السراح المؤقت لرئيس المجلس الإقليمي ل”شفشاون” وسط استمرار التحقيق في قضايا “فساد”

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

في تطور جديد لقضية أثارت اهتمام الرأي العام المحلي والوطني. قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف ب”الرباط”، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء/الخميس. منح رئيس المجلس الإقليمي ل”شفشاون”، “اليزيد التاغي”. السراح المؤقت، بعد نحو شهرين من الاعتقال الاحتياطي. في إطار التحقيقات الجارية بشأن شبهات فساد مالي وإداري وتبديد أموال عمومية مرتبطة بتدبير مشاريع تنموية بالإقليم.

جاء القرار استجابة لملتمس الدفاع القاضي بتمتيع المتهم بالسراح المؤقت مقابل كفالة مالية. اعتبارا “لوضعه الصحي الصعب”. 

قضايا تبديد أموال واستغلال النفوذ

تعود فصول القضية إلى شكايات وتقارير للمفتشية العامة للإدارة الترابية (IGAT)، التابعة لوزارة الداخلية. التي وقفت، على ما أسمته، وجود “اختلالات في تدبير عدد من الصفقات العمومية المبرمجة ضمن مشاريع تنموية بتمويل مشترك بين المجلس الإقليمي ل”شفشاون” وعدة مؤسسات عمومية”.

وقد شملت التحقيقات التي تمت مباشرتها مع “التاغي” صفقات ذات صلة بالبنية التحتية والطرق القروية وتجهيزات اجتماعية، تم تنفيذها، خلال السنوات الأخيرة. تحمل شبهات “استغلال النفوذ وتبديد المال العام والتزوير في وثائق إدارية”.

وكانت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف ب”الرباط” قد أمرت، في وقت سابق، بإيداع رئيس المجلس الإقليمي ل”شفشاون” سجن “العرجات”، في انتظار استكمال التحقيقات.

ويتابع “التاغي” في هذا الملف إلى جانب عدد من الموظفين والمقاولين المحليين، بتهم ذات صلة ب”استغلال النفوذ وتبديد أموال عامة والتزوير في وثائق إدارية”. وهي التهم التي ينفيها دفاعه الذي اعتبر أن “موكله ضحية لتصفية حسابات سياسية محلية”. مبرزا أن جميع العمليات المالية موضوع التحقيق “تمت وفق المساطر القانونية المعمول بها وبمراقبة الأجهزة الوصية”.

ومن المنتظر أن تتواصل جلسات التحقيق التفصيلي في الملف، خلال الأسابيع المقبلة. قبل اتخاذ قرار الإحالة على غرفة الجنايات أو حفظ الملف، تبعا لمآلات البحث القضائي الجاري.

دفاع المتهم: “ملف سياسي بامتياز”

اتصالا بملف المتابعة، قال أحد أعضاء هيئة الدفاع: إن موكله “ضحية تصفية حسابات سياسية محلية مرتبطة بخلافات حول التسيير”. مبرزا أن جميع الصفقات المنجزة “تمت وفق المساطر القانونية المعمول بها وبمراقبة الأجهزة الوصية على الجماعات الترابية”.

وأوضح أن متابعة التاغي “لا تعني الإدانة”، بل “تأتي في إطار مسطرة التحقيق التمهيدي الهادفة إلى التحقق من صحة المعطيات، وتحديد المسؤوليات بدقة”. مذكرا ب”مبدأ قرينة البراءة” المنصوص عليه في الفصل (23) من الدستور المغربي والمادة 1 من قانون المسطرة الجنائية (ق.م.ج). والتي تؤكد أن “كل متهم يُفترض فيه البراءة إلى أن تثبت إدانته بحكم نهائي”.

تجدر الإشارة إلى أن الفصل 23 من الدستور يؤكد على مبدأ لاعقوبة بدون قانون. ولا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون. فيما تنص المادة الأولى من قانون المسطرة الجنائية أنه “لا يجوز لأحد أن يعتذر بجهل التشريع الجنائي. ولا أن يعاقب على فعل لا يعد جريمة بمقتضى القانون الذي كان سارياً وقت ارتكابه”. 

بين الشفافية والمحاسبة: الإطار القانوني للمساءلة

تندرج هاته القضية ضمن الدينامية الوطنية لمكافحة الفساد وتكريس مبادئ الشفافية والمساءلة. حيث أن “القانون رقم 113.14” المتعلق بالجماعات الترابية يلزم رؤساء المجالس بـ“التدبير المالي والإداري السليم والحرص على سلامة الصفقات”.

كما تأتي أيضا في سياق جهود “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”. علما أنها أكدت، في تقاريرها الأخيرة، على ضرورة “تفعيل المتابعات الزجرية في ملفات الفساد المالي المحلي”.

فمحاربة الفساد وتكريس الشفافية ومتابعة كل المشتبه فيهم بخرق هاته القواعد يجسد إرادة الدولة في حماية المال العام من العبث. وهو ما يعني الانتقال من منطق التسامح إلى منطق المحاسبة.

بين الفساد الإداري وضعف الحكامة

جدير بالذكر أن المجلس الإقليمي ل”شفشاون”، شهد خلال السنوات الأخيرة، عدة مشاريع مهيكلة بتمويل من برامج حكومية. ضمنها “برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية”، (2017–2023). الذي يخضع لمراقبة “المجلس الأعلى للحسابات”.

ووفقا لتقارير ميدانية فإن بعضا من هاته المشاريع عرفت “تأخراً في الإنجاز” أو “غيابا للمطابقة التقنية”، ما جعلها موضوع تدقيق مالي وتقني من قبل وزارة الداخلية والمفتشية العامة للمالية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.