طرح مشروع “القانون رقم 66.23″، المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة. صياغة جديدة لمنظومة التأديب المهني. وذلك من خلال إدخال تعديلات جوهرية طالت مختلف مراحل المسطرة التأديبية. فيما اعتبره المهنيون خطوة لتعزيز سلطة النيابة العامة على حساب هيئة الدفاع.
عن هاته الخطوة، قالت وزارة العدل المغربية: إنها تهدف ل”تعزيز الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة”. فيما أبدت هيئات مهنية تخوفها من توسيع صلاحيات النيابة العامة على حساب استقلالية الدفاع.
وهكذا فقد وسع المشروع مفهوم الخطأ المهني. واضعا إياه في كل “فعل يمس بشرف المهنة أو نزاهتها” أو “يضر بسير العدالة وسمعة هيئة المحامين”. معتبرة أن هاته الافعال تشكل إخلالا مهنيا يستوجب المساءلة التأديبية. سواء تم ارتكابه أثناء مزاولة المهنة أو خارجها، متى كان مرتبطا بها بشكل مباشر.
توسيع صلاحيات النيابة العامة فيما مقبل الهيئة المهنية
من أبرز ما تضمنه التعديل المقترح، منحه الوكيل العام للملك أو وكيل الملك صلاحية التقدم بطلب معلل إلى الجهة القضائية المختصة من أجل توقيف المحامي مؤقتا عن ممارسة المهنة. محددا إياها بصيغة فضفاضة من خلال القول “متى كانت الأفعال المنسوبة إليه تشكل خطورة واضحة أو كانت موضوع متابعة جنحية”. ليبقى تحديد مدى “الخطورة” بيد النيابة العامة حصريا.
كما اعتبر النص أن تطبيق هذا الإجراء يعتبر عملا احترازيا ومحدود المدة. مع التنصيص على ضمان حق الدفاع وتمكين المحامي المعني من الاطلاع على ملفه.
وفي الشأن ذاته، عزز المشروع الدور الرقابي للنيابة العامة. مانحا الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف صلاحية الطعن في قرارات “الحفظ الصريح” التي يتخذها النقيب. في شأن الشكايات الموجهة ضد المحامين. مع إلزام مجلس الهيئة بالبت في هذه الطعون داخل أجل شهرين.
كما نص المشروع أيضا على إمكانية الطعن في القرارات التأديبية الصادرة عن هيئات المحامين أمام “غرفة المشورة” بمحكمة الاستئناف. سواء من طرف المحامي المعني أو من قبل النيابة العامة. معتبرا أن الأمر يتعلق بما اسماه “إرساء رقابة قضائية على القرارات المهنية”.
المشروع ذاته تحدث عن إحداث نظام “البطاقة الشخصية”. التي تتضمن تدوينا لجميع المقررات التأديبية الصادرة في حق المحامي. مع إحالة نسخة منها على وزارة العدل. وهو ما سيتيح تتبع المسار التأديبي للمهنيين.
كما أعاد النص تحديد اختصاصات النقيب ومجلس الهيئة في مجال التأديب. ملزما النقيب باتخاذ قرار معلل بخصوص المتابعة داخل أجل شهر من تاريخ التوصل بالشكاية. مع تعيين عضو مقرر لإجراء تحقيق حضوري يضمن حقوق الدفاع. محددا، في الوقت نفسه، آجال قصوى للبحث والفصل في القضايا التأديبية، بهدف الحد من بطئ المساطر.
في سياق متصل، اعتمد المشروع سلما تصاعديا للعقوبات التأذيبية، ينطلق من التنبيه إلى الإنذار، مرورا بالتوبيخ والإيقاف المؤقت. وصولا للتشطيب النهائي من الجدول. إلا أنه يفتح باب الطعن في جميع المقررات، وفق مسطرة واضحة وخاضعة للرقابة القضائية.
وعللت المذكرة التقديمية للمشروع هاته الخطوات بما أسمته، “تعزيز ثقة المواطنين في مهنة المحاماة وترسيخ مبادئ الشفافية”. معتبرة أنها لا تمس استقلالية المحامي أو بحرية الدفاع باعتبارهما من ركائز العدالة.
في الجانب الآخر، عبر عدد من المحامين عن تخوفهم من توسيع صلاحيات النيابة العامة على حساب هيئة الدفاع. معتبرين أن إشراكها المباشر في مسطرة التوقيف المؤقت، قد يخل بتوازن السلط. الأمر الذي يستدعي توفير ضمانات قانونية أوضح، خاصة في القضايا ذات طابع سياسي أو حقوقي.