في ظل حالة التوتر المتصاعد داخل المشهد الإعلامي. عبر “المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للإعلام والصحافة”، المنضوية تحت لواء “الكونفدرالية الديمقراطية للشغل”. في بيان حاد أصدره. رفضه لما وصفه بـمحاولات تهميش وإقصاء التنظيمات المهنية المستقلة. محذرا من ممارسات تهدد استقلالية القطاع وحقوق العاملين فيه.
وأكد البيان، الذي تتوفر الجريدة على نسخة منه. أن النقابة تلقت معلومات ومعطيات مقلقة حول ما تعتبره “محاولات لإضعاف الجسم الصحفي وتمرير قرارات فوقية دون إشراك الهيئات المهنية”. داعيا لوقف ما وصفه بـ”التحكم المؤسساتي” مع إعادة الاعتبار لمبادئ التنظيم التشاركي والشفافية.
تعبير عن رفض الإقصاء والدعوة لحوار مسؤول
عبر البيان عن رفضه لما اسماه كل محاولات الاستفراد بالقرار داخل القطاع الإعلامي. مدينا، في الوقت نفسه، أي مساس بحقوق الصحافيين والمؤسسات الإعلامية المستقلة. مطالبا بفتح حوار مهني واسع مع كل التمثيليات الشرعية ومحذرا من اتخاذ قرارات أو صياغة نصوص تنظيمية دون إشراك الهيئات المهنية.
وأكدت النقابة أن “المساس بحرية التنظيم النقابي واستقلالية الصحافة خط أحمر”. مذكرة بأن العمل النقابي “مكفول دستوريا وفق الفصلين 8 و29 من دستور المملكة المغربية. فضلا عن قانون النقابات المهنية 65.99″، المؤكد على ضمان حرية النقابات، مانعا أي تمييز قائم على النشاط النقابي.
تجدر الإشارة إلى ان الفصل الثامن من دستور المملكة ينص على أن المنظمات النقابية والمهنية والغرف المهنية تساهم في الدفاع عن مصالح من تمثلهم ويجب أن تؤسس وتمارس نشاطها بحرية وفي إطار احترام الدستور والقانون. مع ضمان أن تكون هياكلها وتسييرها ديمقراطي. فيما يؤكد الفصل التاسع والعشرون على أن حريات الاجتماع والتظاهر السلمي وتأسيس الجمعيات والانتماء النقابي والسياسي مكفولة، ويحدد القانون شروط ممارستها.
ويتزامن إصدار هذا البيان مع نقاش وطني واسع تم إطلاقه في موضوع مستقبل الدعم العمومي للصحافة وإعادة تنظيم الأطر المهنية داخل القطاع. فضلا عن استمرار التوترات بين عدد من الفاعلين الإعلاميين ومؤسسات التمثيل المهني.
وفي هذا الشأن يؤكد البيان على أن أي إصلاح “لا يمكن أن يفرض من فوق”. معتبرا أن التنظيم الذاتي للصحافة يجب أن يبنى على “مبدأ الشرعية التمثيلية لا الولاءات الظرفية”.
تفجر خلافات داخل المشهد الإعلامي المغربي وسؤال المصلحة
على الرغم من أن البيان لم يذكر جهات أو مؤسسات بالاسم، إلا أن صياغته تشير بشكل واضح لوجود خلافات حول طريقة إدارة المرحلة الانتقالية داخل القطاع الإعلامي. وما يتم الحديث عنه من وجود منطق إقصائي وبشكل “ممنهج” لبعض التنظيمات الصحفية.
وفي هذا السياق، أكدت النقابة أنها ستلجأ إلى المساطر المؤسسية، الضغط النقابي ولربما التحرك الميداني، إن استمرت هاته التجاوزات، وفق تعبير البيان.
صراع تمثيلية أم أزمة حكامة؟
يرى مراقبون أن الأزمة القائمة ليست بجديدة. فهي تعكس عمق التباينات داخل المشهد الإعلامي المغربي. بين من يدعو لإعادة هيكلة المشهد الإعلامي وفق منطق الحكامة الحديثة. ومن يعتبر أن هناك توجها لإعادة تشكيل المشهد وفق اختيارات سياسية أو إدارية ضيقة.
تأتي هذه التطورات أيضا في ظرف يتسم بتراجع وضع حرية الصحافة وفق مؤشرات دولية وصعوبات اقتصادية تواجه المقاولات الإعلامية. فضلا عن تحولات اجتماعية رقمية تعيد تعريف العلاقة بين الصحافة والجمهور.
فالبيان كشف عن عمق الاحتقان النقابي والمؤسساتي القائم داخل القطاع الإعلامي بالمغرب. إذ تقول الجهات المسؤولة انها تسعى لإعادة بناء الإطار التنظيمي للقطاع. فيما تصر الهيئات المهنية والنقابية على أن الإصلاح يجب أن يتم عبر الحوار، الشراكة واحترام التمثيلية. لا عبر الإقصاء أو القرارات الأحادية.
ويبقى السؤال المطروح أي أفق يسير إليه المشهد الإعلامي المغربي؟ هل يتجه القطاع لإصلاح فعلي عبر قاعدة الديمقراطية التشاركية وتعزيز الشفافية؟ أم نحو مزيد من التصعيد والتنابذ والصراع؟.