مستشفى “الشيخ زايد” بالرباط: جدل بين الرسالة الإنسانية والمتاجرة بآلام المرضى
محمد حميمداني
محمد حميمداني
يثير مستشفى “الشيخ زايد” بالرباط جدلاً واسعاً وقلقا يتسع حول تراجع الرسالة الإنسانية التي أقيم من أجلها وتحوله، حسب آراء منتقدين، لمؤسسة ربحية محضرة تتاجر في كل شيء. حتى في ىلام المرضى. وأيضا أسئلة حول حضور الدولة ومراقبتها لهاته الأنشطة بما يحمي حقوق المرضى وأسرهم.
فعلى الرغم من تصنيف المستشفى كمؤسسة ذات طابع غير ربحي. فإن شكايات المواطنين تشير إلى ارتفاع كبير في تكاليف العلاج وصعوبة الولوج إلى خدماته. بل أن كل شيء حتى قياس الضغط يكون بالمقابل مما يتناقض مع أهدافه المعلنة. ووصل الجشع داخل هاته المؤسسة أن أصبحت محطات وقوف السيارات “الباركينغ” هي الاخرى خاضعة لنظام التسعيرة والأداء. حيث وصل سعر الركن بها إلى 10 دراهم.
يتم كل هذا فيما كان الهدف من إطلاق خوصصة منظومة الصحة في المغرب، وفق التقارير الرسمية. هو تطوير منظومة الرعاية الصحية بما يجعلها تسهم في تقديم الخدمات الطبية للمواطنين، خاصة مع تزايد الضغط على القطاع العام.
إلا ان الحلم النظري يواجه بتحديات جسيمة تتعلق بجودة الخدمات، ارتفاع التكاليف وضعف الرقابة. هاته المعطيات تجعل دور مؤسسات الدولة المغربية في مراقبة المؤسسات الصحية الخاصة محورياً لضمان احترام الإطار القانوني وتوفير رعاية صحية ذات جودة عالية.
شكايات مواطنين من تحول مستشفى “الشيخ زايد” إلى مشرحة لجيوب المرضى وذويهم
يشتكى عدد من المواطنين من الرسوم الباهظة التي يفرضها المستشفى. مؤكدين أن العلاج أصبح حكراً على الميسورين.
وبحسب تصريحات لبعض المرضى، فإن المستشفى يطلب تأمين مبالغ مالية كبيرة قبل تقديم العلاج، حتى في الحالات المستعجلة. بل يطالب المرضى بالأداء المباشر ويرفض حتى تسلم الشيكات. وهو ما يثير استياءً واسعاً لدى العديد من الأسر التي تعاني من ضعف الإمكانيات وحالة الطوارئ المالية التي تعلنها هاته المؤسسة على الأسر على حساب البعد الإنساني المفترض أن يتوفر فيها.
ويتساءل العديد من المواطنين عن مدى التزام مستشفى “الشيخ زايد” بمبادئه التأسيسية. حيث أن الهدف الأساسي للمؤسسة كان تقديم خدمات صحية بجودة عالية وبأسعار مناسبة. مع إعطاء الأولوية للبعد الإنساني. إلا أن الالوقائع على الأرض تؤكد، وفق المتابعين والمشتكين، تغييب هذا المنطلق الإنساني وتحويل المستشفى مشروع تجاري استثماري بامتياز.
الجشع يطال حتى باركيغ المستشفى
لم يقف الجشع وتحويل الإنسان إلى قيمة مالية تراكم رساميل مستشفى “الشيخ زايد” ليطال حتى محطة وقوف السيارات “الباركينغ” التابع للمستشفى والذي تحول لمكان للبحث عن مزيد من تركيم الأموال. حيث تم فرض أداء عشر دراهم كثمن لركن سيارات أسر المرضى وزوار المستشفى.
وقائع تكشف المستور وتسقط اللباس الإنساني الذي طالما تغنت إدارة مستشفى “الشيخ بارتدائه”. لتكشف بذلك عن وجهها الجشع الذي لا يرحم المرضى ولا جيوب عائلات المرضى وزواره بعد أن تحول الإنسان لديها إلى سلعة تدر أرباحا ولا شيء سوى ذلك.
وضع فجر موجة انتقادات مطالبة بإعادة النظر في طريقة تدبير المستشفى وضمان توفير خدمات صحية لجميع فئات المجتمع. مع توجيه دعوات لوزارة الصحة لتفعيل دورها الرقابي للتأكد من التزام المستشفى بمبادئه التأسيسية وتقديم العلاج بأسعار معقولة.
فبين المنطلق الإنساني المعلن والواقع التجاري المثير للجدل. يظل مستشفى “الشيخ زايد” بالرباط تحت مجهر الانتقادات. لتبقى الحاجة ملحة لتدخل الجهات الوصية لتصحيح المسار وإعادة الاعتبار للرسالة الإنسانية التي تأسست من أجلها هاته المؤسسة.
دور مؤسسات الدولة المغربية في مراقبة المؤسسات الصحية الخاصة: بين الإطار القانوني والواقع المريض
وفقاً للدستور المغربي. يتمتع المواطن بحق دستوري في الرعاية الصحية. وقد عززت مجموعة من القوانين هذا الحق، مثل القانون 131-13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب. والقانون 34-09 المتعلق بالمنظومة الصحية. حيث تم التأكيد على ضرورة إخضاع المؤسسات الصحية الخاصة لمعايير صارمة تتعلق بالجودة، الشفافية واحترام حقوق المرضى.
وقد أوكل لوزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي دورا رئيسيا في مراقبة هذه المؤسسات من خلال منح التراخيص ومراقبة مدى الالتزام بالقوانين والضوابط الصحية.
مستشفى “الشيخ زايد” والخاصة بين النص واختلالات الواقع
على الرغم من وضوح الإطار القانوني. فإن الواقع الصحي تحديات كبيرة سواء داخل مستشفى “الشيخ زايد” أو في المؤسسات الصحية الخاصة.
ويمكن إجمال هاته التحديات في ارتفاع التكاليف، حيث تقدم مؤسسات صحية خاصة أحياناً خدمات بأسعار مرتفعة لا تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين. وهو ما يخلق شعوراً بالاستغلال المادي من قبل هاته المؤسسات. إضافة لغياب الشفافية داخل هاته المؤسسات حيث يشكو المواطنون من عدم وضوح الفواتير الطبية. إذ يتم تحميلهم تكاليف إضافية غير مبررة. فضلا عن ضعف جودة الخدمات المقدمة في مجال العناية الطبية، سواء من حيث التجهيزات أو الكوادر الطبية. ويزداد الوضع قثامة مع ضعف الرقابة، حيث تعاني بعض الجهات الرقابية من نقص في الموارد البشرية واللوجستية. مما يحد من قدرتها على تتبع تجاوزات المؤسسات الصحية الخاصة.
ولضمان التوازن بين الإطار القانوني والواقع. يجب على مؤسسات الدولة تكثيف جهودها في مراقبة القطاع الصحي الخاص، وضمنه هاته المؤسسة الصحية التي تحمل اسم “الشيخ زايد” للوقوف على الوقائع الموجودة على الأرض. وذلك من خلال تكثيف زيارات لجان التفتيش وضمان معاقبة المخالفين. إضافة لتطوير الشفافية المالية، وذلك عبر إلزام المؤسسات الصحية الخاصة بنظام فوترة إلكتروني واضح يمكن للمرضى الاطلاع عليه. ويحمي بالتالي المرضى وأسرهم من الجشع الممارس الذي لا يراعي حقوق المرضى وأسرهم الإنسانية. فضلا عن تحسين آليات تلقي الشكايات وأيضا متابعتها عبر إنشاء منصات إلكترونية فعالة تتيح للمواطنين الإبلاغ عن التجاوزات بسهولة. وبالتالي تتبع مصير هاته الشكايات. مع التحفيز على الجودة، وذلك من خلال برامج تحفيزية تُشجع المؤسسات الصحية الخاصة على الالتزام بالمعايير الدولية للجودة.
مسؤولية الدولة لإيقاف الجشع واستعادة إنسانية مستشفى “الشيخ زايد” وباقي المؤسسات الصحية الخاصة.
يبقى دور مؤسسات الدولة المغربية في مراقبة المؤسسات الصحية الخاصة ضرورياً لضمان احترام الإطار القانوني وحماية حقوق المواطنين الصحية.