#محمد حميمداني
#تيفلت، المغرب – في ظل تفاقم أزمة انقطاع الماء الصالح للشرب عن عدة أحياء بمدينة “تيفلت” منذ أكثر من شهر. أطلق نشطاء محليون حملة احتجاجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحت شعار “فلنحتج جميعا أمام السهرات”.
ودعت الحملة السكان إلى تنظيم وقفات سلمية أمام فعاليات مهرجان المدينة بهدف تسليط الضوء على معاناة الساكنة. وللتنديد بتهديد حقها الإنساني الاساسي في الماء. خاصة النساء والأطفال، الذين يضطرون لقطع مسافات لجلب المياه من مصادر بدائية وهو ما يشكل تهديدا للصحة العامة.
تأتي هاته المبادرة، التي بدأت مع بداية فعاليات المهرجان، في إطار النضال من أجل احترام الحقوق الأساسية وتحقيق العدالة البيئية. وأيضا رفضا لاستهتار السلطات المحلية بمطالب المواطنين.
وفي هذا السياق، أكد النشطاء أن الهدف من هاته الحملة ليس تعطيل الأنشطة الثقافية، وإنما لفت الانتباه إلى الأزمة التي تهدد حياة السكان. لأن المياه ليست سلعة بل حق من حقوق الإنسان الأساسية.
#انطلاق “مهرجان تيفلت” في فضاء التبذير وسوء استغلال الموارد وسط بؤس مائي
وتوثق صور انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي معاناة المواطنين، خاصة في المناطق النائية. في الحصول على الماء الصالح للشرب. حيث تظهر النساء والأطفال وهم يجهدون في جمع المياه. الأمر الذي يقتضي تدخل السلطات المعنية بجدية لمواجهة هذا المشكل الإنساني والمجتمعي. ودفع القيمين على الشأن المحلي إلى الالتزام بمبادئ العدالة، وضمان حق الساكنة في المياه كمرفق عمومي. وبالتالي الاستجابة العاجلة لهاته المطالب البسيطة والأساسية ضمانا لاستدامة الموارد المائية وتحقيقا للتنمية المستدامة.
دعوة تنسجم مع ما سبق أن عرضناه من استهثار المسؤولين المحليين بمطالب الساكنة. وتوجههم لإقامة السهرات التي تبقى ذات أولوية ثانوية مع المعاناة الأصلية للساكنة. والتي تستوجب التصدي وفقا للقوانين الناظمة.
حملة تعكس تكثيفا لوعي مجتمعي بدأ يترسخ بأن المطالب، خاصة الأساسية منها. لا تستجدى بل تنتزع. ومن هنا اهمية هاته الحملة المجتمعية التي تم إطلاقها في مواجهة مجلس السهرات والمهرجانات من طرف نشطاء محليين ب”مدينة تيفلت“. وما حملته من دعوات للتظاهر السلمي في مواجهة هاته السهرات. احتجاجا على هذا الاستهتار بمشاكل الساكنة المحلية.
الحملة التي اختارت وسما لها “فلنحتج جميعا أمام السهرات”. دعت لتنظيم وقفات يومية ابتداء من الساعة العاشرة مساء أمام منصات المهرجان. بهدف لفت انتباه الجهات المسؤولة إلى أزمة نقص المياه، وأثرها على حياة السكان. مؤكدين أن هدفها تسليط الضوء على معاناة الساكنة وعلى الأولويات الحقيقية التي يجب أن يتوجه إليها المجلس. وليس تصديا للأنشطة الثقافية المقامة. مبرزين أن الاحتفال لا يمكن أن يكون على حساب معاناة الناس.
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة من الأحياء تعاني انقطاعا حادا في توزيع المياه الصالحة للشرب بمدينة “تيفلت“، خاصة ستة أحياء سكنية هامة. ضمنها “الشهداء، القدس والنهضة…”، وهو ما يشكل حوالي 60% من سكان المدينة.
وضع يضطر الساكنة للبحث عن مصادر مياه بديلة. ضمنها آبار غير مرخصة وصهاريج غير صحية. وهو ما أدي لارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الهضمية بحوالي 40%. فضلا عن المعاناة اليومية للسكنة التي تضطر لقطع ما بين 3 إلى 5 كلمترات في المتوسط للحصول على جزء من الحاجيات.
واقع يحمل مخالفات دستورية وانتهاك صارخ للفصل 31 من الدستور المغربي، الضامن للحق في الماء. وأيضا إخلال بالالتزامات الدولية، خاصة الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة. علما ان توفير المياه واجب لا يحتمل التأخير. بل أنه يأخذ الأولوية على تنظيم المهرجانات والسهرات وإقامة الولائم والزرود لأهداف عرضناها في مقالتنا السابقة والتي لا علاقة لها بالتنمية والتنمية المستدامة. والأخطر من ذلك كله هو عدم توفر المجلس الجماعي على آلية لتدبير الطوارئ لإيقاف نزيف المعاناة. وذلك وفق ما تنص عليه المادة 78 من الميثاق الجماعي 14.113.
وضع يقتضي تدخلا عاجلا من السلطات لدرئ أي تصعيد قد يؤدي إلى توثير الأجواء. والتي يتحمل فيها المسؤولية الأولى والأخيرة رئيس المجلس الجماعي. لاستقالته عن تذبير مشاكل الساكنة لفائدة البهرجة والفراجة، وهو ما فجرته الحملة. إضافة لتهديد الصحة العامة نتيجة هاته الأوضاع واضطرار الساكنة لجلب المياه من مواقع غير خاضعة لشروط السلامة الصحية. وهو ما يمكن أن يخلق بؤرا لتفشي “الكوليرا”. خاصة وأن تقريرا صادرا عن وزارة الصحة عام 2025 حذر من تفشي هذا المرض الخطير.
فبدل الانشغال بالمهرجان والسهرات كان من المفترض من المجلس ورئيسه “عبد الصمد عرشان” البحث عن حلول عاجلة مؤقتة إلى حين حل المشكل بشكل نهائي. عبر نشر صهاريج مياه مراقبة صحيا (وفق المعيار NM 03.7.001). فضلا عن تسريع إصلاح الشبكة المتضررة خلال 72 ساعة، تطبيقا لبروتوكول الطوارئ. كما أن الوضع يفرض حلولا جدرية ضمنها ربط المدينة بـالسد الجديد “وادي زم”، ضمن “مشروع 2026-2030”.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير الاحتفال، فيما الساكنة تعاني من العطش، والمطلوب استعجاليا تشكيل “خلية أزمة مشتركة” تضم كلا من المجلس الجماعي والمكتب الوطني للماء والكهرباء، قطاع الماء، والمجتمع المدني. للتصدي لهاته المشكلة الإنسانية الصعبة. إضافة لاعتماد ميزانية استثنائية لتحديث البنية التحتية، عبر قانون المالية التكميلي.
#انطلاق “مهرجان تيفلت” في فضاء التبذير وسوء استغلال الموارد وسط بؤس مائي