قصة معاناة فعلية طويلة عاشتها “شيماء العياط” امتدت لأربع سنوات. تعكس معاناة فتيات في سن الربيع تفرض عليهن الظروف زواجا قسريا مكبلا بمنطق ذكوري لا يرحم.
بدأت معاناة “شيماء” بخطوبة قصيرة لتنتهي بزواج عرفي سري فمعاناة ممتدة لا تتوقف. بل يتم القذف بها من خارج مسكن الزوجية كما دخلت بلا حقوق ولا سند.
قصة تحمل معاناة المرأة مع واقع التسلط القسري المفروض عليها على الرغم من وجود نصوص تحمي حقوقها. إلا ان هاته النصوص تبقى معلقة في واقع قائم على الاستبداد والاستعباد الاسري.
معاناة ابتدأت تفاصيلها من “العياط”، وطفولة القهر والفراغ العاطفي التي عاشتها “شيماء” عقب انفصال والديها وزواج كل منهما. لتترك للوحدة والفراغ القاتل لانعدام إخوة يؤنسون مشوار معاناتها ويتوسدونه في عالم التيه والضياع الممتد. اللهم من جدة شكلت سندها المادي وذرعها الحامي رغم اثر السنين على محياها.
فراغ جعلها تبحث عن دفئ عاطفي وأسري ولو كان سرابا أو خيطا اوهن من بيت العنكبوث. لتسقط في بئر بلا قرار وظلمة أشد من الوحدة. لتتوحد الأخيرة مع القهر والاستعباد وليصبح التسلط والضياع مرادفين لمعاناة اتسعت بلا أفق ولا انفراج باد. بل انفجارات عاشتها قذفت بها خارج محيط الحياة المفترض دفئا ليتحول إلى لهيب لانهائي وتوحد مع الالم بدل الأمل الذي حلمت به.
قصة تفرض مراجعة شاملة ليس نحو مزيد من الحقوق الإنسانية الضرورية للحياة الكريمة وفق النصوص القانونية الوطنية والدولية. بل القيام بثورة شاملة تقتضي تفعيل الآليات الرقابية وزجر كل هاته الأشكال المقيدة للمرأة والتي تدوس على القوانين يغذيها الجهل بالحقوق وعسر الحال.
تقول شيماء: ابتدأت معاناتي بارتباطي برجل اعتقدته مخلصا من الألم والضياع والوحدانية. انطلقت الرحلة الحلم بخطوبة قصيرة لم تتعد الشهرين. لتتطور إلى زواج عرفي سري تحت الضغوطات التي تمت ممارستها عليها. بدعوى أن ظروفه لا تسمح بالزواج الرسمي بسبب ارتباطه الأسري القائم.
بعد ثلاث سنوات من الزواج القبر المغلف بالأحلام. اكتشفت “شيماء” أن زوجها كان يتحكم في حياتها ويقدم لها أدوية دون علمها، بعضها بهدف الإجهاض. وهو ما تسبب في إجهاضها خلال فترتي حمل.
واقع يفرض مسؤوليات مضاعفة على المسؤولين من باب إلزام الأسر بتعليم بناتهن والرقي بالمنظومة التعليمية لتكرس فعليا المساواة في الحقوق والواجبات بناء لدولة المواطنية الكاملة. وبثرا لمنطق “السي السيد” الذي لا زال يوجع المجتمعات في وأد من خارج النصوص للمرأة. وهذم لمنطق اعتبارها”ضلعة عوجة، ومراتي حاشاك” التي لا زالت تنخر جسد مجتمعاتنا الشرقية.
بل أن تلك المعاناة اتسعت بعد أن منعها الزواج من الاتصال بأسرتها لتطرد من بيت الزوجية بلا سبب وبلا عنوان. كل ما تملك الآن سؤال لانهائي ممتد على معاناة هي جزء من معاناة نساء في زمن ذكوري لا يرحم. وإنسانية مغتصبة مع سبق الإصرار والتعمد. عاجزة عن إثبات الزواج وضمان الحقوق. كما عجزها عن فرض الذات في زمن لا سلطة فيه إلا للأمر الواقع المفروض بقوة الفحولة والذكورية الفاقدة للقيم والمغذورة في واقع أسري مشتت والموجوعة بآلام ممتدة لا تتوقف كما مسيرة القطار المتحرك بلا قرار ولا محطة.
واقعة تفرض إنصاف “شيماء باعتبارها رمزا لتكريس واقع الظلام والداعشية في مواجهة كرامتها وحقوقها القانونية والدستورية والإنسانية التي تقبر في كل مساحاة الاوطان المتشحة بسواد الجهل والجهالة والطغيان.