انعقد يوم الجمعة 12 شتنبر 2025 الجمع العام العادي ل”جمعية تدبير المقابر” ب”سلا”. وذلك بحضور ممثلي السلطة المحلية وأعضاء الجمعية. وقد تم خلال الجمع المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، وتجديد المكتب الإداري بالإجماع، مع إعادة انتخاب “مروان بوراس” رئيسا للجمعية. كما تمت مناقشة التحديات الرئيسية، أبرزها مشكل الاكتظاظ. لكن المعضلة الأهم التي يجب الوقوف حولها هي مسألة التدبير الإداري والمالي للجمعية التي تستفيد من سخاء مالي لتتحول من أسس وجودها القانوني والدستوري إلى مؤسسة تجارية في الأرواح والموتى.
ف”جمعية تدبير المقابر” ب”سلا”، تعيش تحت وضع تدبير يتسم بغياب تام للشفافية وتدهور البنية التحتية للمقابر. مع إقصاء المجتمع المدني عن عملية المراقبة. وهو ما يمس بحق أساسي من حقوق الإنسان ذا الصلة بالحق في دفن كريم. الأمر الذي يستدعي تدخلا عاجلا من السلطات الوصية والجهات الرقابية للكشف عن الوضع المالي للجمعية.
ف”جمعية تدبير المقابر” ب”سلا” جمعية ذات “منفعة عامة” تعمل في إطار “الاتفاقية المبرمة مع جماعة سلا”، وفقا للقانون المنظم للجمعيات، أي “ظهير 1958” و”المادة 35 من القانون رقم 00-78″، المتعلق بالتدبير الجماعي. والذي ينص على إمكانية تفويت تدبير المرافق العمومية للجمعيات.
لكن في مقابل هذا الفصل المفعل باتفاق بين الجمعية والجماعة يتم ضرب منطوق “الفصل 15 من الدستور المغربي”، الذي ينص على أن “للمجتمع المدني حق المساهمة في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية”، وبشكل منهجي.
فتدبير المرافق التي تشرف عليها الجمعيات في إطار “المنفعة العامة” يقتضي إعمال الشفافية في مجال التدبير المالي. وهو ما يتم تغييبه من قبل الجمعية . لأن التقارير يجب أن تكون دورية ومتاحة للعموم وليس داخل جمع عام يحضره ستة أنفار ويستقبلونه بالتصفيق والتصديق لا يعرف طبيعته ولا عمق رقابته المحاسباتية. إضافة لإعمال مراقبة خارجية للحسابات لأن الأمر يتعلق بأموال عمومية وتبرعات للمواطنين. وكشف المداخيل والنفقات للعموم وفقا “للمادة 10 من القانون رقم 31.13″، المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات وبشكل دوري. فضلا عن تقييم مدى احترام الجمعية لدفتر لاتفاقية الشراكة والمراقبة الميدانية لآليات تنزيل بنود الاتفاقية واستطلاع الرأي العام في مدى اقتناعهم بعمل الجمعية في الباب المخصص لها. وهو الذر المفقود في عمل الجمعية.
فضلا عن ذلك تعاني المقبرة من أكتظاظ غير مسبوق مع إهمال صارخ للبنية التحتية، في مخالفة “للقانون رقم 36.15″، ذا الصلة بالمقابر. والذي ينص صراحة على وجوب توفير “ظروف دفن لائقة تحترم الكرامة الإنسانية والسلامة الصحية والبيئية”.
والأخطر في كل ذلك هو تغييب وإقصاء المجتمع المدني من دوره الرقابي. حيث لا يتم فتح المجال للجمعيات المحلية للمساهمة في المراقبة. مع وجود تعتيم إعلامي عن وضعية هاته المقابر. ضدا على منطوق “المادة 12 من الدستور”، المشددة على أن “المساهمة في المراقبة المواطنة للعمل العمومي هي حق لكل مواطن ومواطنة”.
فلا يمكن بناء أسس مؤسسات مواطنة بدون رقابة مجتمعية على المال العام وتسييد للشفافية التي تبقى أساسا لبناء الثقة، أو بالاحرى استعادة الثقة. بين المواطن والإدارة والجمعيات.
وضعية مقابر “سلا” ليست مجرد قضية تدبيرية عابرة. بل هي قضية كرامة إنسانية ووطنية. واستمرار التعتيم على هذا الملف يعمق أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسات. وهو ما يستدعي من السلطات المحلية والجهات الرقابية تحمل مسؤولياتها الكاملة لضمان تدبير شفاف وكريم لهذا المرفق العمومي الحساس. وإطلاع المواطنين بشكل دوري حول وضعية هاته المقابر وواقع التدبير المالي للجمعية بما يحقق الثقة المفقودة ويستعيد مواطنة المؤسسات.
فالأمر لا يقتضي أن نعلن عن جمع عام حضره “مروان بوراس”، رئيس الجمعية وبعض من الأعضاء. يتم خلاله تقديم تقريرين أدبي ومالي جافين ينالان التصفيق. في غياب أية أداة رقابية ولا إعلامية. ليخرج المجتمعون ويبشرون بالإجماع بلاغ التصديق مع صور “سيلفي”. بما يذكرنا بنمط تدبير الأنظمة الكليانية. التي لا تشكل نهج الدولة المغربية الشريفة. والحديث عن ضرورة تظافر الجهود بين الجمعية والسلطات المحلية لإيجاد حلول مستدامة. في تعبيرات لغوية إنشائية لا تسمن ولا تغني من جوع. فالمطلوب هو إعمال الشفافية والانفتاح على المجتمع والاستماع لاقتراحاته وتفعيل الرقابة الجماعية والمجتمعية لتستقيم حال الديمقراطية التشاركية ونتجاوز خطابات التنميق والتصفيق؟؟؟
إعادة انتخاب “مروان بوراس” رئيسا الدلالات والنتائج
هنيئا ل”مروان بوراس” انتخابه رئيسا ل”جمعية الموتى”، ولكن دمعا نذرف على الديمقراطية وحق المجتمع في مارسة الرقابة. وعلى المال العام الذي أصبح خاضعا لسلطة التصفيق لا لسلطة الرقابة. وكل جمع عام وأنتم تصفقون والمجتمع ينتظر. ولتنعم “إدارة الموتى” بخدمة “بوراس” المتجددة. وليناموا كرماء. ما دام الأمر جمع من سبعة أنفار يتداولون بموت في مصير جمعية للأموات ويصفقو بموت في انتظار “عودة غودو” لكشف مستور ما تحت التراب من أموات ليكونوا شهودا على واقع داس عليه الأحياء.
وللحديث بقية وللتواصل وتحمل المسؤوليات المجتمعية في كشف مستور الفعل الناقص في عمل الجمعية يمكن لمتابعينا إغناء الكشف بالاتصال عبر الرقم الهاتفي ورقم الواتساب 0667137450.