إعلان التعبئة النقابية الشاملة لمواجهة الهشاشة الأجرية وتعديل قانون المجلس الوطني للصحافة

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

في سياق وطني يتسم بتوتر اجتماعي ومهني داخل القطاع الإعلامي. عقدت “النقابة الوطنية للصحافة المغربية”، يومه السبت 1 نونبر 2025. اجتماعا لمجلسها الوطني الفيدرالي في دورته الثالثة، تحت شعار: “مستمرون ومعبؤون في الدفاع عن المهنة والمهنيين”. والذي أكد على استعداد النقابة لتنظيم وقفات احتجاجية أما المصالح المعنية. وذلك بغاية تسليط الضوء على واقع الهشاشة الذي يعيشه القطاع وغياب العدالة الاجرية وسياسة الاستفراد بمصير القطاع في تغييب لادستوري لممثلي الصحافيين والصحافيات. واصفا مشروع القانون المقدم للبرلمان بالتراجعي عن المكتسبات المحققة والمستهدف للصحافة.

يأتي هذا الاجتماع تزامنا مع القرار الأممي التاريخي حول قضية الصحراء. الذي يعتبر “لحظة فارقة” و”انتصارا للوحدة الترابية”.

وفي هذا السياق، ثمن المجلس الوطني الفيدرالي هذا القرار التاريخي. مؤكدا أن الإعلاميين يشعرون بالفخر بهذا الانتصار بعد سنوات من الكفاح الإعلامي ضد الآلة الانفصالية.

وجدد الاجتماع موقف النقابة من عدد من الملفات الكبرى. أبرزها هشاشة الأجور ومشروع “القانون رقم 25.26″، المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة. إلى جانب المرسوم الحكومي الجديد الخاص بالدعم العمومي. 

وحدة من أجل مواجهة تحديات القطاع 

خلال الجلسة، استعرض رئيس “النقابة الوطنية للصحافة المغربية”، في كلمة القاها باسم المكتب التنفيذي. أنشطة النقابة. مبرزا أن القطاع يعيش “لحظة حاسمة وفارقة” ويواجه “نزعة الاستفراد بالقرارات وتآكل التشاور المؤسساتي”.

وسلط المجلس الضوء على الأوضاع المادية والمهنية للعاملين. داعيا للالتفات للقطاع الذي يعيش وضعية الهشاشة. نتيجة التوقف النهائي عن الزيادة في الأجور لعقود وغياب العدالة الأجرية.

هشاشة في الأجور مع استمرار أزمة القطاع 

اعتبر رئيس “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” أن الوضع المهني للصحفيين “يعيش لحظة حاسمة وفارقة”. في ظل ما وصفه بـ“تآكل القدرة الشرائية وتآكل التشاور المؤسساتي داخل القطاع”. مضيفا أن النقابة “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استمرار الهشاشة وغياب العدالة الأجرية”.

ووجه المجلس الوطني الفيدرالي الدعوة للحكومة للإسراع بالانتقال لنظام دعم يسمح بتنفيذ الاتفاقية الجماعية المحينة، كشرط رئيسي للاستفادة من الدعم. مع تكليف المكتب التنفيذي بإطلاق سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام المقرات الحكومية المعنية، للمطالبة بتحسين الأوضاع المادية والمهنية لعموم العاملين بالقطاع.

وحذر الاجتماع من مرسوم الدعم المكرس للإقصاء والتمييز وتغييب ممثلي النقابة والمهنيين عن المشاورات.

مواجهة مشروع القانون رقم 25.26  

توقف المجلس الوطني الفيدرالي عند مشروع “القانون رقم 25.26″، المتعلق بإعادة تنظيم “المجلس الوطني للصحافة”. مثمنا مواقف النقابة في مواجهة هذا المشروع التراجعي عن مكتسب التنظيم الذاتي. داعيا لمواصلة التعبئة واليقظة في مواجهة المشروع الذي جاء خارج فلسفة الدستور. مفوضا للمكتب التنفيذي صلاحية إدارة الملف حتى تحقيق التعديلات.

إدانة لجرائم الاحتلال “الإسرائيلي” ضد الصحفيين الفلسطينيين 

على الصعيد الدولي. أعرب المجلس عن انشغاله وغضبه لتزامن اجتماعه اليوم مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، (2 نونبر). مذكرا بالواقع المأساوي للصحفيين الفلسطينيين نتيجة استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي المرتكبة، خاصة في قطاع غزة. مؤكدا انخراط النقابة في كافة المبادرات التضامنية ودعم جهود توثيق الانتهاكات ونقلها إلى الهيئات القانونية الدولية.

تضامن نابع من كون أن النضال من أجل كرامة الصحفي المغربي لا ينفصل عن الدفاع عن حرية الصحافة في فلسطين. لأن القلم الحر لا يمكن تكميمه في “الرباط” ولا في “غزة”.

سياق الاجتماع

يندرج هذا الاجتماع في سياق قانوني حساس. بعد إعلان الحكومة نيتها تعديل الإطار التشريعي المنظم للمجلس الوطني للصحافة. المتمثل في “المرسوم رقم 2.16.483″، الصادر بتاريخ 4 غشت 2016. المحدث للمجلس الوطني للصحافة والنشر كهيئة مستقلة لتنظيم المهنة.

جدير بالذكر أن القانون المذكور نص على أن المجلس جهاز مستقل مكلف بضمان حرية الصحافة والصحافة الملتزمة أخلاقيا. مع ضمان حماية حرية الصحافة وتعزيز التعددية الإعلامية.

تجدر الإشارة إلى أن مشروع “القانون رقم 25.26″، الذي لاقى رفضا نقابيا ومهنيا. يروم لإدخال تعديلات جوهرية على نظام عمل المجلس. وهو ما تعتبره النقابة “تراجعا خطيرا عن فلسفة التنظيم الذاتي واستقلالية الهيئات المهنية المنصوص عليها في الفصل 28 من دستور المملكة”.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الفصل الدستوري يكفل حرية الصحافة ويمنع الرقابة القبلية. مقرا بحق الجميع في التعبير ونشر الأخبار والأفكار والآراء بحرية، ما لم ينص القانون صراحة على خلاف ذلك. كما ينص على تشجيع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة بشكل مستقل. وعلى وضع قواعد قانونية وأخلاقية له.

كما أن هذا الحراك المهني يأتي في سياق نقاش وطني أوسع حول إصلاح الإعلام العمومي ومراجعة الدعم الموجه للصحافة الخاصة.

إطلاق معارك نضالية في مواجهة واقع الهشاشة ورفضا لمشروع القانون رقم 25.26

أعلن المجلس عن إطلاق سلسلة من الوقفات الاحتجاجية أمام مقرات حكومية، دفاعا عن تحسين الأوضاع المادية والمهنية. محذرا من خطورة “المرسوم الحالي الذي يكرس الإقصاء ويغيب ممثلي النقابة والمهنيين عن المشاورات”.

وأوضح البيان الصادر عن المجلس الوطني الفيدرالي في الموضوع، والذي تتوفر الجريدة على نسخة منه. أن النقابة ترفض مشروع القانون المطروح للتصديق أمام البرلمان. معتبرة إياه تراجعا عن مكتسبات دستور 2011، الذي أقر مبدأ التنظيم الذاتي للمهنة.

وأكد المجلس، أن المشروع “جاء خارج فلسفة الدستور وخارج المنهجية التشاركية”. مفوضا للمكتب التنفيذي صلاحية إدارة الملف إلى حين التوصل إلى تعديلات تضمن استقلالية المجلس ومهنية قراراته.

واقع يعكس إرادة “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” في التصدي للمخططات التي تستهدف القطاع والتي تروم إلى جعل الصحافة إدارة تابعة للحكومة. لا مهنة حرة تخضع لضوابطها الأخلاقية والقانونية الخاصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.