صادم من الرباط: مهاجر إفريقي يصعد أعلى القطار ويعرض حياته ومرتادي المحطة للخطر

عبد الصمد عبد المغيث

عبد الصمد عبد المغيث

 

شهدت محطة القطار “الرباط المدينة”، أمس، حادثة غريبة ومثيرة للقلق. بعدما صعد مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء أعلى أحد القطارات كان متوقفا بالمحطة في ظروف لا تزال غامضة. واضعا نفسه في مواجهة تيار كهربائي عالي الجهد. ومعرضا حياته وسلامة الآخرين لخطر محدق.

وقد سارعت عناصر الأمن التابعة للمكتب الوطني للسكك الحديدية، (ONCF) بمعية رجال الشرطة. إلى التدخل الفوري من أجل احتواء الوضع، وسط حالة استنفار أمني وتجمهر المسافرين. بعد أن تسبب الحادث في تعطيل مؤقت لحركة القطارات.

تدخل لم يمر بسلام بعدما اعتدى المهاجر على العناصر السككية بعنف. وهو ما عرض سلامتهم للخطر وأجبرهم على اتخاذ خطوات أكثر حذرا لتجنب أي إصابات محتملة.

تفاصيل الواقعة وتدخل السلطات

وفقا لشهود عيان، فقد بدأ الحادث حوالي الساعة التاسعة صباحا، بعدما صعد المهاجر بطريقة مفاجئة لسطح القطار دون أي مبرر واضح.

وأوضح أحد العاملين بالمحطة أن “المعني بالأمر كان في حالة اضطراب نفسي واضح. وظل يصرخ بكلمات غير مفهومة قبل أن يستقر فوق القطار”.

عناصر الأمن الخاص بالمحطة، مدعومة برجال الشرطة. حاولت إقناعه بالنزول حفاظا على سلامته، إلا أنه أبدى مقاومة عنيفة. حيث قام بركل عناصر التدخل محاولا منعهم من الاقتراب منه. وهو ما صعب عملية الإنزال الآمني وأجبرهم على اتخاذ خطوات حذرة لتفادي وقوع إصابات أو تماس كهربائي قاتل.

وأفاد مصدر من “المكتب الوطني للسكك الحديدية” بأن التيار الكهربائي تم قطعه احترازيا عن السكة الرئيسية لحماية الجميع. مضيفا أن العملية انتهت بسلام بعد تدخل فرق الإنقاذ التي نجحت في السيطرة على الموقف. حيث تم نقل المهاجر لأحد المراكز الأمنية للتحقيق معه في ملابسات الواقعة.

الخلفية القانونية للحادث

يعتبر هذا الفعل خرقا للقانون الجنائي المغربي، الذي يجرم كل فعل من شأنه تهديد السلامة العامة أو تعطيل مرفق عمومي.

ووفق الفصل 591 من القانون الجنائي، المتعلق بعرقلة المرور على الطرق العمومية. فإن “من يضع شيئا يعيق حركة النقل أو يستعمل وسيلة لعرقلة السير بغرض التسبب في حادث. يعاقب بالسجن من 5 إلى 10 سنوات. وإذا نتج عن هذه العرقلة قتل إنسان أو إصابة بجروح أو عاهة مستديمة، تشدد العقوبة إلى الإعدام في حالة القتل، وإلى السجن من 10 إلى 20 سنة في الحالات الأخرى.

الخلفية الاجتماعية والإنسانية للحادث

تكشف الحادثة، وفق خبراء في الشأن الاجتماعي، عن واقع الهشاشة النفسية والاجتماعية التي يعيشها عدد من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة في المدن الكبرى. مع صعوبة اندماجهم ومعاناتهم من البطالة ومشاكل السكن.

وفي هذا السياق، أكدت جمعية “مسارات إنسانية” للدعم النفسي والاجتماعي للمهاجرين أن مثل هذه السلوكات “غالبا ما تكون نتيجة ضغط نفسي شديد أو فقدان للأمل”. داعية السلطات إلى تعزيز برامج المواكبة النفسية والاجتماعية للمهاجرين غير النظاميين.

فالواقعة مؤشر على أزمة إنسانية صامتة يعيشها عدد من المهاجرين الذين يعانون من التهميش واللااستقرار النفسي والاجتماعي.

تعطيل حركة السير لدقائق

في بلاغ رسمي مقتضب، أكد “المكتب الوطني للسكك الحديدية” أن مصالحه تدخلت وفق “المقتضيات الأمنية المعمول بها”. وقد تم تعليق حركة القطارات لدقائق محدودة فقط حفاظا على السلامة العامة، مشيرا إلى أن التحقيق جار بتنسيق مع المديرية العامة للأمن الوطني لتحديد دوافع الفعل.

تكشف هذه الواقعة عن تحد مزدوج بين الجوانب الأمنية والاجتماعية في تدبير قضايا المهاجرين. فمن جهة، هو حادث يهدد السلامة العامة ويعرقل حركة النقل. ومن جهة أخرى، تعبير مؤلم عن معاناة فئة تعيش على هامش النظام الاجتماعي، تحتاج إلى مقاربة إنسانية متعددة الأبعاد، تجمع بين القانون والحماية النفسية وإدماج المهاجرين.

ويعيد الحادث إلى الواجهة ضرورة تطبيق مقتضيات “القانون رقم 02.03″، المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية. الهادف لتنظيم شروط الدخول والإقامة، ومكافحة الهجرة غير المشروعة، وملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية. والذي يتضمن شروط دخول الأجانب عبر الحدود، وأنواع بطاقات الإقامة، مثل بطاقة التسجيل وبطاقة الإقامة، وإجراءات طلبات الإقامة. إضافة لآليات مكافحة الهجرة السرية، والعقوبات المترتبة على المخالفات. إلا انها تستوجب المراجعة لتأخد بعين الاعتبار تعزيز المقاربة الوقائية والإنسانية لتفادي تكرار مثل هذه التصرفات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.