قضت المحكمة الابتدائية ب”مراكش”، الأربعاء. بإدانة مرشد سياحي غير مرخص وسيدة تعمل في فن نقش الحناء. بعد متابعتهما بتهمة تتعلق بممارسة “النصب على سائحة فرنسية” ب”ساحة جامع الفنا” بمراكش. إحدى أجمل الفضاءات التي تتميز بها المملكة المغربية.
تأتي هاته الخطوة القضائية في سياق حماية السياح وتشجيع الاقتصاد الوطني من خلال تقديم صورة جميلة عن القطاع السياحي المغربي.
خدعة قصيرة تكلف ثمنا باهظا
وفق محاضر الضابطة القضائية. فقد تعرضت السائحة الفرنسية لعملية ابتزاز. بعد قيام المرشد، الذي اتضح لاحقا أنه يشتغل بطريقة غير قانونية، لكونه غير مسجل ضمن لائحة المرشدين المعتمدين. بتوجيهها نحو محل المتهمة المختصة في نقش الحناء.
وبعد تنفيذ نقش بسيط على إصبع واحد فقط، فوجئت السائحة بمطالبتها بدفع 600 درهم عن الخدمة المنجزة. وهو مبلغ يتجاوز التعريفة المعتمدة في السوق، والتي تتراوح عادة بين 30 و150 درهما.
وبعد رفض السائحة دفع المبلغ المبالغ فيه، تعرضت للضغط. ما دفعها، لاحقا، للتقدم بشكاية لدى مصالح الأمن التي فتحت تحقيقا فوريا في الملف.
بعد جلسات الاستماع والبحث المنجز. أدانت المحكمة المرشد السياحي غير المرخص بشهرين حبسا نافذة، مع غرامة مالية قدرها 2000 درهم. بعد إدانته بتهمتي انتحال صفة مرشد سياحي وممارسة النصب. فيما أدانت هيئة الحكم “النقاشة” بشهرين حبسا موقوفة التنفيذ مع غرامة مالية قدرها 1000 درهم. بعد متابعتها بتهمة المشاركة في النصب.
وقد استندت هيئة المحكمة في إصدار قرار الإدانة لمقتضيات “الفصل 381 من القانون الجنائي المغربي”، المتعلق بانتحال صفة منظمة قانونا.
تجدر الإشارة إلى أن الفصل 381 من القانون الجنائي يعاقب على انتحال لقب مهني أو شهادة رسمية دون حق، بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة تصل إلى 5000 درهما. وذلك على كل من يدعي لقبا مهنيا دون استيفاء الشروط القانونية أو يستخدم شهادة أو صفة رسمية دون وجه حق.
وأيضا بمقتضيات “الفصل 540 من ذات القانون”، المتعلق بجريمة النصب والاحتيال. والذي يجرم النصب والاحتيال. ويعاقب مرتكبيه بالسجن من سنة إلى 5 سنوات مع غرامة من 500 إلى 5000 درهم. وذلك لكل من استخدم وسائل احتيالية للاستيلاء على مال الغير أو ممتلكاته. من خلال تقديم تأكيدات خادعة أو إخفاء حقائق مهمة أو استغلال خطأ وقع فيه الغير. ويتم تشديد العقوبة في حال ارتكاب الجريمة عبر وسائل تكنولوجية أو كان الجاني موظفا عموميا، أو في حال استخدام أوراق مالية.
كما استند الحكم إلى مقتضيات الظهير المتعلق بتنظيم مهنة الإرشاد السياحي، ولا سيما “القانون رقم 05-12” المنظم للمهنة. الصادر عام 2012 والذي تم تعديله عدة مرات، آخرها من خلال “القانون رقم 67.21” الذي تم تفعيله في غشت من عام 2021. الذي يحدد شروط ممارسة المهنة وأنواع المرشدين السياحيين، مثل مرشدي المدن والمدارات السياحية. كما أنه يفرض ضرورة الحصول على ترخيص لممارسة النشاط.
أهمية القطاع وضرورة الردع حماية للاقتصاد الوطني
تأتي هذه الواقعة في سياق سلسلة من الشكايات التي يسجلها سياح مغاربة وأجانب بخصوص ممارسات تستهدفهم في مواقع سياحية كـ”مراكش”، “أكادير”، “طنجة” و”فاس”. وهو ما يفرض تقوية الإطار القانوني لحماية السائح المستهلك. مع تشديد العقوبات على الممارسات الاحتيالية التي تضر بصورة المغرب دوليا. والضرب بقوة على أيدي شبكات غير رسمية تمارس الإرشاد السياحي مقابل عمولات. والتي تسيء لصورة الضيافة المغربية وللثقة في الوجهات التراثية. لأن الأمر يتعلق بحماية منظومة اقتصادية وطنية تمثل أكثر من 8.6% من الناتج الداخلي الخام.
فالحادث يقتضي إطلاق حملات مراقبة ميدانية مستمرة بالساحات السياحية الكبرى. مع نشر لوحات تعريفية بالأسعار الرسمية لخدمات الحناء والصور والإرشاد السياحي. فضلا عن إطلاق منصة رقمية لتصنيف وتسجيل المرشدين المعتمدين. بغاية الرفع من جودة الخدمات المقدمة للسياح وإلزام الممارسين باحترام القوانين المنظمة للمهن السياحية. فضلا عن تجفيف منابع الاحتيال والاستغلال غير القانوني. انطلاقا من كون السياحة واجهة حضارية وصورة لبلد بأكمله.
وعلى العموم يحمل الحكم الصادر عن ابتدائية “مراكش” رسالة قوية لكل من يمارس مهنا مرتبطة بالسياحة خارج الإطار القانوني. مفادها ألا تسامح مع النصب ولا مجال للإضرار بصورة المغرب كوجهة آمنة وراقية. ويبقى التحدي الأكبر، اليوم، هو تحويل هذا القرار إلى آلية ردعية مستدامة ترافقها سياسات توعية وضبط ورقمنة قطاع الإرشاد والخدمات السياحية.