يعني ان يطلّ سياسي او محلّل سياسي لبناني ليتحدث عن حرب اسرائيلية واسعة ضد لبنان؟ بل اكثر من ذلك: يحدّد هو ذاته مواعيد لتلك الحرب الافتراضية. سبق وان أطلّ عدد من المحللين السياسيين، ومعظمهم يؤيدون “محور المقاومة”، عبر شاشات تلفزيونية ومواقع إلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، وحدّدوا مواعيد لحرب اسرائيلية شاملة. بعضهم ذهب للحديث عن تدمير كبير يطال لبنان. لكن مرًت الايام والأسابيع والشهور، ولم تتوسع الحرب لتطال لبنان كلّه، ولم تخرج اساساً عن ضوابطها، بعيداً عن المواجهات الحدودية القائمة منذ شهر تشرين الاول، والأهداف المحددة التي تطال قيادات في “حزب الله” والمنظمات الفلسطينية و”الجماعة الإسلامية”.
اولاً، من اخبر هؤلاء المحللين ان هناك حرباً شاملة ضد لبنان؟.
ثانياً، من حدّد لهم مواعيد الهجوم العسكري الاسرائيلي على لبنان؟.
ثالثاً، لماذا يكررون كلامهم منذ تسعة اشهر، من دون ان يسائلهم احد عن اهداف كلامهم غير الواقعي؟.
يرجّح المراقبون ان يكون هؤلاء يسعون دوماً إلى نجومية، وهم باتوا اسرى اعداد متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فيلجأون إلى الحديث عن تصعيد وحروب، لجذب المتابعين. ثم يأتي محررو او معدّو او إعلاميو البرامج لكتابة عناوين تبرز مواقف “نارية” عن الحرب، بغاية رفع مستوى المتابعة عبر “يوتيوب”.
لكن هؤلاء، وخصوصاً المحللين يتحملون مسؤولية ترهيب الناس عبر التهويل عليهم، ويساهمون في زيادة الاضرار بحق البلد، ويساهمون في منع مجيء اللبنانيين والسيّاح إلى لبنان.
هل يجب تركُهم في مساحات التهويل، من دون ردع، بما ان لا مسؤولية وطنية تتحكّم بإطلالاتهم؟
فلنفترض ان مواطناً لبنانياً قدّم بلاغاً او دعوى قضائية يفيد فيها بحصول ضرر ما اصابه، لقاء تلك التصريحات او التحليلات الخنفشارية، ماذا سيقول هؤلاء؟ هل سيعتبرون ذلك تعدياً على الحريات؟
ان ما يقوم به محللو الحرب، هو الحرب النفسية ضد الشعب اللبناني، وهم يؤازرون، من دون علمهم، الاسرائيليين في تلك الحرب النفسية التي تُشن ضد لبنان على مدار الساعة.
ان المسؤولية الوطنية شرط اساسي لنجاح الاعلاميين في إطلالاتهم، واذا تكرّرت خطاياهم بحق بلدهم، سيعاقبهم الجمهور الذي سيكفّ عن متابعة حلقاتهم وتصريحاتهم نتيجة غياب المصداقية، بعد اتضاح المسار الميداني والسياسي.