تستعد شركة “إيزومورفيك Isomorphic Labs”، الذراع التكنولوجية لشركة ”ديب مايند”، المملوكة ل“غوغل”. لإطلاق أولى التجارب السريرية البشرية لأدوية تم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وشكل هاته الخطوة ثورة كبرى في مجال صناعة الأدوية بالاستفادة من التقدم المذهل في تقنية نظام “ألفا فولد (AlphaFold)” التي أحدثت ثورة في فهم هياكل البروتينات والتفاعلات الجزيئية. وهو ما سيمكن من تسريع اكتشاف الأدوية وبالتالي التقليل من التكاليف بشكل كبير.
وتعتبر خطوة إجراء التجارب السريرية أساسية لضمان السلامة والفعالية للأدوية الجديدة. وذلك وفقا لقانون إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) والوكالة الأوروبية للأدوية (EMA). اللتان تفرضان إجراءات صارمة على التجارب السريرية والتصنيع.
وفي هذا السياق، أكد “كولين مردوخ”، رئيس شركة “Isomorphic Labs”. أن الهدف المتوخى هو مواجهة أمراض، مثل السرطان. باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ويتوقع ذات المصدر أن تساهم هاته التقنيات في التقليل من الزمن اللازم لتطوير الأدوية من سنوات إلى أشهر. مع زيادة في معدلات النجاح.
خطوة قد تحدث تحولا جذريا في عالم الصناعات الدوائية. حيث تستند هاته الأدوية المبتكرة إلى تقنيات متقدمة مستمدة من نظام “ألفا فولد” (AlphaFold) الشهير. الذي أحدث ثورة في علم الأحياء. وذلك من خلال قدرته الفائقة على التنبؤ ببنية البروتينات. وهو ما سيساهم في تسريع عملية اكتشاف العلاجات وتطوير الأدوية، وجعلها أكثر دقة وأقل تكلفة.
وقال “كولين مردوخ”، في مقابلة اجرتها معه مجلة “فورتشن”: إن المختبر يستعد لبدء تجارب سريرية بشرية، في خطوة ستشكل تطورا محوريا في مجال اكتشاف الأدوية. مبرزا ان هذا التقدم جاء ثمرة لسنوات من العمل منذ تأسيس المختبر عام 2021.
وأوضح “مردوخ” أن الشركة انتقلت لمرحلة إجراء تجارب على البشر، قائلا: “إن المرحلة الكبرى المقبلة هي إدخال هذه المركبات الدوائية إلى أجسام البشر. لقد بدأنا بالفعل في توسيع الفريق، ونحن قريبون جدا من تحقيق ذلك”.
وقد شكل نظام “ألفا فولد” قفزة تكنولوجية. حيث قدم نماذج تنبؤية ثلاثية الأبعاد لبنية البروتينات بدقة أقل من 1 “أنغستروم”، أي ما يعادل قياس “ذرة هيدروجين”. وهو ما مكن من حل مشكلة طي البروتين التي حيرت العلماء خلال 50 عاما.
وقد حصد هذا النظام على جائزة “Breakthrough Prize 2023”. لما قدمه من قاعدة بيانات تضم 200 مليون بنية بروتينية. أي 98% من البروتينات البشرية المعروفة.
وتمر أدوية الذكاء الاصطناعي من عدة مراحل. ضمنها مرحلة اكتشاف الجزيئات التي تستغرق أسابيع عبر محاكاة 100 ترليون جزيئي/الثانية. بعدما كانت في السابق تستغرق ما بين سنتين إلى خمس سنوات. مرحلة الفحص المخبري المركز على 100 مركب فقط بفضل التنبؤ الدقيق. فيما كانت في السابق تركز على اختبار 10.000 مركب. أما المرحلة الثالثة فهي ذات صلة بالتكلفة التي كانت تصل في السابق ل2.5 مليار دولار لكل دواء. ومن المتوقع أن تنخفض بنسبة 70%.
وستخضع هاته الأادوية لتجارب سريرية تشمل ثلاث مراحل. ضمنها مرحلة اختبار السلامة على 20 إلى 80 متطوعا. ومرحلة تقييم الفعالية على 100 إلى 300 مريض. فيما ستشمل المرحلة الثالثة إجراء تجارب موسعة على 1,000 إلى 3,000 مريض.
وسيمكن هذا التحول الهام من إنجاز قفزة في عالم الصناعة الدوائية. من جهة تسريع الزمن، من خلال تقليص مدة تطوير الدواء من 12.5 سنة إلى ما بين 18 و24 شهرا. مع رفع معدل نجاح التجارب السريرية من 10% إلى 30%.
وتستهدف هاته الأدوية “طفرات بروتين KRAS”، المسبب لـ25% من سرطانات البشر. وذلك عبر محاكاة تفاعلاتها مع جزيئات الدواء. وستعطى الأولوية في المراحل الأولى لسرطانات الرئة، البنكرياس والقولون. ذات المعدلات البقائية التي تصل ل20%.
وفي سياق هاته الثورة التكنولوجية في مجال علم الأدوية، قال الدكتور ديميس هاسابيس: “هذه ليست نهاية علم الصيدلة التقليدي. بل بداية عصر الدقة المطلقة في الطب”.