أصالة الواحة وإيقاع البادية: رحلة في ذاكرة “الفن البلدي” ب”الجرف”

عبد الصادق عبد الغفور

عبد الصادق عبد الغفور

 

حين ذكر “مدينة الجرف”، الواقعة في قلب “واحات تافيلالت”، نستذكر إرثا موسيقيا وتراثا فنيا وثقافيا ضاربا في عمق التاريخ ملتصقا بالمنطقة والذاكرة. إنه “الفن البلدي” الذي يعتبر واحدا من أهم التعبيرات الفنية الشعبية التي حافظت على هوية المنطقة وأصالة المجتمعات الصحراوية الواحية على مر عقود من الزمن.

وفي هذا السياق، لا يمكن حصر موسيقى الواحات ب”الجرف” في كونها إيقاعات وأغان. بل كونها تحمل قيما إنسانية منذمجة مع قوة ترابط حي يصل الإنسان بالمجال الطبيعي. عاكسة مشاهد حية لقصص الإنسان وعلاقته بالأرض والنخيل والواحة.  

تجدر الإشارة إلى أن “الفن البلدي” يتسم بأداء جماعي في الغناء والإلقاء مع تنوع في إيقاعاته المتوارثة. ويعتمد هذا الفن على كشكول من الآلات التقليدية، ضمنها “الطعريجة”، “البندير” و”الغيطة”. مع حضور رقصات مصاحبة لهذا الأداء وهو ما يطبعها بطابع التميز والاحتفالية الفريدة.

على الرغم من توالي الازمنة والتحولات المجتمعية. إلا أن هذا اللون الفني حافظ على حضوره. متحديا كافة المتغيرات دون التفريط في هويته الأصيلة.  

وفي هذا السياق، فقد برزت في الآونة الأخيرة مجموعات شبابية تعمل على إحياء هذا التراث الفني العريق. مقدمة إياه في قالب فني جديد ومتميز. لكن مع الحفاظ على بنيته الإيقاعية وروحه الشعبية. وهو ما يمنح موسيقى الواحات الحياة والأوكسيجين اللازمين لاستمرارها. 

ويرى مهتمون بالمجال أن هذا التراث محتاج لدعم مؤسساتي للحفاظ على أصالته واستمراريته كتعبير ملتصق بالمكان والإنسان في عشق متسم بالتوحد. مع استثمار أهمية هذا الموروث الفني الخالد بالمنطقة لضمان استدامته لجعل المنطقة وجهة ثقافية وسياحية بامتياز.

وسيبقى هذا الفن علامة مضيئة مشرقة في سماء الواحات والتراث الشعبي المغربي المتجذر في عمق الصحراء ناقلا حكايات وروايات عن عشق انطلق لكي لا يتوقف بين الإنسان والواحة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.