# تنظيم الملك العمومي في “درب عمر” ب”الدار البيضاء” الحملة وما بعدها السؤال المفقود

أحمد اموزك

أحمد اموزك

 

#الدار البيضاء، المغرب – شنت السلطات المحلية لملحقة لالة الياقوت (الثانية) ب”الدار البيضاء”، صباح السبت. حملة ميدانية موسعة لتحرير الملك العمومي في “منطقة درب عمر”. خاصة ب”زنقة ستراسبورغ” والقيساريات المجاورة، ك”قيسارية الشينوا”. من التعديات والاحتلال غير القانوني من قبل الباعة الجائلين وأصحاب المحلات والشاحنات المرابدة.

تأتي هذه الخطوة في سياق الاستراتيجيات المنتهجة لتحسين جودة الحياة وتقنين الفضاءات العامة. إضافة لتعزيز مبدأ سيادة القانون واحترام على الملك العام.

وتعتبر الملكية العمومية في المغرب، وفقا للقانون الإداري. من الممتلكات المخصصة للجماعة المحلية. وبالتالي من الواجب احترامها وعدم التعدي عليها.

وفي هذا السياق، تؤكد المادة 2 من “القانون رقم 15-97″، المتعلق بمدونة الجماعات المحلية. على ضرورة حماية الملك العام وصيانته. مع إلزام السلطات المحلية باتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط وتنظيم استعماله.

وفي الشأن ذاته، ينص القانون على أن الترامي على الملك العمومي يعاقب عليه. سواء عن طريق المخالفات أو الجنح. وفقا للمادة 1، من ظهير 15 يوليوز 1958. التي تنص على أن كل من يتعدى على الملك العام أو يتركه بدون تنظيم يعرض نفسه للمساءلة القانونية.

تجدر الإشارة، إلى أن “القانون رقم 15-97″، المتعلق بمدونة الجماعات المحلية. خاصة المادة 2 منه، تؤكد على حماية الملك العام. كما أن ظهير 15 يوليو 1958. يعاقب على التعدي أو الترامي على الملك العام. فيما يعاقب القانون الجنائي المغربي على كل تعد على الملك العمومي. سواء بالتوقيف والإحالة على القضاء.

وكانت منطقة “درب عمر” قد شهدت، السبت الفارط.  وتحديدا على صعيد “زنقة ستراسبورغ” والأزقة المحيطة بـ”قيسارية الشينوا”. حضورا مكثفا لعناصر من أعوان السلطة بالملحقة الثانية، مرفوقين بالقوات المساعدة. وذلك بغاية التصدي لهذا الترامي على الرصيف وإعادة تنظيم الملك العمومي. والتي قادها “خليفة قائد الملحقة”.

حملة كان من نتائجها، وفق ما رصدته جريدة “العدالة اليوم”. تحرير العديد من المخالفات مع إتلاف مجموعة من البضائع المخالفة للقانون. فضلا عن إخلاء الأرصفة من المحتلين وذلك بهدف تيسير تسيير حركة المرور وبالتالي تقليل الاختناقات المرورية المسجلة. إضافة لحماية حقوق الراجلين وضمان حقوقهم في الأرصفة. وبالتالي تحقيق التوازن بين الفعالية الاقتصادية والتنظيم القانوني للملك العمومي.

حملة لاقت ترحيبا من قبل مجموعة من المواطنين الذين أكدوا أن تنظيم الملك العمومي يساهم في تحسين وجه المدينة ويقلل بالتالي من الفوضى. في ظل غياب تدخل مصالح الجماعة لتحصيل العائدات أو تنظيم السوق بشكل دوري. معتبرين إياها خطوة هامة نحو القضاء على الفوضى وإعادة الاعتبار للفضاءات العامة فالمدن التي تحترم قانونها وتعمل على تنظيم فضاءاتها، تظل دائما أكثر جاذبية وسلامة لأبنائها، كما قال “جون كولن كولمان”. 

الوقائع الميدانية تفرض أن تتحول هاته الحملات إلى سلوك تنظيمي يومي لا ان تكون مرحلية وتعود بعدها “حليمة لعادتها القديمة”. وأن تترافق مع إجراءات ردعية وتوعوية وبحث عن بدائل ضمانا للاستقرار الاجتماعي. وذلك تحقيقا للتوازن بين التنمية الاقتصادية والنظم القانونية. وهو ما يعكس وعي السلطات المحلية بالداءة الحضرية “لالة الياقوت” بأهمية الفضاءات العامة في تحسين جودة الحياة. إصرارها على تعزيز مبادئ دولة الحق والقانون.

تجدر الإشارة إلى أنه سبق للسلطات المحلية بذات الملحقة برآسة القائد أن وجهت تحذيرا لمجموعة من باعة قيساريات “طيبة” وغيرها. بالتوقف عن التمادي في احتلال الارصفة بشكل غير قانوني.

كما تجدر الإشارة إلى أن العديد من الأحياء الحيوية في “الدار البيضاء”، خاصة بوسط المدينة والمناطق تجارية ك”درب عمر”. تعاني من احتلال متزايد للملك العمومي (الأرصفة، الطرقات). وهو ما ينجم عنه احتناق مروري شديد. مع تعريض سلامة المشاة للخطر وإعاقة حركتهم. فضلا عن تشويه المنظر العام للمدينة وإعاقة وصول خدمات الطوارئ والتنظيف. إضافة لعدم استفادة الخزينة الجبائية للجماعة من مداخيل هذا الاحتلال.

حملة تندرج ضمن السياق القانونية المؤكد على الحفاظ على النظام العام والملك العام. خاصة المادتان 1 و2 من “ظهير 15 يوليوز 1974″ بشأن النظام العام. والذي يخول للولاة والعمال والقواد ورؤساء الدوائر والباشوات والقادة صلاحية اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان النظام العام. بما في ذلك السكينة العمومية والأمن العمومي والصحة العمومية والسير الجاري. وأيضا المادة 84 من “القانون 113.14″ المتعلق بالجماعات الترابية. والذي يحدد اختصاصات رئيس المجلس الجماعي. ضمنها الحفاظ على النظام العام والأمن والصحة والسكينة العمومية داخل النفوذ الترابي للجماعة. فضلا عن “قانون الطرقات” و”القانون 36.04″ المتعلق بالمحلات الخطيرة والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والسكينة العمومية. والذي يحظر استعمال الملك العمومي الطرقي لأغراض غير السير أو المرور أو الوقوف المؤقت المنظم. كما يمنع التسبب في أضرار للراحة العامة أو تعطيلها.

تجدر الإشارة إلى أن المشرع شدد على أنه لا يحق للجماعة أو أي جهاز الترخيص باستغلال الملك العمومي بشكل يخالف القوانين المنظمة له. أو يضر بحقوق الغير. كحق المشاة في التنقل الآمن.

العديد من سكان الدار البيضاء رجبوا بالحملة، معتبرينها خطوة ضرورية لاستعادة حق المشاة في التنقل الآمن. وأيضا تنظيم الفضاء العمومي ومواجهة الفوضى العارمة التي تعاني منها المدينة، خاصة وسطها الاقتصادي. فيما ما يبقى التحدي الأكبر هو إيجاد حلول مستدامة وبدائل اقتصادية حقيقية للباعة الجائلين الذين يمارسون نشاطهم غالباً بدافع الحاجة، ومن هنا أهمية إيجاد بدائل اقتصادية واجتماعية تعويضة لعانات هؤلاء.

وعلى الرغم من أن الملك العمومي مخصص للمنفعة العامة، ولا يجوز لأي كان أن يحوزه أو يتصرف فيه تصرف المالك. كمبدأ مستقر في الفقه والقضاء الإداري المغربي. وأن الشارع الجيد هو الذي يشعر فيه المشاة بالأمان والراحة. فإن التحدي الأكبر المطروح هو أن أي سياسة حضرية ناجحة للملك العام يجب أن توازن بين ضرورة النظام والتنظيم. والاعتراف بالوظائف الاقتصادية والاجتماعية التي يؤديها الفضاء غير الرسمي في كثير من الأحيان. وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع حول إدارة الفضاء العام في المدن الكبرى، وإيجاد حلول متكاملة تشمل التنظيم الحضري وإنفاذ القانون وتوفير بدائل اقتصادية مستدامة لضمان حق المواطن في مدينة منظمة وآمنة دون إغفال البعد الاجتماعي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.