استشهاد ” حسن نصر الله” الوقائع والتداعيات فإلى أين تسير النطقة؟

محمد حميمداني

محمد حميمداني

مع إعلان “حزب الله” استشهاد أمينه العام عقب الغارة الجوية التي استهدفت” حارة حريك” بالضاحية الجنوبية لبيروت. يدخل “لبنان” كما المنطقة في مفترق طرق جد خطير. قد يفجر الاوضاع ليس في “لبنان” فحسب بل في المنطقة بأسرها. فأية تداعيات لهذا الاغتيال؟ وكيف يمكن للحزب أن يتلقف الصدمة؟ وما ينتظر “إسرائيل” عقب عمليتها التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء؟.

فإعلان الحزب استشهاد أمينه العام، “حسن نصر الله”. في غارات استهدفت مقره في الضاحية الجنوبية لبيروت. سيشكل لا محالة نقلة نوعية في مضمار الصراع القائم في المنطقة. ليس في “لبنان” بل في المنطقة بأسرها. إنه يؤسس لمرحلة جديدة من التصعيد غير محسوبة العواقب من قبل “نتنياهو”. والتي ستجعل اليمن والعراق وإيران وسوريا وغزة والضفة الغربية مسرحا مهيأ للرد على الاستهداف. لأن هذا الاستهداف طال أحد رموز المقاومة. وبالتالي فمحور المقاومة لن يكون أمامه سوى خيار الرد القاسي. وهاته المرة لن تكون هناك حدود لهذا التصعيد.

“حزب الله” اعتبر الشهيد في بلاغه أحد أعمدة مسيرته لمدة 30 عامًا. وهو تعبير عن الخسارة الكبرى التي لحقت بالحزب، وهو أمر مؤكد. ولكنه في السياق ذاته أكد على الاستمرار في الطريق. وهو ما يجعل المواجهة مفتوحة على كافة الاحتمالات الممكنة. وهو ما قد يشعل الوضع الإقليمي. وهي السمات المنتظرة في ظل هذا التصعيد الخطير المنتهج من قبل الكيان الصهيوني.

الجيش “الإسرائيلي” المنتشي بالعملية أكد أنه قصف المقر بنحو 85 قنبلة ضخمة. وهو عمل إجرامي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. يكشف الوجه الوحشي للصهيونية باعتبارها فكر معاد للإنسانية وتصور يستقي مرجعيته من لغة الدم والاغتيالات وقتل الأبرياء بدم بارد. فكر لا يفرق بين الأطفال والنساء والاطقم الصحية والإعلامية. ولا بين البشر والحجر. إنه الوجه البشع لعالم اليوم المتسخ العاري من القيم. الذي لم تشهده البشرية على طول تاريخها المروع.

الجيش الصهيوني أكد أيضا مقتل “العميد عباس نيلفروشان”، قائد فيلق القدس في لبنان، خلال الهجوم. أي أن إيران ليست بمنحى عن الاستهداف. وهو ما يعني أن المنطقة مقبلة على تحولات جد خطيرة. وهي الخطورة التي لا يوليها “نتنياهو” أي اعتبار لأنه يريد الولايات المتحدة والغرب للحرب إلى جانبه في مواجهة المقاومة وتحديدا إيران. علما أن ضربة 7 أكتوبر عرت هشاشة منظومته. كما أن عدوان غزة وعجز “إسرائيل” حسم المعركة بهاته النقطة الجغرافية الضيقة عسكريا. إضافة لفشله الاستخباراتي أكد ما قاله الشهيد “حسن نصر الله” بأن “إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت”.

العملية كشفت أن الجهد ليس “إسرائيليا” بل غربيا. وعلى كافة الأصعدة. وخاصة على المستوى الاستخباري. كما أن الاستهداف سيجعل “حزب الله” يراجع أوراقه الداخلية. لأن الهملية كما ما سبقها من العمليات التي استهدفت القادة أبرزت أن هناك خرقا خطيرا لأجهزته القيادية من قبل الموساد والمخابرات الأمريكية والغربية. وهو ما كشفته دقة المعطيات التي توصلت بها هاته الأجهزة الصهيونية والغربية. ليس في اغتيال الشهيد “نصر الله” بل والقادة الذين سبقوه للشهادة والذين تم اغتيالهم في الضاحية الجنوبية لبيروت.

رئيس أركان الجيش “الإسرائيلي”، “هرتسي هاليفي”، اعتبر الهجوم إنجازًا. وهو نفس المنحى الذي سار عليه زعيم المعارضة، “يائير لبيد”. الذي وصف العملية ب”الإنجاز المهم لأمن إسرائيل”. وهو فكر يحمل شحنة من الإجرام. فكر يتناسى بأن قتل القادة لن يوقف مسيرة الشعوب. بل سيكون محطة لزرع الإحساس بالقوة والاستعداد لمعركة الشرف الكبرى في مواجهة الصهيونية والامبريالية العالمية.

تفاعلا مع هاته الأحداث وسخونة الميدان، وما يحمله من تصعيد خطير. دعت لجنة الأمن البرلمانية في إيران إلى رد قوي على الجرائم “الإسرائيلية”. مؤكدة أنها في تواصل دائم مع “حزب الله”. كما أن الحكومة اللبنانية ستعقد جلسة استثنائية لمناقشة التطورات عقب الإعلان.

الوضع القائم بقدر ما حمله من ألم داخل محور المقاومة إلا أنه ولد حالة من الانتقام من الجناة. والأخطر هو المضاعفات التي ستحملها على مستوى استقرار المنطقة. وما يؤكد هذا الأمر هو تصاعد وثيرة الصواريخ التي طالت، اليوم، كافة مناطق الكيان المحتل. وهي ضربات لا تمثل إلا نقطة تسخين في انتظار وصول الأوامر.

والمؤكد ان هاته الأوامر قريبة. للقيام بعمليات كبرى قد تقلب المشهد. وتفجر الاوضاع المتفجرة أصلا. فأية حمولة ستحملها الساعات المقبلة ردا على هذا الفعل الإجرامي الذي استهدف رمز حركة المقاومة؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.