تصاعدت حدة التوتر داخل إقامة “Les Roses” ب”حي فرانس فيل 2″ في “الدار البيضاء”. بعد أن تقدم عدد من السكان بشكاية جماعية ضد مالك “الشقة رقم 2 بالطابق الأرضي”. متهمين إياه بارتكاب خروقات عمرانية خطيرة والاعتداء على الملك العام عبر إحداث تغييرات غير قانونية في تصميم البناية واستغلال الرصيف لأغراض شخصية.
وأكدت الشكاية، التي توصلت بها جريدة “العدالة اليوم”. أن المعني بالأمر قام بفتح باب جديد دون سند قانوني، لا وجود له في التصميم الهندسي للعمارة. مع إبقائه مفتوحا بشكل دائم ليلا ونهارا وهو ما يسبب إزعاجا وعرقلة لحركة السكان.
تفاصيل الخروقات الميدانية
وفق إفادات السكان، فإن المخالفات لم تقف عند حدود فتح الباب غير المرخص فقط. بل شملت أيضا الاستحواذ الكامل على الرصيف العمومي المحاذي للبناية. حيث تم تسييجه بسياج حديدي وبالتالي تحويله لمخزن للمتلاشيات والأغراض الشخصية. إضافة لقيامه بنشر الغسيل والجلوس أمام أبواب الشقق الأخرى في مشهد اعتبره المشتكون “مخلا بجمالية الإقامة ومقلقا للسكينة العامة”.
كما أشارت الشكاية إلى أن المشتكى به يربي كلابا على الرصيف العام. وهو ما يشكل خطرا مباشرا على سلامة الأطفال وإزعاجا متواصلا للساكنة بسبب النباح والروائح الكريهة المنبعثة. في خرق واضح لمقتضيات القانون المنظم.
خروقات تعميرية واضحة
يعتبر ما أقدم عليه المشتكى به خرقا صريحا ل”المادة 63 قانون التعمير رقم 12.90″. الذي ينص على أن: “كل بناء أو تعديل أو تغيير في معالم بناية يتم دون رخصة أو خلافا للتصميم المصادق عليه يعتبر مخالفة يعاقب عليها القانون”.
فإحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو القيام بأعمال بناء لها دون الحصول على الإذن المطلوب هو مخالفة. حيث تفرض هذه المادة أن رخصتي البناء والتجزئة ضروريتان لضمان الامتثال لقوانين التعمير وتنظيم المجال العمراني.
كما تنص “المادة 66 من ذات القانون” على أنه يمكن للسلطة الإدارية المحلية إصدار أمر فوري بإيقاف الأشغال وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه على نفقة المخالف. مع إمكانية اللجوء إلى القضاء الزجري في حالة الامتناع.
وتؤكد على ضرورة إجراء معاينة للمخالفات وتحرير المحاضر وتوجيهها إلى الجهات المختصة. كما تتيح للمراقب القيام بمهامه تلقائيا أو بناء على طلب السلطة الإدارية المحلية، رئيس المجلس الجماعي، مدير الوكالة الحضرية، أو تقديم شكوى من طرف أي شخص. مع تحديد مدة 3 أيام لمعاينة المخالفات داخل المحلات المعتمرة بعد الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة.
كما تحدد ذات المادة أن المخالفات التي يعاينها المراقب يجب تحرير محضر بشأنها وفقا للمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية. ويجب توجيه أصل المحضر ونسختين منه إلى وكيل الملك في أجل أقصاه ثلاثة أيام من تاريخ المعاينة. مع إرفاق جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالمخالفة.
ردة فعل السكان والسلطات المحلية
الساكنة تقول: إنها تقدمت بشكايات متكررة لقائد الملحقة الإدارية “الواحة”. لكنها لم تلمس أي تدخل فعلي، وكأن القانون لا يطبق على الجميع. وأضافت: إن ما يقوم به هذا الشخص هو احتلال فعلي للملك العام. والسلطات المحلية تتفرج.
وأمام ما وصفوه بـ”التقاعس الإداري”، توجهت الساكنة بنداء مفتوح لعامل “عمالة مقاطعات أنفا”، “عبد الخالق مرزوقي”، قصد التدخل العاجل لتفعيل القانون وإنصاف المتضررين.
إشكالية الخروقات التعميرية في المدن الكبرى
تأتي هذه الواقعة في سياق تصاعد المخالفات العمرانية في كبريات المدن المغربية، خصوصا في “الدار البيضاء”. التي تسجل العديد من المخالفات سنويا وفق تقرير المديرية العامة للجماعات الترابية لعام 2024. ويعزى هذا الارتفاع إلى ضعف المراقبة الميدانية وتراخي بعض السلطات في تفعيل القانون رغم صرامة مقتضياته.
ويرى خبراء في المجال أن تساهل السلطات مع المخالفين يقوض مبدأ سيادة القانون ويخلق بالتالي حالة من الفوضى العمرانية التي تهدد جمالية المدينة وسلامة السكان. علما أن لا يجب اعتماد أسلوب الانتقائية في تطبيق القانون. فمن لا يحترم الملك العام يعتدي على حق المجتمع كله. كما ان حماية المجال العمراني ليست مجرد تقنية هندسية، بل مسؤولية أخلاقية ووطنية. والسكوت على مثل هاته الخروقات يشجع على الفوضى. وبالتالي فعلى الإدارة المحلية أن تتحمل مسؤوليتها في فرض احترام القانون.
وهكذا ووفق المقتضيات القانونية، يحق للسلطات المحلية، ممثلة في قائد المقاطعة أو رئيس الجماعة، إصدار قرار إداري فوري بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه. كما يمكنه أن يوجه أمرا للمخالف لإصلاح المخالفة في مدة لا تقل عن 10 أيام ولا تتجاوز شهرا، إذا كانت المخالفة قابلة للإصلاح. في حال لم يمتثل المخالف، تتولى السلطة الإدارية المحلية إصدار أمر بالهدم وتتولى القيام به على نفقة المخالف إذا لم ينفذ الهدم في الأجل المحدد. مع إمكانية فرض غرامة مالية.
وفي حال ثبوت الاعتداء على الملك العام، يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 609 من القانون الجنائي الذي يعاقب كل من “استولى على جزء من الطريق العمومي أو ضايق استعماله” بالحبس من شهر إلى سنة.