تفكيك شبكة دولية لسرقة وتهريب السيارات الفاخرة نحو “المغرب” من “إسبانيا”

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

في خطوة نوعية ضمن الجهود الأوروبية لمحاربة الجريمة المنظمة. أعلن “الحرس المدني الإسباني” تفكيك شبكة دولية متخصصة في سرقة وتهريب السيارات الفاخرة نحو “المغرب”، بعد تزوير وثائقها وتغيير معالمها التقنية لتبدو قانونية عند العبور عبر “ميناء الجزيرة الخضراء”.

العملية، التي حملت اسم “ماهيتيلي (Mahitili)”، استغرقت حوالي تسعة أشهر من التحقيقات والتنسيق الأمني بين الأجهزة الأوروبية. وقد أسفرت عن توقيف شخصين والتحقيق مع أربعة آخرين يشتبه في تورطهم في الشبكة. إلى جانب استرجاع ست سيارات فارهة بلغت قيمتها الإجمالية نحو 285 ألف يورو.

تفاصيل العملية

وفق بلاغ صادر عن “الفرقة المركزية للبحث في جرائم المرور” التابعة “للحرس المدني الإسباني”. فقد انطلقت التحقيقات بعد تلقي شكايات من شركات تأجير السيارات الفاخرة ومن مواطنين أوروبيين تعرضوا للسرقة في “إسبانيا” و”فرنسا” و”إيطاليا”.

التحريات المنجزة قادت إلى معلومة مفادها أن الشبكة كانت تعتمد على تزوير وثائق تسجيل السيارات وتغيير أرقامها التسلسلية باستخدام تقنيات متقدمة. ومن ثمة تهريبها نحو “المغرب” عبر “الجزيرة الخضراء”. ليتم بيعها لاحقا في السوق السوداء بأسعار تقل كثيرا عن قيمتها السوقية الحقيقية.

ووفق مصادر أمنية فإن نجاح العملية راجع للتعاون بين الشرطة الأوروبية، (يوروبول)، و”الحرس المدني الإسباني”. وهو ما مكن من تحديد هويات أفراد الشبكة ومسارات التهريب. حيث كانوا يستفيدون من الثغرات بين الأنظمة الجمركية في أوروبا وشمال إفريقيا.

 الخلفية القانونية للملف

القضية تندرج ضمن الجرائم العابرة للحدود المنصوص عليها في المادة 23 من الاتفاقية الأوروبية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، كما يشكل السلوك الموصوف جريمة “التهريب الدولي للممتلكات المسروقة” وفق المادة 368 من القانون الجنائي الإسباني، التي تعاقب بالسجن من ثلاث إلى ست سنوات كل من يشارك في إدخال أو إخراج أشياء متحصلة من جريمة.

من الجانب المغربي، يُعتبر تهريب السيارات المسروقة خرقًا صريحًا للفصل 571 من القانون الجنائي المغربي الذي يُجرم “كل من يخفي أو يحوز عن علم أشياء متحصلة من جريمة”، وهي مادة تعتمدها المحاكم المغربية في متابعة قضايا مماثلة بالتنسيق مع الشرطة الدولية (الإنتربول).

تصريحات ومواقف

قال المتحدث باسم “الحرس المدني الإسباني”، “العقيد خوسيه لوبيز”: لإن العملية “تعد نموذجا ناجحا للتعاون الأمني الأوروبي-المغربي في مكافحة الجريمة المنظمة”. مبرزا أن “التقنيات الرقمية في تزوير وثائق المركبات أصبحت تشكل تحديا أمنيا يستلزم تحديث آليات المراقبة”.

تجدر الإشارة إلى أن “المغرب” يعتبر شريكا موثوقا في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود. وهو ما تجسده مثل هاته العمليات المشتركة.

جدير بالذكر أن التهريب الرقمي للمركبات بات أحد أبرز مظاهر الجريمة الاقتصادية الحديثة.

خلفيات وأبعاد اقتصادية

وفق تقديرات “الاتحاد الأوروبي” فإن سوق السيارات المسروقة في أوروبا يتجاوز 10 مليارات يورو سنويا. فيما يسود الاعتقاد أن جزءا من هاته السيارات يتم تصديره نحو “إفريقيا” و”آسيا”.

تجدر الإشارة أيضا، أن “المغرب” يعتمد على نظام جمركي ورقمنة متطورة في الموانئ. وبالتالي أصبح أكثر قدرة على رصد السيارات المشبوهة عبر نظام “BADR” الجمركي الذي يربط الموانئ المغربية بشبكات المراقبة الأوروبية.

سياقات أوسع للعملية

تأتي هات العملية  بعد سلسلة من العمليات الأمنية المشتركة التي استهدفت شبكات تهريب السيارات. آخرها عملية “CarSafe 2024” التي نسقها الإنتربول وعرفت مشاركة “المغرب”، “إسبانيا” و”فرنسا” والتي أسفرت عن حجز أكثر من 700 سيارة مسروقة في أقل من ستة أشهر.

ومن المنتظر أن تؤدي هاته العملية لتشديد المراقبة في الموانئ المغربية والإسبانية. خاصة على صعيد “الجزيرة الخضراء” و”طنجة المتوسط”. مع تطوير آليات التتبع الإلكتروني للسيارات المسروقة في إطار التعاون الأمني بين “الرباط” و”مدريد”.

ويمثل تفكيك شبكة “ماهيتيلي” ضربة قوية لتجارة السيارات المسروقة العابرة للحدود. وهو ما يعكس فعالية التنسيق بين الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية. غير أن التحدي الأكبر يظل في مواكبة التطور التكنولوجي الذي تستغله الشبكات الإجرامية في تزوير الوثائق والمعطيات الرقمية. وهو ما يستوجب تشريعات جديدة وأدوات مراقبة أكثر ذكاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.