خرج مئات التونسيين، السبت، في مسيرة احتجاجية، شهدتها العاصمة التونسية. تم وصفها بأنها الأضخم خلال الأشهر الأخيرة. والتي عرفت مشاركة نشطاء سياسيين وفعاليات حقوقية ومواطنين.
وأوضحت “وكالة فرانس برس” نقلا عن مشاركين في الفعالية الاحتجاجية أن هاته الحركة الاحتجاجية جاءت رفضا لما أسماه المحتجون “الظلم المسلط” و”تدهور الحقوق والحريات” في ظل وضع اقتصادي واجتماعي مترد.
دفاع عن الحريات ومطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين
سارت المسيرة التي دعت إلى تنظيمها “هيئة الدفاع عن القاضي والمحامي السابق “أحمد صواب”، في شوارع العاصمة “تونس”. حاملة شعارا مركزيا عنوانه “ضد الظلم”.
تجدر الإشارة إلى ان القاضي والمحامي السابق “أحمد صواب”، مسجون بسبب انتقاده للنظام القضائي، وفق ما اوردته مصادر حقوقية تونسية.
وقد توقف المحتجون أمام مواقع رمزية، أبرزها “المجمع الكيميائي التونسي”، المتهم بالتسبب في تلوث بيئي ب”مدينة قابس”. ومقر “النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين” التي حذرت مؤخرا من “موجة غير مسبوقة من التضييق على حرية التعبير”.
وردد المتظاهرون شعارات منددة بالنظام القائم ومطالبة بإسقاطه، من قبيل “الشعب يريد إسقاط النظام”، كما تم حمل لافتات مكتوب عليها “ليس رئيسي”.
ونقل المحتجون في المسيرة رفضهم لما وصفوه “استعمال القضاء لتصفية المعارضين”. مطالبين بالإفراج عن صحافيين ومحامين وفاعلين مدنيين، تتم محاكمتهم بموجب “المرسوم 54″، المتعلق بمكافحة الأخبار الزائفة.
جدير بالذكر أن المرسوم بمثابة قانون الحامل لرقم 54، الذي وقعه الرئيس “قيس سعيد” في شهر شتنبر من عام 2022. يهدف ل”مكافحة المعلومات والشائعات الكاذبة على الإنترنت”. حيث تنص “المادة 24 من المرسوم” بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات وغرامة تصل إلى 50 ألف دينار لكل من ينشر مثل هذه المعلومات.
مرسوم تصفه منظمات حقوقية دولية، مثل “هيومن رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية”، بأنه قانون “فضفاض يسمح بملاحقة الانتقاد السياسي”.
نقيب الصحافيين التونسيين، “زياد دبار”. قال خلال المسيرة : “نحن هنا لأن القوانين يتم استخدامها لتكميم الأفواه. لن نتراجع عن المطالبة بدولة تحترم القانون لا تنتجه لاستهداف منتقديها”.
مشاركون آخرون وصفوا ما يدور ب”تونس” ب”أنه الأسوأ” في تاريخ حرية الصحافة منذ 2011. وأن ما يجري في “تونس” هو “سياق مظلم. لدينا سجناء رأي، صحافيون في السجون، وقضايا بيئية تؤكد غياب العدالة الاجتماعية”.
وضع اقتصادي بمؤشرات مقلقة
حملت الحركة الاحتجاجية ايضا مطالب اجتماعية ذات صلة بانهيار القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع الأسعار. حيث بلغ التضخم أعلى مستوياته مسجلا 10% عام 2023. فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة التي تتراوح ما بين 16% و36%، حسب الفئات العمرية، وفق مصادر رسمية. فيما لم يتعدى النمو الاقتصادي 1.2% خلال السنتين الأخيرتين، وفقا لبيانات البنك الدولي.
وفي هذا السياق صرحت إحدى المشاركات في التظاهرة قائلة: “الدواء غالي، الغذاء غالي، وحتى الكلام أصبح مكلفا.! لا يمكننا حتى التعبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون خوف”.
الوضع التونسي القائم السياق والدلالات
ترجع جذور الأزمة المتفجرة في “تونس” إلى 25 يوليو من عام 2021. بعدما أعلن الرئيس التونسي “قيس سعيّد” عن إجراءات استثنائية شملت حل البرلمان وإقالة الحكومة. قبل أن يصادق على دستور جديد يمنحه صلاحيات واسعة.
واقع اعتبرته جمعيات حقوقية “ارتدادا ديمقراطيا”. فيما يصفه الرئيس التونسي بأنه “تصحيح لمسار الدولة ومحاربة للفساد”. معتبرا أن تلك الخطوات ضرورية لإنقاذ “تونس” من “أيدي لوبيات المال والإعلام والسياسة”.
مسيرة تتزامن مع إطلاق دعوات لمزيد من التعبئة، خلال الأسابيع المقبلة. وسط حديث عن احتمال توسع الاحتجاجات لتشمل مناطق أخرى. مع تسجيل توترات اجتماعية في ولايات الجنوب والوسط.
ويرى محللون أن المشهد التونسي يعيد إلى الأذهان بدايات الحراك الاجتماعي قبل ثورة 2011. مشددين على أن السياق الحالي أكثر تعقيدا نظرا للانقسام الحاد الذي يشهده الشارع السياسي مع تسجيل غياب بدائل حزبية قوية.
هذا التوجه الجديد المتفجر في وجه السلطات التونسية، عكسته إحدى السيدات في تصريح نقلته “وكالة فرانس برس” قائلة: “لقد سئمنا من هذا الرئيس وحاشيته. البلد غارق في البؤس، لا يمكننا شراء أي شيء، البلد ينهار، والمستشفيات في حال سيئة”.