أضحت مدينة “الدار البيضاء” تعيش في ظل ظواهر خطيرة تفرزها بعض مقاهي الشيشة المنتشرة في عدة أماكن. حيث يتم تحويل تلك الاوكار إلى مكان لتناول الكحول، “الماحيا” والمخدرات، خاصة المؤثرات العقلية من نوع “اكستازي”.
واقع يعكس التسيب والفوضى الذي تعيشه العاصمة الاقتصادية للمغرب نتيجة هيمنة “لوبي الشيشة” على وسط المدينة. جاعلة من هاته الأمكنة وكرا لتناول الممنوعات وتفشي بعض الممارسات الأخلاقية الشادة. وذلك على الرغم من الحملات الأمنية التي تقوم بها، في بعض الأوقات، المصالح الامنية.
ووفق المعطيات التي وقفت عليها جريدة “العدالة اليوم” فإن هذا “اللوبي” يستمد قوته من جهات تحمي ظهره وتمدة بالحماية والحصانة. حيث سبق لنا ان تناولنا ظاهرة تحول “مقاهي الشيشة” لفضاءات وأوكار لتعاطي المخدرات القوية وحبوب الهلوسة. وأيضا انتشار ممارسة الوساطة الجنسية، “القوادة”. من خلال استقطاب فتيات وتسخيرهن لجلب الزبائن قصد تحقيق أرباح مالية. في نوع جديد من الاتجار في البشر والعبودية المتجددة.
وقائع تم رصدها في بعض “مقاهي الشيشة” متواجدة بزنقة “علال بن عبد الله”، على سبيل المثال لا الحصر. والتي اضحت فضاء لاحتساء الخمور وتناول “القرقوبي” بشكل علني.
وعلى الرغم من الإطلالات الإعلامية المعرية لواقع التسيب والفساد في هاته النقاط السوداء. إضافة لشكايات المواطنين المنبهة لما تخلفه هاته الأنشطة من أثار تذميرية على الأمن الصحي والمجتمعي. إلا أن الواقع يبقى على ما هو عليه في انتظار أن تتحمل السلطات ذات الصلة مسؤولياتها حماية للمجتمع وتحقيقا للأمن الصحي.
واقع يفرض تجاوز منطق الحملات الامنية الموسمية والانتقال لممارسة حملات مستدامة بوسط مدينة “الدار البيضاء” لتسييد سلطة القانون. وبالتالي الضرب بقوة على يد هاته الممارسات الشادة المستشرية داخل هاته الأوكار.
تجدر الإشارة إلى أن “زنقة علال بن عبد الله”، المتواجدة بوسط مدينة “الدار البيضاء”. تعتبر منطقة تجارية وترفيهية حيوية. وهو ما يجعلها مقصدا للشباب والشابات والزبناء. إلا أنها تشهد أيضا أنشطة غير قانونية تحت غطاء “مقاهي الشيشة”.
وتفيد تقارير استقتها الجريدة من مصادرها الخاصة أن الامر يتعلق بشبكة مصالح تجارية وفساد إداري توفر الحماية لهاته المقاهي. وهو ما يجعل من عملية محاربتها أمرا صعبا.
تجدر الإشارة أيضا أن الفصل 575 من “قانون العقوبات المغربي” يعاقب كل من خزن أو باع أو وزع مواد مخدرة أو سهل تناولها بالسجن من 5 إلى 10 سنوات. فيما يجرم الفصل 497 عمل الوسيط في الدعارة. ويعاقب مرتكبه بالحبس من سنة إلى سنتين وغرامة مالية. أما “القانون رقم 15-91″، المتعلق بالمسكرات. فيمنع تقديم أو بيع المشروبات الكحولية في الأماكن غير المرخص لها، ضمنها مقاهي الشيشة. والأهم من ذلك كله أن المادة 44 من “قانون الشرطة الإدارية” تمنح للسلطات المحلية والأمنية صلاحية التدقيق في الانشطة التجارية الممارسة وإغلاق المؤسسات المخالفة.
فما يقع بهاته النقاط السوداء من العاصمة الاقتصادية للمغرب يعكس حقيقة مؤكدة أن الفساد ليس فرسا جامحا لا يمكن السيطرة عليه. بل أن المعضلة الكبرى تكمن في انعدام الإرادة السياسية والمجتمعية لتحقيق هاته الغاية. فحينما يتم التهاون في التصدي لهاته الأوكار تتحول بعض الأماكن إلى دولة داخل الدولة.
فهاته الظاهرة ليست مجرد انتهاك للقانون، بل اختراق لأمن المجتمع وقيمه. واستمرارها على الرغم من التنبيهات والشكايات يشير إلى خلل رقابي وأمني يستدعي تحركا شاملا. وعمليات أمنية مستدامة وليست متقطعة. وملاحقة ليس فقط للمقاهي ولكن أيضا للجهات “الخلفية” التي توفر الحماية لها.