المغرب يخطو خطوة استراتيجية للتحول الرقمي بدخوله عصر الجيل الخامس

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

في خطوة وصفت بأنها تشكل “قفزة رقمية نحو المستقبل”. أعلنت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، “أمل فلاح السغروشني”. خلال جلسة الأسئلة الشفوية ب”مجلس النواب”، الاثنين الماضي، عن منح ثلاث تراخيص لإطلاق شبكة الجيل الخامس (5G) ب”المغرب”. لتبدأ بذلك المملكة فصلا جديدا في مسار التحول التكنولوجي والرقمي.

وأبرزت “السغروشني” أن الكلفة المخصصة للاستثمار في البنية التحتية واستغلال الشبكة الجديدة ستبلغ حوالي 80 مليار درهم مع حلول عام 2035. مؤكدة أن المرحلة الأولى من الإطلاق ستتم خلال الأسابيع المقبلة. مضيفة انها ستشمل عددا من المدن الكبرى، في إطار خطة وطنية تهدف لتعميم الخدمة تدريجيا في أفق 2030.

وأضافت الوزيرة أن المغرب يحتل، اليوم، المرتبة الأولى على صعيد القارة الافريقية في “مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال”. وهو ما يعكس التقدم الكبير المحقق في مجال التحول الرقمي وتطوير البنية التحتية للاتصالات.

تجدر الإشارة إلى ان هاته الخطوة تأتي في إطار تعزيز سوق الإنترنت المتنقل وتقديم خدمات رقمية متطورة. وذلك بما يواكب التطورات العالمية في قطاع الاتصالات. وهو ما سيتيح للمواطنين والشركات الاستفادة من مزايا الشبكات فائقة السرعة.

من “الرؤية الرقمية” إلى التنفيذ الميداني

بحسب مراقبين، تشكل هاته الخطوة ترجمة عملية للرؤية الاستراتيجية “المغرب الرقمي 2030”. الهادفة لجعل البلاد مركزا إقليميا للتكنولوجيا والابتكار في إفريقيا.

ووفق معطيات أوردتها “الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات”، (ANRT). فإن “المغرب” يتصدر، اليوم، قائمة الدول الأفريقية في “مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال”، الصادر عن “الاتحاد الدولي للاتصالات”. متقدما على “جنوب إفريقيا” و”مصر”.

فإعلان إطلاق الجيل الخامس هو إعلان دخول المغرب فعليا عصر الاقتصاد الذكي، حيث يصبح الإنترنت ضرورة لتنافسية المقاولات ورفاه المواطنين.

رهانات اقتصادية واجتماعية كبرى

من المنتظر أن تكون لهاته الخطوة أثر إيجابي جدري على العديد من القطاعات الحيوية. أبرزها الصناعة الذكية، الطب عن بعد، التعليم الرقمي، المدن الذكية والذكاء الاصطناعي

جدير بالذكر، انه وبحسب تقديرات “البنك الدولي”. فإن رفع سرعة الإنترنت بنسبة 10٪ فقط يمكن أن يزيد الناتج الداخلي الخام بحوالي 1.5٪ في الاقتصادات النامية. وهو ما يجعل هاته الخطوة استثمارا مباشرا في الاقتصاد الوطني. حيث سيضع المغرب نفسه بهاته الخطوة في مسار الدول التي تهيئ بيئة رقمية متكاملة. من أجل تأسيس مستقبل قائم على البيانات والذكاء الاصطناعي.

الإطار القانوني والتنظيمي

تجدر الإشارة إلى أن القانون المغربي يمنح صلاحيات الترخيص والمراقبة على “خدمة 5G” كما غيرها من الخدمات ذات الصلة بالاتصالات “للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات”.
وينظم “المرسوم رقم 2.97.1025″، الصادر في 5 فبراير 1998، شروط منح تراخيص استغلال الشبكات العامة للاتصالات. فيما تفرض “المادة 2 من القانون رقم 09.08″، المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، على الشركات المشغلة. التزاما صارما بضمان أمن المعلومات وحماية خصوصية المستخدمين.

 نحو مغرب رقمي متكامل

تسعى الوزارة من خلال هذه المبادرة لتعزيز مكانة المغرب كوجهة إفريقية رائدة في الاقتصاد الرقمي. وتحقيق التكامل بين المجالين العام والخاص لتوسيع رقعة التغطية. مع تسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الرقمية ذات الجودة العالية.

يأتي هذا التطور في سياق عالمي متسارع نحو رقمنة الحياة اليومية. إذ تشير تقديرات “الاتحاد الدولي للاتصالات”، الصادر عام 2024. أن أكثر من 70٪ من سكان العالم سيستخدمون شبكات الجيل الخامس بحلول عام 2030.

وسيمكن إطلاق “شبكة 5G”، المغرب من ان يخطو خطوة واثقة نحو التحول الرقمي السيادي، مستندا إلى إرادة سياسية واضحة واستراتيجية قانونية وتنظيمية متكاملة. ويبقى التحدي الأكبر هو ضمان تعميم الاستفادة من هاته الخدمة وتحقيق عدالة مجالية ورقمية. حتى لا تتحول الثورة التكنولوجية إلى فجوة رقمية جديدة بين المدن والقرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.