تسجيل أرقام مقلقة حول ارتفاع نسب الهدر المدرسي الإعدادي بالمغربوست جهات تتصدر

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

كشفت معطيات رسمية حديثة مؤشرات مقلقة لظاهرة الهدر المدرسي في الإعداديات المغربية خلال الموسم الدراسي 2025-2026. حيث أظهرت الأرقام تفاوتات جهوية كبيرة.

ووفق الإحصائات المقدمة فقد تصدرت ست “أكاديميات جهوية للتربية والتكوين” ترتيب الجهات الأكثر تضررا من الانقطاع المبكر عن الدراسة. وذلك على الرغم من الجهود الحكومية المبذولة في إطار الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي 2022-2026.

وتبرز الأرقام المقدمة أن معدل الهدر المدرسي لا يزال مرتفعا في عدد من المديريات الإقليمية رغم الإجراءات الوقائية المتخدة. إذ تم تسجيل نسب تجاوزت المعدل الوطني في ست جهات كبرى. وهو ما يعكس استمرار التحديات المرتبطة بضعف المواكبة الأسرية، صعوبات النقل والتفاوتات الاجتماعية والمجالية.

ووفق بيانات تم تقديمها خلال لقاء رسمي ب”وزارة التربية الوطنية”، فإن نسب الانقطاع عن الدراسة في بعض المديريات الإقليمية تجاوزت المعدل الوطني البالغ 1.35%. وهو ما يثير مخاوف تربوية واجتماعية عميقة بشأن نجاعة برامج المواكبة والدعم الموجهة لتلاميذ السلك الإعدادي.

تفاصيل المعطيات الرقمية والتفاوتات الجهوية

تشير المؤشرات التربوية أن ست أكاديميات من أصل 12 سجلت نسبا تفوق المعدل الوطني. مع تركز الانقطاع في المناطق القروية والجبلية تحديدا. حيث يعاني التلاميذ من صعوبات النقل المدرسي وضعف البنية التحتية وغياب الدعم الأسري المنتظم.

 ووفق آخر الإحصائيات التي تم تقديمها في لقاء رسمي بالوزارة.،والمتعلقة تحديدا ب”إعداديات الريادة” المحتضنة لمشروع تراهن عليه الحكومة في رؤيتها الإصلاحية 2022/2026. فقد بلغت نسبة الهدر ما يناهز 16 ألف تلميذ على صعيد عدد من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

وتتصدر لائحة الجهات الأكثر تعرضا للهدر المدرسي “جهة درعة تافيلالت” متبوعة ب”جهة سوس ماسة” ف”جهة بني ملال – خنيفرة”. فضلا عن “جهة مراكش – آسفي” تليها “جهة الشرق” ف”جهة فاس – مكناس”.

وتبعا لهاته الأرقام المقلقة المقدمة فقد طالبت الوزارة الجهات 12 بتكثيف حملتها التواصلية لاسترجاع التلاميذ المنقطعين عن الدراسة. وصولا لتحقيق المعدل الوطني.

التعليم كحق ومسؤولية الدولة

ينص الفصل 31 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 على: وجوب ضمان السلطات عدة حقوق أساسية. ضمنها الحق في العلاج والرعاية الصحية والولوج إلى التعليم والسكن وتنمية الثقافة والرياضة. كما يحدد نفس الفصل إطارا لسياسات الدولة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. مؤكدا على دورها في تعبئة كل الوسائل لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة. من الحق في التعليم.

كما يؤكد القانون على دور مؤسسات الدولة في محاربة الهدر المدرسي وضمان إلزامية التعليم إلى حدود سن 16 سنة. مع تحميل الأسر والسلطات التربوية المحلية مسؤولية التتبع والمواكبة.

الأسباب البنيوية والاجتماعية للهدر المدرسي

على الرغم من إطلاق برنامج “تيسير” و”مشروع الريادة التربوية” و”مبادرة مليون محفظة”. فإن ظاهرة الهدر المدرسي لا تزال هيكلية وبنيوية. متأثرة بعدة عوامل أبرزها: الفقر والهشاشة الأسرية، حيث تضطر عائلات كثيرة إلى إيقاف تمدرس أبنائها بسبب التكاليف المعيشية. إضافة لمشكل النقل المدرسي الضعيف في المناطق النائية. فضلا عن غياب التحفيز التربوي المحدود داخل المؤسسات وضعف التوجيه والإرشاد النفسي والتربوي.

فالهدر المدرسي لم يعد ظاهرة تربوية فقط. بل أصبح قضية تنموية واجتماعية بامتياز. وهو ما يتطلب تدخلا منسقا بين القطاعات الوزارية والمجتمع المدني. فكل طفل يغادر المدرسة دون إتمام تعليمه هو فشل جماعي للدولة والمجتمع. 

ويربط خبراء التربية استمرار الهدر المدرسي بـ”ضعف الاندماج بين المدرسة وواقع المجتمع”. حيث يتم النظر إلى التعليم أحيانا كعبئ وليس كاستثمار مستقبلي. مبرزين أن نجاح الإصلاح رهين بمدى قدرة الحكومة على ربط المدرسة بالحياة اليومية. فضلا عن تحديث المناهج بما يتلاءم مع الذكاء الصناعي وسوق الشغل الجديد.

وأوضح تقرير صادر عن “منظمة اليونسكو” عام 2024، أن المغرب يصنف ضمن الدول التي “تواجه تحديات متوسطة إلى عالية في الاحتفاظ بالمتعلمين داخل النظام الدراسي الإعدادي”. داعية إلى سن سياسات تحفيزية مبتكرة تشمل منحا مالية مشروطة بالحضور. فضلا عن برامج تعليم مدمج تراعي واقع المناطق القروية.

فمؤشرات الهدر المدرسي في المغرب تدق جرس إنذار تربوي. وهو ما يستدعي تعبئة وطنية عاجلة، تجمع الوزارة، الأسر والمجتمع المدني. وذلك من اجل ضمان حق كل طفل في تعليم آمن ومتكافئ. فالتحدي الأكبر، اليو، لم يعد في بناء المدارس فقط، بل في الحفاظ على التلاميذ داخلها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.