كشف “المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج”، “محمد صالح التامك”. أن الميزانية المخصصة لتغذية السجناء لا تتجاوز 22 درهما يوميا لكل نزيل تغطي ثلاث وجبات متوازنة. مؤكدا أن تفويض التغذية لشركات خاصة مكن من تحسين جودة الوجبات كما وكيفا. مع تقليص عمليات تهريب الممنوعات داخل السجون بنسبة 39%.
جاء ذلك في مضمار رد “التامك” على سؤال كتابي تقدم به النائب البرلماني “عبد المجيد بن كمرة عابد”. في موضوع شروط المشاركة في طلبات العروض الخاصة بالتغذية وإعادة تقسيمها.
وأوضح “المندوب العام” أن قرار التفويض، جاء تنفيذا ل”خطة العمل الإستراتيجية للمندوبية”، الرامية إلى النهوض بأوضاع السجناء وضمان أمن المؤسسات. مبرزا أن هذا التفويض كرسته “المادة 75 من القانون رقم 10.23” التي تمنع إدخال المؤونة إلى المؤسسات السجنية باعتبارها وسيلة رئيسية لإدخال الممنوعات.
يأتي هذا التوضيح انسجاما مع دور “المندوبية” في ضمام تغذية صحية لنزلاء المؤسسات السجنية. وذلك تماشيا مع “القانون رقم 10.23”. الذي يمنع إدخال المؤونة للسجون ويكرس تفويض التغذية لشركات خاصة وفق معايير السلامة والأمن الغذائي.
ويهدف هذا القانون إلى إضفاء طابع إنساني على الاعتقال وتحسين ظروف السجناء مع تعزيز حقوقهم. مركزا على تأهيل السجناء وإعادة إدماجهم في المجتمع من خلال برامج تعليمية وتكوينية ومهنية. إضافة لتحسين البنية التحتية للمؤسسات السجنية، وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية، وتقليل الاكتظاظ.
وأكد “التامك” أن هاته السياسة مكنت من تقليص عدد حالات ضبط المخدرات. حيث انتقل الرقم من 2420 حالة عام 2016 إلى 1471 حالة عام 2018، أي بنسبة 39%.
تفاصيل القرار وأهدافه
أوضح “التامك” أن هذا القرار يستند لخطة العمل الإستراتيجية التي تعتمدها “المندوبية العامة لإدارة السجون”. الهادفة لتحسين ظروف الإيواء وضمان الأمن الداخلي للمؤسسات السجنية. مبرزا أن قرار التفويض لم يكن تجاريا بل تدبيرا أمنيا وإنسانيا. بهدف الحد من تهريب الممنوعات إضافة لتحسين جودة التغذية.
مؤشرات التحسن بعد التفويض
أوضح “التامك” أن هاته الخطوة مكنت من إحداث نقلة نوعية في ضبط الأمن الداخلي وتحسين البيئة الإصلاحية للمؤسسات السجنية. مبرزا ان الشركات المتعاقدة ساهمت في تحديث المطابخ وتجهيزها بالأفران ومعدات التوزيع. وهو ما أتاح للمؤسسات السجنية تحقيق اكتفاء ذاتي في إنتاج الخبز. فضلا عن تشغيل عدد من النزلاء ضمن برامج تكوين مهني في مجال المطعمة.
البعد الاقتصادي والقانوني للصفقات
وفي مضمار رده على ملاحظات النواب بشأن شروط المشاركة في الصفقات. أكد التامك أن إعلانات طلبات العروض يتم تنظيمها وفق المرسوم رقم 2.22.431، الصادر في 8 مارس 2023. والذي دخل حيز التنفيذ في 1 سبتمبر 2023، المتعلق بالصفقات العمومية. الهادف إلى تحديث وتنظيم الصفقات العمومية من خلال إرساء قواعد جديدة تركز على الشفافية، المنافسة وتكريس مبادئ الحكامة الجيدة. مع اعتماد مبدأ “اقتصاد الحجم” الذي يتيح تقليص التكاليف وتحسين الكفاءة التشغيلية.
وأوضح أن ميزانية التغذية المحدودة، (22 درهما يوميا فقط). فرضت تفويض العملية لشركات كبرى قادرة على التوريد بالجملة وتدبير سلاسل التوزيع حفاظا على التوازن المالي وضمانا لكفاءة الخدمات. مضيفا أن تقسيم الصفقات إلى طلبيات صغرى “كان سيؤدي إلى ضعف الجودة وارتفاع التكلفة. وهو ما يتعارض مع مبادئ النجاعة والشفافية المنصوص عليها في القانون. مؤكدا أن باب المشاركة مفتوح أمام جميع الشركات الوطنية المؤهلة.
وأبرز “التامك” أن الهدف يتجاوز إطعام السجين إلى تكريس الكرامة الإنسانية، وفق ما ينص عليه “الفصل 22 من دستور 2011”. الذي يحظر المعاملة القاسية أو اللاإنسانية المهينة للكرامة الإنسانية تحت اي ظرف. مبرزا أن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله جريمة يعاقب عليها القانون. أي انه يندرج ضمن باب الحريات والحقوق الأساسية. حيث يؤكد على الحق في السلامة الجسدية والمعاملة الكريمة لجميع الأفراد، سواء في السياقات الخاصة أو العامة.
الإدماج المهني وإعادة التأهيل
أبرزت المندوبية أن الشركات المفوض لها الإطعام لا تقتصر مهامها على الجانب الغذائي فقط. بل تساهم أيضا في تكوين النزلاء في مهن الطبخ والمطاعم وتشغيل بعضهم بعد الإفراج عنهم. وذلك بما ينسجم مع الحق في إعادة الإدماج المنصوص عليه في “المادة 3 من القانون رقم 10.23”. مؤكدة على أن هاته السياسة تهدف ل“تحويل المؤسسة السجنية من فضاء للعقاب إلى فضاء للإصلاح وإعادة الإدماج الاجتماعي”.
جدير بالذكر أن هاته المادة تحدد أنواع المؤسسات السجنية. والتي تشمل السجون المركزية، السجون المحلية، السجون الفلاحية ومراكز الإصلاح والتهذيب. كما تؤكد على تحسين إدارة المؤسسات السجنية ووضع السجناء، تماشيا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.