المغرب: القوات المسلحة الملكية تنظم تدريبا أمميا لمحاربة الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية

العدالة اليوم

 

في خطوة تجسد التزام المغرب المتواصل بدعم السلم والأمن الدوليين. نظمت “القوات المسلحة الملكية المغربية” بتعاون مع “إدارة عمليات السلام” التابعة “للأمم المتحدة”. دورة تدريبية دولية للمكونين متخصصة في مكافحة الأخبار الزائفة وخطاب الكراهية وتأثيرهما على عمليات حفظ السلام. وذلك خلال الفترة الممتدة من 03 إلى 14 نونبر 2025.

عرفت هاته الدورة مشاركة 24 ضابطا عسكريا يمثلون 10 دول من إفريقيا، أوروبا، آسيا وأمريكا اللاتينية. وهو ما يؤكد البعد الدولي والتشبيك الأمني المتقدم الذي تسعى إليه المملكة ضمن منظومة التعاون العسكري متعدد الأطراف.

وقد تخلل برنامج هاته الدورة تقديم مجموعة من الدروس النظرية والتطبيقية ذات الصلة بمجالات الوقاية من الأخبار الزائفة والمضللة وخطاب الكراهية خلال عمليات السلام. حيث تم تخصيص جزء مهم منها للقوانين المتعلقة بهذا النوع من التهديدات. إضافة لإقامة تمارين تحاكي سيناريوهات عملياتية واقعية.  

برنامج أتاح للمشاركين إمكانية تطبيق المعارف النظرية المكتسبة طيلة فترة الدورة التدريبية. وبالتالي ترجمتها لإجراءات عملية يمكن تنفيذها في الميدان.

وقد هدفت هاته التداريب، سواء في شقها النظري أو التطبيقي. إلى تقديم أفضل الوسائل الممكنة للتصدي للتهديدات الرقمية في مسارح النزاعات. فضلا عن التطرق لتأثير التضليل الرقمي على الأمن الإنساني خلال النزاعات. إضافة لإقامة ورش مهني متصل بتقنيات كشف الأخبار الزائفة والتحقق الصحفي العسكري، (OSINT). إلى جانب تدريبات عملياتية تحاكي سيناريوهات واقعية من بعثات أممية. 

تداريب انطلقت من قاعدة أن تحديات اليوم لم تعد فقط ميدانية، بل رقمية وإعلامية. إذ قد تؤدي معلومة مضللة واحدة إلى انهيار كامل لعملية سلام. 

كما يشكل هذا التكوين محورا أساسيا، بالنظر للدور الفعال الذي تضطلع به المملكة المغربية في دعم عمليات حفظ السلام الدولية. وذلك من خلال المشاركة المباشرة للتجريدات العسكرية المغربية في العديد من بؤر التوتر في العالم منذ عام 1958. خاصة في “جمهورية الكونغو الديمقراطية”، “إفريقيا الوسطى”، “مالي”، “جزر القمر” و”ساحل العاج”.

تجدر الإشارة إلى أن هذا التكوين يندرج ضمن مقتضيات “قرار مجلس الأمن رقم 2686” لعام 2023، المتعلق بمكافحة خطاب الكراهية والتحريض خلال الصراعات المسلحة. المؤكد على أن خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز العنصري والعداء للأجانب والتعصب والتمييز بين الجنسين وأعمال التطرف يمكن أن تسهم في اندلاع النزاعات. حاثا الدول الأعضاء على إدانة العنف وخطاب الكراهية والتحريض والتطرف. إضافة للتوجيهات العملياتية للأمم المتحدة حول “النزاهة المعلوماتية في عمليات حفظ السلام”.  

كما أنه ينسجم مع الفصل 25 من الدستور المغربي، المؤكد على حماية حرية الرأي مع التشديد على الالتزام بعدم نشر قيم الكراهية أو التضليل. والفصل 447 و447ـ1 و473 من الدستور، المجرمة للمساس بالسلامة المعلوماتية ونشر محتوى زائف او مسيء. فضلا عن الاتفاقيات الدولية الداعية لحماية المدنيين من آثار التحريض الإعلامي. 

المغرب فاعل دولي في الأمن الرقمي لعمليات السلام

يؤكد هذا التدريب المكانة المتنامية للمملكة المغربية كفاعل دولي في مجال ضمان الاستقرار الأمني وحماية المجتمعات في مناطق النزاع. وذلك في ظل انتشار حملات التضليل الهادفة لتقويض الثقة في قوات حفظ السلام وخلق انقسامات إثنية وسياسية وعرقلة المسار التفاوضي والسلمي.

جدير بالذكر أن تقريرا صادرا عن “المنتدى الاقتصادي العالمي” و”الاتحاد الدولي للاتصالات” أفادا بتزايد الهجمات وتصاعد الخسائر. ففي عام 2024، شهد العالم زيادة في الهجمات السيبرانية التي تهدف إلى تعطيل العمليات، مع ارتفاع كبير في طلبات الفدية التي وصلت إلى متوسط  1.25 مليون دولار. الأمر الذي دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر دجنبر من عام 2024 لاعتماد اتفاقية لمنع الجريمة السيبرانية لتعزيز التعاون الدولي ضد هذه الجرائم.

فالأخبار الزائفة ليست مجرد كلمات بل أسلحة صامتة قادرة على تأجيج العنف وإسقاط المجتمعات. بل أن التضليل الإعلامي أصبح أقوى من بعض الأسلحة التقليدية. لكونه يغير العقول قبل الخرائط. وهو ما يجعل حماية الحقيقة جزءا من الأمن الدولي.

ومن هنا، يأخد هذا التكوين أهميته باعتباره خطوة استراتيجية تتجاوز البعد العسكري التقني لتكريس مفهوم جديد للأمن. يعتمد على الوعي المعلوماتي وأمن الفضاء الرقمي وحماية المدنيين من تأثير التضليل الإعلامي.

وهو توجه ينسجم مع رؤية المملكة في تعزيز الدبلوماسية الدفاعية وترسيخ الأمن الوقائي. فضلا عن إرساء نموذج إقليمي في مجال إدارة المخاطر المعلوماتية في مناطق النزاع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.