شرعت السلطات المحلية ب”عمالة مقاطعات أنفا”، الثلاثاء الماضي. في تنفيذ القرارات الولائية الصادرة ضد عدد من مقاهي الشيشة المنتشرة وسط “مدينة الدار البيضاء”. وذلك في إطار حملة أمنية وإدارية واسعة استهدفت الأنشطة غير القانونية التي تمس الصحة العامة والنظام العام.
وبحسب مصادر موثوقة ل”جريدة العدالة اليوم”، فإن السلطات باشرت تنفيذ قرارات الإغلاق المؤقت في حق بعض المقاهي التي المخالفة خلال حملاتها الأخيرة. فيما تم إصدار قرارات بالإغلاق النهائي ضد أخرى، تبين تورطها في مخالفات جسيمة. شملت تقديم مواد محظورة واستعمال أدوات تضر بالصحة العامة، وقد تم حجز معداتها ومحتوياتها وفق المساطر القانونية المعمول بها.
خلفية الحملة وأهدافها
تأتي هذه الخطوة في سياق سلسلة من العمليات الأمنية المكثفة التي نفذتها المصالح الولائية في “الدار البيضاء”، خلال الأسابيع الماضية. بتنسيق مع السلطات القضائية ومصالح الأمن الوطني، لمواجهة الأنشطة غير المرخصة المرتبطة بتقديم الشيشة.
تستند هاته الإجراءات لمقتضيات “المرسوم رقم 2.12.349” المتعلق بتطبيق “القانون رقم 28.07” حول السلامة الصحية للمنتجات الغذائية. الذي ينص في “مادته 9” على أن كل محل يقدم مواد تضر بالصحة العامة أو لا يحترم شروط السلامة، يعرض صاحبه للعقوبات الإدارية والجنائية، من إغلاق وسحب الرخصة.
كما تعتمد السلطات على مقتضيات المرسوم رقم 2.18.456 المتعلق بتنظيم الأنشطة التجارية في الأماكن العمومية. الذي يمنح الولاة والعمال صلاحية إصدار قرارات الإغلاق المؤقت أو النهائي في حال الإخلال بالنظام العام أو تهديد الصحة العمومية.
شهادات ومواقف رسمية
وفق مصادر من “عمالة مقاطعات أنفا” فإن: “السلطات لن تتساهل مع أي مؤسسة تخرق القوانين التنظيمية، أو تهدد صحة المواطنين. فالقانون فوق الجميع والإغلاق يظل وسيلة لحماية الصالح العام وليس عقوبة شخصية”.
وارتباطا بالحدث، يؤكد خبراء في القانون الإداري أن “قرارات الإغلاق الإداري تستند إلى السلطة التنظيمية المخولة للولاة والعمال بموجب “الفصل 145 من الدستور”. الذي ينيط بهم مهمة تنفيذ القوانين وحفظ الأمن والنظام العام”. فيما اعتبرت ساكنة المنطقة أن هاته الخطوة ستمكن من وضع حد لهاته الظواهر المرضية وستحد من انتشار الشيشة في الأحياء السكنية. بما تسببه من أضرار صحية خطيرة فضلا عن الإزعاج التي تخلفة للساكنة.
شكايات متكررة وتحد لقرارات الإغلاق
على الرغم من هاته القرارات الهامة، فقد علمت جريدة “العدالة اليوم” أن إحدى المقاهي المتواجدة ب”شارع 11 يناير”، المعروفة باسم “Aventure”. تتهيأ لإعادة فتح أبوابها من جديد في تحد للقرارات الولائية. وذلك على الرغم من توصل مالكها بقرار الإغلاق النهائي.
وتفيد شكايات ساكنة العمارة المجاورة بأن المقهى يهيء تجهيزاته الداخلية ليعاود الاشتغال من جديد. وهو ما يستدعي، حسب متتبعين، تدخلا عاجلا من السلطات المختصة لتطبيق القانون وضمان الامن والطمانية الصحية والمجتمعية.
وفي الشأن ذاته قالت إحدى قاطنات العمارة: “لا نطلب سوى حقنا في الهدوء، فالدخان والضجيج الليلي أصبح لا يطاق، رغم كل الشكايات الموجهة للسلطات المحلية”.
البعد الصحي والاجتماعي
تشير تقارير “منظمة الصحة العالمية”، (WHO). إلى أن تدخين الشيشة يعرض الإنسان لنحو 100 ضعف كمية “أول أكسيد الكربون” مقارنة بالسجائر التقليدية. ما يجعلها من أخطر أنواع التدخين الجماعي.
وقد سبق ل”وزارة الصحة المغربية” أن أصدرت عام 2023 دورية حذرت عبرها من انتشار مقاهي الشيشة في الأحياء السكنية. داعية السلطات إلى تطبيق القوانين المتعلقة بالصحة العامة.
خلفية قانونية أعمق
يندرج الإغلاق ضمن العقوبات الإدارية الوقائية، المنصوص عليها في “القانون رقم 113.14″، المتعلق بالجماعات الترابية. والذي يمنح رؤساء الجماعات صلاحية اقتراح قرارات الإغلاق بالتنسيق مع السلطات المحلية عند ثبوت الخطر على الصحة أو السلامة العامة.
كما أن “المادة 7 من القانون رقم 34.09″، المتعلق بالنظام الصحي. تنص على أن لكل شخص الحق في بيئة سليمة، وعلى السلطات العمومية اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من المخاطر الصحية. مؤكدة على دور السلطات الحكومية المكلفة بالصحة في وضع سياسات الصحة العامة وتنسيقها. بهدف حماية صحة المواطنين، وضمان الوصول إلى الخدمات الصحية الجيدة، وتعزيز الرعاية الصحية الوقائية.
تعكس حملة الإغلاق في “أنفا” إرادة واضحة لدى السلطات المغربية في محاربة الأنشطة غير القانونية المرتبطة بمقاهي الشيشة. وذلك ضمن رؤية شاملة لحماية الصحة العامة والنظام العام الحضري. غير أن التحديات التنفيذية تظل قائمة، خصوصا مع وجود بعض مظاهر التلاعب ومحاولات إعادة الفتح غير القانونية، ما يستدعي صرامة مستمرة وتنسيقا مؤسساتيا دائما.
فالدولة لا يمكن أن تمارس سلطتها دون احترام القانون. كما لا يمكن للمواطن أن يتمتع بحريته دون الخضوع للنظام. كما يقول فقهاء القانون.