شهدت مدينة “الدار البيضاء”، ليلة السبت – الأحد، تنظيم حملات أمنية نفذتها مصالح “ولاية أمن الدار البيضاء”. مستهدفة السلوكيات الخطيرة المرتبطة بما يعرف بـ”السياقة الاستعراضية”.
وقد أسفرت هاته العملياتعن توقيف 30 شخصا بشبهة التورط في أعمال سياقة متهورة بشكل فردي أو جماعي، متسببة في عرقلة حركة السير ومشكلة خطرا مباشرا على مستعملي الطريق.
ووفقا لمصدر أمني، فقد تم ضبط الموقوفين في حالة تلبس بممارسة حركات استعراضية بواسطة دراجات نارية وسيارات معدلة في عدد من الشوارع الرئيسية. وهي السلوكيات الموثقة عبر كاميرات المراقبة وشهادات ميدانية، قبل أن تتدخل الفرق الأمنية لاحتواء الوضع بسرعة.
مخالفات متنوعة وإحالات على القضاء
تفيد المعطيات الأولية ذات الصلة بالبحث القضائي المنجز أن بعضا من هؤلاء الموقوفين رفضوا الامتثال لتعليمات الشرطة. فيما قام آخرون بإهانة موظفين عموميين أثناء أدائهم لمهامهم. وهو الفعل الذي يعاقب عليه القانون بموجب “الفصل 263 من القانون الجنائي المغربي”، الذي ينص على معاقبة كل من قام بفعل إهانة موظف عمومي أثناء ممارسة مهامه أو بسببها، بالسجن من شهر إلى سنتين وغرامة مالية تتراوح بين 250 و5000 درهم. وتشمل الإهانة أي فعل يمس بشرف الموظف أو شعوره أو الاحترام الواجب لسلطته. ويمكن أن يشمل ذلك الأقوال أو الإشارات أو التهديدات أو إرسال الأشياء.
كما أوضحت الوقائع أن بعضا منهم كانوا تحت تأثير الكحول أو المخدرات أثناء القيادة. فضلا عن حيازتهم لأسحة بيضاء ومؤثرات عقلية. وهو ما يشكل جنحة خطيرة وفق “المادة 183 من مدونة السير”، المتعلقة بالسياقة تحت تأثير الكحول أو المخدرات. والتي تشمل الحبس من 6 أشهر إلى سنة وغرامة من 5000 إلى 10000 درهم. أو إحدى هاتين العقوبتين فقط. فضلا عن سحب رخصة السياقة لمدة تتراوح بين 6 أشهر وسنة. وفي حالة العود إلى ارتكاب المخالفة، تتضاعف العقوبات.
حجز المركبات وإجراءات قانونية صارمة
أسفرت العمليات الأمنية عن حجز 60 مركبة تم استعمالها في تنفيذ هذه المخالفات. وقد تم إيداعها بمستودعات بلدية بناء على قرارات رسمية صادرة عن النيابة العامة.فيما تم وضع المشتبه فيهم تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة. في انتظار عرضهم على الجهة القضائية المختصة لتحديد المسؤوليات والجزاءات المترتبة.
السياقة الاستعراضية بين الردع والوقاية
تخضع مخالفات السياقة الاستعراضية والخطرة لمقتضيات “القانون رقم 52.05″، المتعلق ب”مدونة السير على الطرق”. خاصة “المواد 183 و194 و195″، التي تجرم كل تصرف “يعرض حياة الأشخاص أو ممتلكاتهم للخطر عن قصد أو تهور”. تتعلق المواد 183 و194 و195 من مدونة السير المغربية رقم 52.05 بقضايا تتعلق بالمراقبة الطرقية والوثائق اللازمة. حيث تحدد المادة 183 شروط إجراء فحص الكحول. كما تتضمن المادة 194 قائمة بوثائق المركبة التي يجب على الأعوان طلبها عند المراقبة. فيما توضح المادة 195 هامش السرعة المسموح به لتجاوز سرعة معينة. فضلا عن القواعد المنصوص عليها في “المادة 185 من المدونة نفسها”.
خطة أمنية شاملة لولاية أمن الدار البيضاء
تأتي هذه العملية في إطار الخطة الأمنية الجديدة التي أطلقتها “ولاية أمن الدار البيضاء”، بهدف التصدي للسلوكيات المتهورة في السياقة وتعزيز الأمن الطرقي. والتي تعتمد على الانتشار الميداني للوحدات المتنقلة واستخدام كاميرات المراقبة الذكية. إضافة إلى تفعيل التنسيق بين الفرق المرورية والنيابات العامة لتسريع مساطر الزجر.
ووفق مصدر امني فإن هاته الحملات ستستمر بشكل دوري، خصوصا خلال عطلة نهاية الأسبوع. مضيفا أن “المديرية العامة للأمن الوطني” تعمل على تطبيق القانون بصرامة لضمان أمن المواطنين وسلامة الممتلكات.
ويرى خبراء في المجال أن هاته الحملات الزجرية يجب ان ترفق بحملات تحسيسية وتربوية تستهدف السائقين الشباب. مبرزين أن المقاربة القانونية لوحدها لا تخلق الوعي المجتمعي بل تحتاج لمواكبة ثقافية وسلوكية.
تجدر الإشارة إلى ان المعطيات الميدانية تقدم ارقاما مخيفة في مجال حوادث السير. والتي وصلت خلال عام 2024 إلى أزيد من 143.000 حادثة سير في المغرب. تسببت في حوالي 4.024 حالة وفاة، أي بزيادة تقدر ب16.22% مقارنة مع العام الذي سبقه.
ويؤكد خبراء السلامة الطرقية أن هاته الأرقام المخيفة “تدق ناقوس الخطر”. خاصة مع تزايد استعمال الدراجات النارية القوية من طرف شباب غير متمرسين.
تشكل هاته الحملات الأمنية خطوة مهمة نحو فرض احترام القانون وضبط السلوكيات المنحرفة على الطريق. لكنها تطرح في المقابل سؤالا أعمق حول دور المجتمع في ترسيخ ثقافة السلامة وضرورة إشراك المدارس والجمعيات في بناء وعي مروري مسؤول. لأن القانون يحمي الجميع إلا أن الوعي هو الذي يضمن النجاة.