اهتزت “جماعة سيدي الزوين” الواقعة بنواحي “مدينة مراكش”، نهاية الأسبوع الجاري. على وقع توقيف إمام مسجد “دوار سيدي الهاشمي”. للاشتباه في تورطه في قضية هتك عرض طفلين قاصرين. في واقعة هزت الساكنة المحلية.
واقعة تنقل للواجهة قضية الاعتداءات الجنسية التي تطال القاصرين وضرورة التصدي لهاته الظاهرة بالقوة القانونية. وأيضا باعتماد برامج تكوينية وغعلامية تساعد على الوعي بالظاهرة والتصدي لها. خاصة وأن الواقعة تطال جهة دينية من المفترض أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
تفاصيل الواقعة والتحقيقات الأولية
وفق معطيات إعلامية، فإن المشتبه فيه، شاب في العشرين من عمره. تم تعيينه حديثا إماما ومؤطرا لتحفيظ القرآن الكريم في مسجد “دوار سيدي الهاشمي”.
وقد بدأت تفاصيل الواقعة في التفجر بعد أن تقدمت أسرتان بشكايتين رسميتين، لمصالح الدرك الملكي. تقولان من خلالهما أنه قام باستدراج طفليهما البالغين من العمر 7 و12 سنة إلى سكنه الوظيفي. متهمان إياه بما أسموه “القيام بأفعال تمس بسلامتهما الجسدية والمعنوية”.
وبناء على ذلك أصدرت النيابة العامة المختصة ب”مراكش” أمرا بفتح تحقيق في موضوع النازلة. حيث تم الإمام ووضعه رهن تدابير الحراسة النظرية، في غطار مسطرة البحث القضائي المنجز. قبيل عرضه على الجهة القضائية المختصة.
إطار قانوني صارم لحماية الطفولة
تجدر الإشارة إلى أن القانون المغربي يتعامل بصرامة مع الجرائم الجنسية التي تستهدف القاصرين.
فقد نص “الفصل 484 من القانون الجنائي” على أن: معاقبة كل من هتك دون عنف عرض قاصر تقل سنه عن 18 عاما، أو حاول هتك عرضه. أو عاجز أو معاق أو شخص معروف بضعف قواه العقلية سواء كان ذكرا أو أنثى. بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة مالية.
كما ينص “الفصل 485 من ذات القانون” على السجن من خمس إلى عشر سنوات، لكل من هتك أو حاول هتك عرض أي شخص ذكرا كان أو أنثى مع استعمال العنف. إلا أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن 18 عاما أو كان عاجزا أو معاقا أو معروفا بضعف قواه العقلية. فإن العقوبة السجنية تصل إلى 20 عاما.
جدير بالذكر أن “المادة 503-1-1 من القانون الجنائي”، المتعلقة بالتحرش والاستغلال الجنسي للأطفال، من أبرز النصوص القانونية التي وسعت نطاق الحماية الجنائية للطفل المغربي. حيث يحدد ويجرم التحرش الجنسي. ويعرفه بأنه استعمال الأوامر أو التهديدات أو وسائل الإكراه أو أي وسيلة أخرى لاستغلال السلطة بغرض تحقيق أغراض جنسية.
صدمة اجتماعية ودعوات للمساءلة
خلفت الواقعة حالة استياء وغضب لدى سكان “سيدي الزوين”. شاجبين مثل هذه الأفعال، إن ثبتت، لكونها تسيء لحرمة المساجد وقدسيتها. فلا يمكن بأي حال من الأحوال تقبل من يؤم الناس ويعلم أبناء المنطقة القفرآن الكريم لمصدر رعب للساكنة. الأمر الذي يفرض على “وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية” مراجعة آليات انتقاء الأئمة والمشرفين الدينيين. مع تشديد المراقبة على السكن الوظيفي التابع للمساجد. علما أن كل اعتداء على قاصر هو انتهاك مضاعف لحقوق الإنسان. لأنه يمس الفئة الأضعف في المجتمع ويهدم ثقة الأسر في المؤسسات الدينية والتربوية.
بين قدسية المنبر وضرورة المحاسبة
تحمل هاته القضية حساسية خاصة بالنظر لرمزية موقع الإمام في المجتمع المغربي. باعتباره مؤتمنا على القيم الدينية والأخلاقية. وفي هذا السياق يرى خبراء علم الاجتماع أن مثل هذه الحوادث، رغم ندرتها. تتطلب تعزيز التأطير التربوي والنفسي للأطر الدينية. مع توسيع دور المجالس العلمية في المراقبة والتكوين المستمر. لأن كل سلطة دون مراقبة تولد الفساد.
نحو عدالة تحمي الطفولة وتكرس الثقة
في انتظار نتائج التحقيق، تبقى الواقعة جرس إنذار يدعو إلى إعادة النظر في نظام المراقبة والتوظيف الديني. مع ترسيخ ثقافة “صفر تسامح مع الاعتداءات الجنسية على الأطفال”، انسجاما مع ما تنص عليه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادق عليها المغرب عام 1993.