حقق المرشح الديمقراطي، “زهران ممداني”. فوزا تاريخيا بمنصب عمدة “مدينة نيويورك”. بعد حصوله على 50.4% من الأصوات، وفق النتائج الأولية المعلن عنها. ليصبح بذلك أول مسلم يتولى هذا المنصب في تاريخ هاته المدينة.
سابقة تاريخية يتم تسجيلها في تاريخ الحياة السياسية الأمريكية تتمثل في قيادة مسلم ولأول مرة أكبر مدينة في “الولايات المتحدة”. كما أنه يعتبر أحد أصغر من شغل هذا المنصب منذ عام 1917.
فوز تاريخي في مدينة متعددة الثقافات
انتهت عملية التصويت، مساء الثلاثاء، بالإعلان عن فوز “ممداني” بعد فرز أكثر من 89٪ من صناديق الاقتراع، بحسب وكالة «أسوشيتد برس». حيث تقدم ممداني بفارق تسع نقاط مئوية على أقرب منافسيه. والأمر يتعلق بالمرشح المستقل “أندرو كومو”، الذي حصل على 41.6٪ من الأصوات. فيما نال مرشح الحزب الجمهوري، “كورتيس سليا” 7.2٪.
يأتي هذا الفوز ليعكس، بحسب مراقبين، تغيرا في المزاج السياسي والاجتماعي ل”مدينة نيويورك”. التي طالما كانت رمزا للتنوع والانفتاح. وينظر إلى “ممداني” كوجه سياسي جديد يجمع بين الالتزام الاجتماعي والتمثيل المجتمعي المتعدد، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة صعودا في الوعي بالعدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات.
خلفية شخصية ومسار سياسي
يعتبر “زهران ممداني” من مواليد “أوغندا” لأبوين من أصل هندي. هاجر مع أسرته إلى “الولايات المتحدة” في سن مبكرة.
وقبل دخوله عالم السياسة، عمل “ممداني” في مجال التنظيم المجتمعي، مدافعا عن قضايا الإسكان العادل والهجرة والعدالة الاقتصادية.
وقد اشتهر بقدرته على التواصل مع المجتمعات المهمشة، خصوصا المهاجرين والمسلمين.
تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات المحلية الأمريكية عرفت أيضا انتصارا للديمقراطيين في 4 منافسات رئيسية. ضمنها انتخابات حكام “نيوجيرسي” التي فاز فيها مرشح الحزب الديمقراطي، “ميكي شيريل” بمنصب حاكم الولاية. بحصوله على 56% من الأصوات. فيما تقدمت مرشحة الحزب الديمقراطي، “أبيغيل سبانبرغر” في انتخابات حاكم “فرجينيا” بنسبة 56.9%، مقابل 42.9% لمنافستها الجمهورية.
ويعتبر فوز “ممداني” خطوة مهمّة في تفعيل مبادئ التمثيل المتساوي التي نص عليها قانون الحقوق المدنية الأمريكي عام 1964. والذي يضمن المساواة في المشاركة السياسية دون تمييز ديني أو عرقي أو إثني. كما أنه يعيد فتح النقاش حول الإصلاح الانتخابي المحلي في “مدينة نيويورك”.
وكان “ممداني” قد دعا، في وقت سابق، لتوسيع نطاق التصويت المبكر وتسهيل تسجيل المهاجرين المقيمين بشكل قانوني. انسجاما مع مبادئ التعديل الخامس عشر للدستور الأمريكي الذي يضمن عدم حرمان أي مواطن من حق التصويت بسبب العرق أو الأصل.
تفاعلات الداخل وردود أفعال حول الحدث
أثار فوز ممداني ردود فعل واسعة داخل الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية. حيث قال الرئيس الأمريكي، “دونالد ترامب”: إن “خسارة الجمهوريين كانت متوقعة. لأن ترامب لم يكن على ورقة الاقتراع، ولأن الحكومة كانت مغلقة”. فيما اعتبرت اعتبرت السيناتورة الديمقراطية، “ألكساندريا أوكاسيو كورتيز”. أن فوز ممداني “يمثل انتصارا للمواطنة المتعددة والهويات المتصالحة”. مضيفة أن “نيويورك اليوم تثبت أنها مدينة الجميع، دون تمييز أو إقصاء”.
انتصار ضمن سلسلة من الانتصارات
جاء فوز “ممداني” كحلقة ضمن موجة من النجاحات التي حققها “الديمقراطيون” في الانتخابات المحلية. والتي شملت أربع منافسات رئيسية، أبرزها فوز “ميكي شيريل” بمنصب حاكم “نيوجيرسي”. وتقدم “أبيغيل سبانبرغر” في انتخابات حاكم “فرجينيا”. إلى جانب استفتاء ناجح لصالح برامج الطاقة النظيفة في “ولاية كاليفورنيا”.
ويرى محللون أن هاته النتائج تؤشر إلى تعافي القاعدة الديمقراطية في المدن الكبرى. في مواجهة خطاب الاستقطاب المتصاعد على الساحة الفيدرالية.
حضور لوثر كينغ جونيور في خضم الاستحقاقات
استشهد “ممداني” في خطابه الأول بعبارة للمصلح الأمريكي “مارتن لوثر كينغ جونيور” قائلا: “قوس الكون الأخلاقي طويل، لكنه يميل نحو العدالة”. مضيفا: “اليوم، لم نعدل القوس فحسب، بل أعدنا رسمه على صورة مدينتنا المتنوعة التي تعترف بجميع أبنائها”.