#توقع ارتفاع في أسعار المحروقات في المغرب وسط أزمات مستفحلة وغياب العدالة الرقابية

#محمد حميمداني

 

#المغرب – عادت موجة الارتفاعات لتشتعل من جديد، بعد فترة من الاستقرار النسبي. حيث أعلن مهنيوا قطاع المحروقات حصول زيادات جديدة في أسعار “الكازوال” و”البنزين”، ابتداء من منتصف ليل الإثنين/الثلاثاء.

وفي هذا السياق، من المتوقع أن ترتفع أسعار “الكازوال” بنحو 41 سنتيما للتر الواحد. والبنزين الممتاز بحوالي 29 سنتيما للتر الواحد. علما أن أسعار الكازوال والبنزين عرفت ارتفاعا طفيفا جديدا قدره 12 سنتيما للتر الواحد.  

ارتفاع يأتي في سياق استمرار سياسة تحرير سوق المحروقات التي أطلقتها حكومة “عبد الإله بنكيران”. وذلك ضدا على الفصل 24 من الدستور المغربي الذي يلزم الدولة بضمان حماية القدرة الشرائية للمواطنين. خاصة مع غياب آليات دعم أو تسقيف للأسعار.

وقد ادى تحرير سوق المحروقات لحدوث تقلبات حادة في الأسعار. الأمر الذي يثير تساؤلات عن مدى الالتزام بالمبادئ الدستورية المرتبطة بحماية حقوق المستهلك.

وضع أثار استياء الرأي العام. فيما طالبت جهات حقوقية بتدخل حكومي فوري للحد من الآثار الاجتماعية السلبية لهاته القرارات. خاصة على الفئات ذات الدخل المحدود. ويظل مستقبل أسعار المحروقات رهينا بتقلبات السوق الدولية. حيث يعتمد المغرب بشكل كبير على الاستيراد. 

كما أن هذا الارتفاع المتواصل في الأسعار يعيد إلى الواجهة الجدل القديم-الجديد حول سياسة تحرير سوق المحروقات، التي أطلقتها حكومة “عبد الإله بنكيران”. دون وضع آليات فعالة لحماية المستهلك. في ظل غياب أي دعم مباشر أو تسقيف للأسعار. ما يجعل المواطن المغربي وقود كافة الأزمات التدبيرية الحكومية.

وما يعمق هاته التساؤلات وينقلها للواجهة هو الفجوة المتسعة في أسعار المحروقات بالمغرب مقارنة مع دول مجاورة. وهو ما يفجر حنقا في الأوساط الشعبية والحقوقية.

تجدر الإشارة إلى أن سوق المحروقات في المغرب ينظمها القانون رقم 17-95، المتعلق بتحرير قطاع المحروقات. والمادة “35” من قانون المالية 2023، حول آلية المراجعة التلقائية. إضافة لقرار وزارة الطاقة رقم “3.21.60”، المتصل بحساب الأسعار المرجعية.

ومن خلال مقارنة لأسعار المحروقات ما بين شهري يونيو ويوليو 2025 نجد أن سعر “الكازوال” استقر خلال شهر يونيو في حدود 10.58 درهم للتر الواحد، بزيادة قدرها 0.41. وليسجل خلال شهر يوليوز سعر 11.26 درهما للتر الواحد، وزيادة عالية قدرها 3.78%. أما سعر البنزين الممتاز فقد سجل خلال شهر يونيو 12.30 درهما للتر الواحد، مسجلا زيادة قدرها +0.29. فيما بلغ خلال شهر يوليوز 12.59 درهما للتر الواحد، وزيادة عالية قدرها 2.36%. وذلك وفق ما أوردته “وكالة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن”.

ويعزو الخبراء هاته الزيادات لتقلبات سوق المحروقات العالمية، حيث سجل سعر برميل النفط 85 دولار للبرميل الواحد، مسجلا زيادة بحوالي 12% خلال شهر مايو.  فيما سجل سعر الصرف 10.25 دراهم في مقابل الدولار، مسجلا نسبة تذبذب بلغت ل+1.5%. فيما تشكل الضرائب والرسوم 48% من السعر النهائي.

وفي مقارنة بين سعر المحروقات ومجموعة من الدول المجاورة فيما يتصل بسعر “الكازوال” نجد: أن السعر المرجعي في المغرب وصل ل11.26. فيما لم يتعد، خلال نفس الفترة. في الجزائر 6.20 للتر الواحد. وفي إسبانيا 9.85 أما في فرنسا فوصل ل11.10. وهي معطيات تبرز البون الشاسع بين هاته الدول على الرغم من كون إسبانيا وفرنسا مستوردتين للمحروقات كما هو حال المغرب. الأمر الذي يفجر موجة غضب داخلية وانتقادات منظمات حقوقية. والسؤال الذي يفرض نفسه، بعيدا عن تبريرات ارتفاع المحروقات في السوق الدولية والتي تنفيها المعطيات المقدمة. هو عن المحددات الفعلية لهاته الصدمات التي يتحملها المواطن من خارج حسابات الاقتصاد.

زيادات سيكون لها انعكاسات سلبية على الأسر من جهة ارتفاع مصاريف النقل بحوالي 120 إلى 180 درهما شهريا. إضافة لتوقع ارتفاع التضخم بنسبة 0.8 نقطة. وزيادة تكاليف التشغيل بالنسبة للنقل بنسبة 5-7%.

فعلى الرغم من هاته الهزات تستمر الحكومة في سياسة تحرير المحروقات مع وعد بدراسة إقامة  “الصندوق الاستراتيجي” لدعم الفئات الهشة. فيما تطالب فعاليات المجتمع المدني بإعادة النظر في آلية المراجعة التلقائية. وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة، (من 20% إلى 10%). إضافة لإقرار دعم مباشر لسائقي سيارات الأجرة.

وتبقى مجموعة من الاقتراحات ممكنة لتلافي الأسوا ارتباطا بهاته الزيادت. ضمنها على المدى القصير تفعيل البطاقة الطاقية للفئات المعوزة وتخفيض رسوم النقل العمومي. فيما تقتضي الحلول الهيكلية تنويع مصادر الطاقة وتسريع مشاريع الطاقة المتجددة، مع تطوير نظام النقل الجماعي ومراجعة نظام احتساب الأسعار.

كما أن واقع الاضطراب الذي يعرفه سوق المحروقات بآثاره المجتمعية تفرض على الحكومة مراجعة شاملة لسياسة تحرير القطاع مع إرساء آليات حماية اجتماعية. إضافة لتسريع عملية الانتقال الطاقي. والأهم جدا هو تعزيز الشفافية في تسعير المحروقات. لأن السياسة الطاقية يجب ان توازن بين متطلبات المالية العامة وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.