هل تخلت صحيفة لوموند” عن مبادئها المثلى لتتحول ل”منصة للدعاية” ضد المغرب؟
عبد الصادق عبد المغيث
عبد الصادق عبد المغيث
في 19 نونبر 1944، وبعد أسابيع قليلة من تحرير “باريس” من الاحتلال النازي. صدر العدد الأول من “جريدة لوموند” الفرنسية، معلنا ميلاد مرحلة جديدة في تاريخ الصحافة الحرة ب”فرنسا”.
جاء هذا الإصدار في سياق وطني ودولي بالغ الحساسية. حيث كانت البلاد خارجة لتوها من سنوات من الرقابة والدعاية. باحثة عن إعلام مستقل يعيد الثقة للرأي العام يواكب إعادة بناء الدولة والمؤسسات.
منذ عددها الأول، قدمت “لوموند” نفسها كصحيفة مرجعية، تقوم على التحليل الرصين، والاستقلالية التحريرية، والابتعاد عن الإثارة والخطاب الحزبي الضيق. حيث ناقشت قضايا كبرى، ضمنها إعادة تأسيس الدولة الفرنسية، تطهير الحياة السياسية ومستقبل أوروبا ما بعد الحرب. فضلا عن مكانة “فرنسا” في النظام الدولي الجديد.
توجه لقي ترحيبا واسعا من قبل النخب السياسية والفكرية “الفرنسية”، التي رأت فيه في جريدة “لوموند” رمزا لعودة الصحافة الحرة المسؤولة. إلا أن هذا الإرث التاريخي، الذي تأسست على نهجه جريدة “لوموند”. بوصفها صحيفة ولدت من رحم التحرر ورفض الوصاية والدعاية. يثير اليوم أكثر من علامة استفهام عند تتبع خطها التحريري في تعاطيها مع قضايا من خارج الفضاء الفرنسي، وعلى رأسها قضايا “المغرب”.
فكعادتها تعود الجريدة كل مرة لنفت سمومها اتجاه “المغرب” ومؤسساته. وهذه المرة عبر مضامين وتصريحات تمس جوهر الدولة المغربية ورمز وحدتها، أي المؤسسة الملكية. وهو أسلوب بات معهودا من قبل الصحيفة، وبالتالي فهو لا يثير الدهشة، بقدر ما يعكس نزعة عدائية ممنهجة اتجاه المملكة.
نزعة عدائية قائمة على التشكيك في استقرار البلاد وضرب صورة مؤسساتها في الخارج. بدل مقاربة انتهاج صحفية متوازنة متعددة الرؤى والزوايا. تقوم احترام الخصوصيات الوطنية لكل الدول.
سلوك تحريري يطرح مفارقة لافتة وسؤالا مرجعيا مفاده. كيف لصحيفة ترفع في الداخل “الفرنسي” شعار “الدفاع عن الحريات”، واحترام التعددية والسيادة الديمقراطية. أن تنزلق في تغطيتها للمغرب إلى خطاب يحمل في طياته بقايا نظرة وصاية. أقرب إلى منطق استعماري قديم، يوزع الدروس ويصادر حق الشعوب في تعريف مؤسساتها واختياراتها؟.
طرح هذا السؤال لا ينطلق من حساسية مفرطة أو رفض للنقد، بقدر ما ينبع من حرص مشروع على مصداقية العمل الصحفي حين يتجاوز حدوده الوطنية. فالصحافة الحرة، كما ولدت مع “لوموند” عام 1944، لا تكون حرة بحق إلا إذا التزمت بالمعايير نفسها في الداخل والخارج. دون ازدواجية في الخطاب أو انتقائية في المبادئ.
| المحطة / المعيار | لوموند 1944 (النشأة) | لوموند تجاه المغرب (الواقع) |
| المرجعية | رفض الدعاية والرقابة النازية. | تبني “بروباغندا” التشكيك في استقرار البلاد. |
| القيم | استقلالية، رزانة، واحترام السيادة. | منطق “توزيع الدروس” والتدخل في شؤون المؤسسات. |
| الهدف | إعادة بناء الثقة وبناء أوروبا. | ضرب صورة المؤسسات المغربية في الخارج. |
| الأسلوب | تحليل رصين بعيد عن الإثارة. | استهداف رمزي لمقومات الهوية الوطنية (الملكية). |