إهانة مواطن مسن تتسبب في عزل قائد بإحدى القيادات ب”تنغير”

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

في خطوة “حازمة”. قرر وزير الداخلية  المغربي، “عبد الوافي لفتيت”. توقيف قائد “قيادة تغزوت”، من مهامه وإلحاقه بمقر “عمالة إقليم تنغير”.  

جاء هذا القرار على خلفية تداول مقطع فيديو يظهر فيه المسؤول الترابي موجها إهانة لفظية لمواطن مسن، خلال نشاط طبي تم تنظيمه بالمنطقة. وذلك أمام مرأى ومسمع المواطنين الحاضرين. وهو الشريط الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثيرا حفيظة الساكنة. ومفجرا في الوقت نفسه موجة من الغضب وسط رواد هاته المواقع.

يأتي هذا القرار تفعيلا لمقتضيات “الفصلين 154 و157 من الدستور المغربي. المتعلقين بأخلاقيات المرفق العمومي وربط المسؤولية بالمحاسبة.

جدير بالذكر أن الفصل 154 من الدستور المغربي يحدد المبادئ الأساسية لتنظيم المرافق العمومية. القائمة على مبادئ المساواة في الولوج، الإنصاف في تغطية التراب الوطني والاستمرارية في أداء الخدمات. مع إخضاعها لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والقيم الديمقراطية. فيما ينص الفصل 157 على أن ميثاقا للمرافق العمومية يحدد قواعد الحكامة الجيدة لتسيير الإدارات العمومية والجهات والمؤسسات العمومية. 

تعود تفاصيل الواقعة إلى نهاية شهر مايو الماضي، حين دون مقطع مصور لحظة تهجم المسؤول الترابي على رجل مسن ناعتا إياه بلفظ مهين.  

مشاهد أثارت تفاعلاً واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، مخلفة حالة من الغضب الكبير لدى المواطنين بسبب ما تعرض له المسن من إساءة.  

ووفق مصادر إعلامية، فقد توصلت المصالح المركزية لوزارة الداخلية، بشكايات عديدة في الموضوع، ما عجل بفتح تحقيق إداري انتهى بإصدار قرار عزل القائد من منصبه ونقله إلى عمالة تنغير دون تكليف رسمي. فيما تم إسناد مهام إدارة شؤون القيادة مؤقتا لنائب رئيس قسم الشؤون الداخلية إلى حين تعيين مسؤول بديل. 

حادث أثار ردود فعل قوية لدى الفاعلين الجمعويين والحقوقيين. الذين استنكروا بشدة صدور مثل هذا السلوك عن ممثل للسلطة من المفترض فيه حماية كرامة المواطنين وحمايتهم وضمان حسن استقبالهم.

بهذا القرار تؤكد وزارة الداخلية التزامها بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وإصرارها على بثر كل تجاوز يمس بكرامة المواطنين في إطار سياسة تهدف لتعزيز الثقة في المرفق العمومي وتكريس قيم الحكامة الجيدة. لإيمانها بأنه لا يمكن بناء دولة دون احترام المواطنين أولا وقبل كل شيء.

واقعة تؤكد فعالية الرقابة الاجتماعية الرقمية حيث أصبحت منصات التواصل الاجتماعي فضاء موازيا للتبليغ والمساءلة. كما حمل هذا الإجراء الإداري المتخذ تأكيدا رسميا على سعي الدولة لترسيخ مبادئ الشفافية الإدارية، الحكامة الجيدة، حماية كرامة المواطنين وتقوية الثقة في المؤسسات.

موقف يتماشى مع التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش لعام 2020، الذي جاء فيه: “لا مكان في المغرب الجديد للتهاون أو الاستهتار بحقوق المواطنين وكرامتهم”. وهو تأكيد مولوي يعكس التزام جلالته بالنهوض بالتنمية البشرية الشاملة وضمان حقوق المواطنين في ظل المغرب الجديد الذي يسعى لبنائه. 

فالقرار إذن رسالة سياسية وإدارية مزدوجة موجهة للداخل مؤكدة على أن تجاوزات السلطة لم تعد تمر دون مساءلة. وللخارج مبرزة مسار المغرب في إصلاح الإدارة من خلال تحسين صورة المرفق العمومي. بما يعكس تحولا تدريجيا نحو ثقافة مؤسساتية جديدة ترفع من قيمة احترام المواطن وتضع كرامته فوق هرم الأولويات الإدارية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.