“أمسية الإبداع” بمدريد: لحظة احتفاء بالفن المغربي وتأكيد على وحدة الهوية والانتماء

تقرير محمد حميمداني وتصوير ياسين كوجاني

تقرير محمد حميمداني وتصوير ياسين كوجاني

 

في أجواء احتفالية راقية احتفاء بالذكرى الخمسين “للمسيرة الخضراء” المظفرة، خطفت “رفيعة غيلان” رئيسة “الجمعية المغربية للفن والموسيقى”. الأضواء بتنظيمها لـ “أمسية الإبداع” بالعاصمة الإسبانية “مدريد”، يومه السبت 8 نونبر 2025.

الحدث الذي مر في أجواء احتفالية رائعة، عرف مشاركة شخصيات ووجوه فنية مغربية بارزة، مع حضور لافت لأبناء الجالية المغربية المقيمة ب”إسبانيا”. إضافة لنخبة من الفنانين والمبدعين، في أجواء غلب عليها الطابع الوطني والفني الأصيل.

وقد استمد الحدث قيمته الكبرى من تزامنه مع صدور القرار الأممي الأخير الذي أعاد التأكيد على مغربية الصحراء. ما أضفى على الأمسية طابعا رمزيا عميقا في سياق تعبئة الجالية حول القضايا الوطنية.

مشاركة الجالية المغربية بالخارج: الفن كجسر انتماء

عرف هذا العرس الفني المتميز حضورا مميزا لمغاربة العالم، خاصة من الجالية المغربية المقيمة ب”إسبانيا”. مؤكدة من خلال هذا الحضور على مغربيتها وحبها الطفولي للوطن الذي حملته مذ الصغر فاليفاعة فالشباب. دلالة اعتزاز بالهوية المغربية الراسخة والانتماء القوي لكل حبة رمل وتراب من مغربنا العزيز.

وقد أضفى هذا الحضور جوا مفعما بالوحدة وحب الانتماء. وهو ما عكسته الكلمات التي تم إلقاؤها والتي أتت مفعمة ومحملة بعطر الاعتزاز بالهوية المغربية والوفاء للوطن رغم البعد الجغرافي. مؤكدة أن حب الوطن “لا يمحى ولا يستبدل”.

يأتي هذا الحضور في سياق متنام لدور الجالية المغربية في دعم الحركية الثقافية والفنية وتعزيز الدبلوماسية الناعمة للمغرب.

فقرات فنية ووجوه بارزة

تميزت الأمسية المنظمة بقاعة “سلطانة” بمدريد، تزامنا مع هاته الفعالية الوطنية الفنية. بتقديم عروض فنية مغربية أصيلة لفنانين بارزين. ضمنهم “عبد الرحيم الصويري”، أو الأصح “عبد الرحيم آيت الشلح”. أيقونة موسيقى الملحون والمديح. صاحب فصول “شمس العشية”، “لا إله إلا الله”، … التاريخية. و”سوبر ستار” المغرب، الفنان “حاتم إداري” و”زهير صنهاجي”. إلى جانب حضور أسماء لامعة. ضمنها “أشرف مصطفى”، “نور الزياني” و”رشيد العلوي”. إضافة ل”كريم الجوهري”. فيما وقعت على تفاصيل الحفل الإعلامية “مريم القصيري”.

كما تخللت هذا العرس الفني الوطني الكبير تقديم عروض أزياء مغربية فاخرة من إبداع المصممتين المغربيتين “بشرى” و”أمينة البوصيري”. باصمين عبر لوحات فنية وعروض للأزياء مميزة للإبداع المغربي وناقلة لتنوعه وسمو صوره في فضاء الموضة العالمية. عاكسة ثراء الهوية البصرية المغربية في عالم الموضة العالمية.

فقرات أشعلت هذا الحدث الفني الوطني الكبير من خلال وصلات إبداع رائعة عكست سمو الفن وقوة حضور الفنانين المغاربة دفاعا عن الأرض والإنسان والقيم السامية.

تأكيد الجمعية على احتضان الفن والفنانين 

أكدت “الجمعية المغربية للفن والموسيقى” بهاته الخطوة، كما في سابقاتها. على فلسفة عملها القائمة على المحافظة على التراث الفني المغربي ودعم الفنانين المغاربة. ومن هنا دلالة هاته الخطوة التكريمية التي ترسخ هاته الثقافة والفلسفة المنتهجة القائمة على تكريس ثقافة الاعتراف بكل الرموز الفنية التي بصمت تاريخ الفن المغربي بمداد من ذهب من خلال سمفونيات مغربية خالدة.

تكريم رموز فنية ونسائية

شهد هذا العرس الوطني والفني الكبير أيضا تكريم مجموعة من الفنانين المغاربة الذين بصموا على مسارات استثنائية داخل المغرب وخارجه. ضمنهم الفنان “عبد الرحيم الصويري” والفنان “حاتم إدار” والمصممة المغربية من أصل تطواني “رحيمو دافتي الخاطيب”. تقديرا لإسهاماتها في الحفاظ على أصالة القفطان المغربي.

تكريم يجسد فلسفة “الجمعية” القائمة على ترسيخ ثقافة الاعتراف والوفاء للمبدعين المغاربة الذين صنعوا هوية فنية متجذرة ومتجددة. انطلاقا من إيمانها بأن الأمم العظيمة هي التي تكرم مبدعيها. لأن الفن ذاكرة لا تشيخ.

تفاعل جماهيري وقرعة رياضية

عرف العرس الفني المنظم من قبل “الجمعية المغربية للفن والموسيقى” تنظيم قرعة للفوز بقمصان رياضيين مغاربة محترفين بالدوري الإسباني. والأمر يتعلق بكل من “سليم الجباري”، المحترف ب”نادي أتلتيكو مدريد” و”يوسف الخديم”، المحترف ب”نادي ريال مدريد”. وذلك بحضور أسرتي النجمين المغربيين.

خلال الحفل تم توزيع الجوائز على الفائزين. ما منح المناسبة بعدا تواصليا إضافيا بين الفنانين، الرياضيين ومغاربة العالم.

قوة الحدث والحضور

استمد الحدث أهميته وقوته من تزامنه مع قرار “الأمم المتحدة” تجديد  موقفها الداعم للمسار الذي يقوده المغرب في ملف الصحراء. انسجاما مع قرارات مجلس الأمن، خصوصا القرارين 2602 لعام 2021 و2703 لعام 2023. المؤكدة على أولوية مقترح الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا ذا مصداقية. ودعما إقليميا ودوليا متزايدا.

كما يتقاطع هذا الحدث الثقافي مع تطور الدينامية الدبلوماسية المغربية القائمة على ما يعرف بـ “القوة الناعمة الثقافية” التي تلعب دورا كبيرا في تعزيز تمثلات الهوية.

وفي هذا السياق، عبر أبناء “الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا” عن تعلقهم الدائم بوطنهم واستحضارهم لقيم المسيرة الخضراء. 

رسائل قوية من الجالية المغربية

أكدت “رفيعة غيلان”، رئيسة “الجمعية المغربي للفن والموسيقى”، في تصريح لها. أن “الجمعية” تعتبر هذا الحدث محطة ضمن مسار مستمر لدعم الثقافة والفن المغربيين”. مضيفة: “سنواصل العمل التطوعي الوطني تحت شعار: “من أجل رفع راية المغرب عاليا”. انطلاقا من إيماننا بأن الفن واجهة لإبراز هويتنا ورمزا لتأكيد قوتنا الناعمة.

كما عبرت “رفيعة غيلان” عن فخرها بتنظيم هذا الحدث، قائلة: “نحن اليوم لا نحتفل فقط بذكرى وطنية عظيمة، بل نجدد البيعة الرمزية للوطن. ونؤكد أن المغرب في القلب وإن ابتعدت المسافات”.

كما تقدمت بالشكر لجميع الداعمين والمساهمين. مؤكدة أن نجاح الحدث يعكس وحدة المغاربة داخل الوطن وخارجه تحت شعار: “فن، وطن، انتماء”. مبرزة أن “الجمعية” ستواصل تنظيم فعاليات ثقافية تهدف لتعزيز الروابط بين الجالية المغربية ووطنها الأم. 

من جانبه، أكد المهاجر المغربي “ياسين كوجاني”، ناقل لقطات هذا الحفل الوطني الكبير للجريدة. أنمثل هاته المبادرات تجعلنا نشعر أننا لا زلنا جزءا حقيقيا من الوطن مهما طال الغياب”.

قراءة في الحدث

لم يكن الاحتفال مجرد سهرة فنية عابرة، بل رسالة رمزية حملت روح وقوة الثقافة المغربية في توحيد الأجيال كضمانة لتجذر الانتماء الوطني رغم البعد الجغرافي. إيمانا من الجميع بالدور المتنامي للفن في بناء جسور الهوية والدبلوماسية الثقافية.

كما شكلت “أمسية الإبداع” محطة مضيئة في المشهد الثقافي المغربي. مؤكدة مرة أخرى أن الفن ليس مجرد لون من الترفيه. بل أحد أعمدة الدفاع عن الهوية، وترسيخ الوحدة، وصناعة الجسور بين المغاربة داخل الوطن وخارجه.

وقد أكد الحدث بقوة الحضور والفقرات المتنوعة المقدمة عن سمو طابعه الفني الراقي الممزوج بالروح الوطنية. وعن حمولة رمزية مؤكدة على الانتماء والهوية المغربية. وعن مضمون رسالة قائمة على الوحدة الوطنية تحت راية الفن الأصيل. وعن أهداف سامية عنوانها  الحفاظ على التراث الفني المغربي ودعم الفنانين المغاربة وتكريس ثقافة الاعتراف بالرموز الفنية. فضلا عن رفع راية المغرب عاليا في المحافل الدولية.

أهداف أكدت عليها كل من “رفيعة غيلان”و”ياسين كوجاني” من خلال تشديدهما على الاستمرار في العمل التطوعي الوطني. فضلا عن توحيد كافة مكونات الشعب المغربي بالداخل والخارج على قاعدة ترسيخ قيم المحبة والانتماء الوطني. مبرزين أن هاته المحطة العرس تأكيد على تواصل المغاربة بالخارج مع الوطن. وأيضا ربط للفن بالهوية الوطنية. فضلا عن تكريس ثقافة الاعتراف بالإبداعات المغربية المتميزة ودعمها مع التركيز على دور المرأة في المشهد الفني.

أهداف عكستها بصدق الأمسية المنظمة التي مثلت نموذجا للفن الهادف الذي يجمع بين الإبداع والانتماء الوطني. مؤكدة حرص “الجمعية المغربية للفن والموسيقى” على تثبيت وترسيخ الهوية الثقافية المغربية الأصيلة. ليتجاوز بذلك الحدث كونه مجرد أمسية فنية إلى حضوره كاستراتيجية ثقافية أوسع تسعى لتفعيل دور الجالية المغربية كفاعل ثقافي ودبلوماسي. فضلا عن تعزيز الذاكرة الوطنية وترسيخ رمزية المسيرة الخضراء لدى الأجيال الجديدة وحماية التراث الفني المغربي عبر مبادرات تكريم وتثمين رموزه. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.