في مبادرة إنسانية تجسد روح التضامن الإفريقي التي دعا إليها جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. أشرفت صاحبة السمو الملكي “الأميرة للا أسماء”، رئيسة “مؤسسة للا أسماء للأطفال الصم”، إلى جانب السيدة الأولى ل”جمهورية كينيا” “راشيل روتو”. على إعطاء الانطلاقة الرسمية للمرحلة الرابعة من البرنامج الإنساني “متحدون لنسمع بشكل أفضل”، خلال حفل أقيم ب”مستشفى كينياتا الوطني” بالعاصمة “نيروبي”.
يهدف هذا البرنامج الإنساني إلى تمكين سبعين طفلا كينيا من استعادة قدرتهم على السمع عبر عمليات زرع القوقعة.
تجدر الإشارة إلى ان هاته العمليات يتم إجراؤها من طرف فريق طبي مغربي رفقة فريق طبي كيني.
تمثل هاته الخطوة استمرارا لجهود المغرب في دعم مبادرات الرعاية الصحية في إفريقيا، في إطار رؤية افريقية جنوب–جنوب التي ينهجها جلالة الملك “محمد السادس”، حفظه الله. القائمة على التعاون الفعلي وتبادل الخبرات الطبية بين الدول الافريقية والتكوين المستدام في مجالات علاج ضعف السمع لدى الأطفال. وفي مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية والتنموية.
اتفاقية تعاون لتعزيز التكامل الطبي الإفريقي
على هامش الحفل، جرى توقيع مذكرة تفاهم بين “مؤسسة للا أسماء” و”مؤسسة “صوت الأطفال””، التي ترأسها “السيدة راشيل روتو”. الهادفة لتعزيز التعاون القائم وتوسيع مجالاته في المجال الطبي والتقني والتكويني بين المؤسستين.
وتنص المذكرة على إطلاق برامج لتكوين الكوادر الطبية الكينية بالمغرب. وإحداث قنوات لتبادل التجارب في مجال التشخيص المبكر والتكفل الجراحي بالأطفال الذين يعانون من فقدان السمع.
الأميرة للا أسماء: المبادرة رسالة تضامن إنسانية من المغرب نحو أفريقيا
في كلمة ألقتها بالمناسبة، أكدت الأميرة “للا أسماء”، أن “هاته المبادرة الإنسانية ليست مجرد برنامج طبي، بل رسالة تضامن وإنسانية تنطلق من المغرب نحو إفريقيا”. مشددة على أن “حق الأطفال في السمع هو جزء من الحق في الحياة والكرامة الإنسانية”. مستحضرة في ذلك المبادئ الواردة في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل المعتمدة عام 1989. ولا سيما المادة (23) التي تنص على “حق الأطفال ذوي الإعاقة في الرعاية الخاصة والتكامل الاجتماعي”. مؤكدة على حق الأطفال ذوي الإعاقة في الحصول على رعاية خاصة وحياة كريمة. والتي تيسر اندماجهم الفعلي في المجتمع. مع تقديم مساعدة مجانية، كلما أمكن ذلك. للطفل وأسرته في التعليم والرعاية الصحية والتأهيل والفرص الترفيهية. بغرض تحقيق أقصى درجات الاندماج الاجتماعي والنمو الفردي.
وأبرزت الأميرة الجليلة “للا أسماء” أن هاته المبادرة تعكس التزام المملكة المغربية الراسخ بخدمة القضايا الإنسانية في القارة الإفريقية، ودعم جهود التنمية البشرية المستدامة بالقارة السمراء. لا سيما تلك الموجهة لحماية الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
السيدة الاولى بكينيا: المبادرة تعكس وحدة المصير الافريقي المشترك
من جانبها، عبّرت السيدة الأولى ل”كينيا” عن امتنانها العميق للمغرب. مؤكدة أن “هذا التعاون الإنساني يعكس وحدة المصير الإفريقي المشترك”. مشيدة بالكفاءة الطبية المغربية التي ستسهم في تدريب الأطر الكينية وتوسيع قاعدة المستفيدين من هذا البرنامج الإنساني النموذجي. قائلة إنها “تنقل الخبرة وتزرع الأمل في حياة عشرات الأسر الكينية”.
ويعتبر برنامج “متحدون لنسمع بشكل أفضل” نموذجا للتعاون الإنساني الفعال القائم بين “المغرب” و”كينيا”. إذ يجمع بين العمل الطبي الميداني والتكوين العلمي ونشر ثقافة التضامن الإنساني عبر مبادرات ملموسة تُعيد الأمل للأطفال وأسرهم في حياة طبيعية.
بعد إنساني وقانوني في حماية حقوق الأطفال
يمتد هذا البرنامج في بعده الحقوقي إلى تفعيل الالتزامات الدولية للمغرب وكينيا في مجال حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. تماشيا مع “الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة”، لعام 2006. الداعية في مادتها 25 إلى: “ضمان الحصول على أعلى مستوى ممكن من الصحة دون تمييز بسبب الإعاقة”. حيث تكفل الحق في الصحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ملزمة الدول على توفير الرعاية الصحية بالجودة والمقدار نفسه للآخرين. بما في ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وبرامج الصحة العامة للسكان. مع توفير الخدمات المتخصصة لتجنب وتخفيف الإعاقات. كما تحظر التمييز ضدهم في خدمات التأمين الصحي وتلزم مزاولي المهن الصحية بتقديم الرعاية على أساس الموافقة الحرة والمستنيرة.
كما يندرج المشروع ضمن التوجهات الاستراتيجية للمملكة المغربية في تنفيذ السياسة الوطنية المندمجة لحماية الطفولة لعام 2025. التي تشجع على التعاون الدولي من أجل النهوض بحقوق الطفل وتعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية المتخصصة.
برنامج “متحدون لنسمع بشكل أفضل”
تم إطلاق البرنامج عام 2018 بمبادرة من “مؤسسة للا أسماء”، بشراكة مع عدد من الهيئات الطبية الدولية. وقد استفاد من خدمات البرنامج حتى الآن، أزيد من 500 طفل من مختلف الدول الإفريقية. من خلال عمليات جراحية وتكوينات ميدانية في مجال التأهيل السمعي والنطقي.
ويعتبر هذا البرنامج تجسيدا عمليا للرؤية الإنسانية التي عبر عنها جلالة الملك “محمد السادس” في خطابه أمام القمة الإفريقية ب”أديس أبابا” عام 2017. حيث قال جلالته، حفظه الله: “إن إفريقيا التي نريدها، هي إفريقيا متضامنة، قائمة على تبادل المنافع والمعرفة، لا على الإملاءات”.
نحو نموذج إفريقي للتضامن الإنساني
أجمع المراقبون على أن مبادرة “الأميرة للا أسماء” تشكل نموذجا رائدا في الدبلوماسية الإنسانية المغربية. التي تمزج بين العمل الميداني والخبرة الطبية والانخراط في الأجندة الأممية للتنمية المستدامة. وتحديدا الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه.
كما تبرز هاته المبادرة دور النساء القياديات في إفريقيا في دعم حقوق الطفل والصحة العمومية. وذلك بما يعزز من مكانة المغرب كفاعل إنساني وتنموي في القارة.