أصدر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ب”الرباط” بلاغا رسميا، شدد من خلاله على أن استمرار اعتقال “محمد زيان” قانوني ولا يشوبه أي طابع تعسفي.
جاء هذا التوضيح ارتباطا بما تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي في شأن الوضعية القانونية ل”محمد زيان”، بناء على إفادة أسرته.
وكانت أسرة “محمد زيان” قد أفادت بأن هذا الأخير دخل في إضراب عن الطعام احتجاجا على ما اعتبره “اعتقالا تحكميا” منذ 21 نونبر 2025. أي بعد انتهاء العقوبة الحبسية الأولى الصادرة في حقه.
وفي هذا السياق، أكد الوكيل العام للملك لدى استئنافية “الرباط”، أن ما تم تداوله غير صحيح. وأن اعتقال “زيان” قانوني ولا يشوبه أي طابع تعسفي.
وأوضح البلاغ أن “زيان” محكوم في ملفين قضائيين منفصلين. الأول يتعلق بحكم نهائي مدته ثلاث سنوات سجنا نافذا، بدأ تنفيذها بتاريخ 21 نونبر من عام 2022. فيما يرتبط الثاني بتهم ثقيلة من بينها اختلاس وتبديد أموال عامة. وهي القضية التي صدر في شأنها قرار بالإدانة بثلاث سنوات سجنية أخرى، والذي تم تأييده استئنافيا بتاريخ 7 مايو من عام 2025.
وأضاف: أن القرار الصادر لا يزال محل طعن بالنقض. وهو ما يجعل العقوبة غير مكتسبة لقوة الشيء المقضي به. وبالتالي فإن استمرار اعتقال “زيان” بعد 21 نونبر 2025 يبقى اعتقالا قانونيا، باعتباره معتقلا احتياطيا على ذمة القضية الثانية.
وأفاد البلاغ أن دفاع “محمد زيان”، ولاقتناعه بوجود أمرين قضائيين منفصلين لإيداعه السجن. تقدم بتاريخ 4 نونبر 2025 بطلب يرمي إلى إدماج العقوبتين. مضيفا أن الطلب قد تمت إحالته على الهيئة المختصة بمحكمة الاستئناف التي ناقشته في جلسة 12 نونبر 2025. قبل أن تقرر تأجيل البث في الطلب إلى غاية 26 نونبر 2025 بناء على طلب من دفاعه.
وشدد الوكيل العام للملك على أن وضعية السجين لا تتضمن أي شائبة “تحكم”، وأن جميع الإجراءات المتخذة في حقه تتم وفق ما يقتضيه القانون.
تجدر الإشارة إلى ان الوضع القانوني ل”زيان” مؤطر وفق قواعد “الفصل 392 وما بعده من قانون المسطرة الجنائية المرتبط بطرق الطعن.
تجدر الإشارة إلى أن “الفصل 392 وما بعده من قانون المسطرة الجنائية المغربي”، تتصل بطرق الطعن، خاصة فيما يتصل بالاستثناءات المرتبطة بقاعدة وقف التنفيذ. إذ يمنح “الفصل 392” للمحكمة سلطة إصدار أمر بإيداع المتهم السجن أو القبض عليه رغم وجود الطعن، خاصة إذا كانت العقوبة تفوق سنة. وتبرز مواد أخرى طرق طعن مختلفة، مثل إمكانية التعرض على الأحكام الغيابية بموجب “الفصل 393”. كما أن هناك استثناءات أخرى تتعلق بإيقاف التنفيذ في أحكام مدنية أخرى.
والفصل 159 من الدستور المغربي الذي ينص على استقلالية القضاء. فضلا عن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، خاصة المتعلقة بالحجز الاحتياطي والطعن.
جدير بالذكر أن المغرب صادق على العديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك تلك التي تحمي الحجز الاحتياطي والحق في الطعن. ضمنها “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وبروتوكولاتها الاختيارية” و”الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”. فضلا عن “اتفاقية مناهضة التعذيب”. وهي اتفاقيات تضع مبادئ وتفاصيل حول حماية هاته الحقوق، وتلزم الدول الموقعة بتوفير آليات قانونية لضمانها.
وبناء على هاته المعطيات القضائية، فإن الحكم الإضافي الصادر في الملف الثاني لا يزال موضوع طعن بالنقض. ما يجعل العقوبة غير مكتسبة لقوة الشيء المقضي به. وبالتالي يظل استمرار اعتقال “زيان” احتياطيا وإجرائيا وفق القانون.
المشرع وطلب ضم العقوبات
بحسب المعطيات الرسمية التي تضمنها البلاغ، فإن دفاع “زيان” تقدم بتاريخ 4 نونبر 2025 بطلب يرمي إلى ضم العقوبتين السالبتين للحرية. من أجل احتسابها كعقوبة موحدة بدل الترتيب. وقد تمت إحالة الطلب على الهيئة المختصة بمحكمة الاستئناف بالرباط. التي ناقشته في جلسة 12 نونبر 2025، قبل أن تقرر تأجيله إلى 26 نونبر 2025 بطلب من الدفاع.
يرى مختصون في القانون الجنائي أن هذا النوع من الطلبات مؤطر بمقتضيات “المادة 147 من قانون المسطرة الجنائية”، المتعلقة بضم العقوبات السالبة للحرية. والتي تعني أنه في حال صدور عدة أحكام ضد نفس الشخص، يتم جمع العقوبات السالبة للحرية التي صدرت ضده في حكم واحد أو أحكام مختلفة، لتكون عقوبة واحدة. إلا ان البث فيها يخضع لملاءمات قضائية محددة تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الأفعال المدان بشأنها ووضعية السجين وسياق صدور الأحكام.
القرار بين النص القانوني وردود الأفعال
أثار الملف نقاشا علنيا مستفيضا حول حدود ممارسة حرية التعبير والدفاع السياسي واستقلالية القضاء المغربي في الملفات ذات الحساسية. إضافة لمعايير تدبير وضعيات الاعتقال الاحتياطي والطعن القضائي.
وفي هذا السياق، دعا حقوقيون لضمان الشفافية والمسار العادل للمحاكمة. منطلقين من مبدأ ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مفاده: أن “كل متهم بريء حتى تثبت إدانته وفق محاكمة عادلة”.
في سياق متصل، يرى آخرون أن هاته القضية تشكل اختبارا جديدا لمدى انسجام العدالة المغربية مع الإصلاحات القضائية والدستورية التي تم إطلاقها عام 2011، تحت عنوان “حماية الحريات وتعزيز دولة القانون”.
فيما يؤكد البلاغ الرسمي الصادر عن النيابة العامة أن وضعية “زيان” القانونية سليمة وتندرج ضمن المساطر الجاري بها العمل. وأن الحديث عن “اعتقال تحكمي” لا يستند إلى أساس قانوني، ما دام الحكم الثاني محل متابعة قضائية ومستمر ضمن إجراءات الطعن.
وبينما تتجه الأنظار لجلسة 26 نونبر من العام الحالي، التي ستبث في طلب ضم العقوبات. يبقى الملف مفتوحا على تطورات قانونية وإعلامية قد تعيد رسم مسار النقاش حول العدالة، الحقوق وحدود التقاضي في المغرب.