سبتة” مرتديا بذلة غوص سوداء وبنطالا يحمل كتابات بيضاء.

وأكدت أسرته أنها فقدت الاتصال به منذ مغادرته الساحل، دون تحديد نقطة الانطلاق بدقة. وهو ما زاد من صعوبة البحث.

وأطلقت الأسرة نداء استغاثة عبر وسائل الإعلام والمجتمع المدني، مطالبة السلطات المغربية والإسبانية بالتدخل لكشف مصيره.

المرجعية الإطار ورحلة البحث عن المستقبل الغامض

يعتبر فعل محاولة الهجرة غير النظامية مخالفة لقانون دخول وإقامة الأجانب والهجرة غير الشرعية الذي يجرم محاولات عبور الحدود بدون ترخيص رسمي. تستوجب العقاب تبعا للقانون. كما أن اتفاقية “باليرمو” لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تنص على مكافحة تهريب المهاجرين.

وعلى الرغم من الطابع الزجري للنصوص القانونية، تؤكد منظمات حقوقية أن الجانب الإنساني يجب أن يظل محور المعالجة. وذلك عبر نهج سياسات إدماج اجتماعي واقتصادي تستهدف الفئات الهشة والشباب العاطل عن العمل.

هجرة سباحة نحو المجهول

تزايدت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة “الحريك البحري” سباحة نحو “سبتة” و”مليلية”، خصوصا في صفوف القاصرين والشباب العاطلين عن العمل المنحدرين من مدن الشمال المغربي، خاصة “الفنيدق”، “تطوان” و”المضيق”.

تأتي هاته الحادثة لتنضاف لسلسلة محاولات أخرى خطيرة للعبور يلجأ إليها شبان مغاربة بحثا عن مستقبل أفضل في أوروبا، عبر مسارات بحرية محفوفة بالمخاطر.

وتفيد شهادات محلية إلى أن عددا من هؤلاء الشبان يتحدون التيارات البحرية القوية وسوء الأحوال الجوية. ما يؤدي في كثير من الحالات إلى حوادث غرق أو اختفاء غامض.

وتبرز إحصائيات المرصد الوطني للهجرة لعام 2024، إلى أن ما يقارب 350 محاولة عبور سباحة تم تسجيلها بين يناير وشتنبر من عام 2024. ضمنها 47 حالة اختفاء لم يتم تحديد مصيرها بعد.

كما كشفت بيانات منظمة الهجرة الدولية، (IOM)، أن أكثر من 300 مهاجر مغربي لقوا حتفهم أو تم اعتبارهم مفقودين خلال محاولات الهجرة غير النظامية عبر البحر خلال السنوات الخمس الأخيرة.

يعكس ما يحدث مأساة اجتماعية وإنسانية صامتة. لأن هؤلاء الشباب لا يهربون من الوطن، بل من انسداد الأفق وفقدان الأمل في غدٍ أفضل. ولا تزداد الظاهرة إلا تفاقما بسبب غياب بدائل اقتصادية حقيقية في مناطق الشمال. وهو ما يقتضي إطلاق استراتيجية وطنية شاملة للهجرة الداخلية والتشغيل المحلي.

آراء مختصين في مآسي الشمال

يرى خبراء أن هذه الحوادث ليست مجرد وقائع فردية، بل مؤشرات اجتماعية خطيرة تنذر بضرورة مراجعة السياسات العمومية المتعلقة بالشباب والتشغيل. لا سيما في المناطق الحدودية التي تعرف هشاشة اقتصادية متزايدة.

كما يعكس تصاعد هذه الظاهرة تناقضا بين الحلم الأوروبي والواقع المحلي. حيث يتحول البحر إلى “معبر يائس” يجسد فقدان الثقة في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسات العمومية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.