دعوة “حزب الوسط الاجتماعي” المغربي للعودة لنظام الاقتراع الفردي وضمان المساواة

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

عقد “حزب الوسط الاجتماعي” بالمغرب ندوة صحافية، أمس الجمعة، بمقر هيئة المحامين ب”الدار البيضاء”. لشرح مضامين المذكرة التي رفعها الحزب ذات الصلة بتعديل منظومة القوانين المؤطرة للاستحقاقات الانتخابية لعام 2026.

وخلالها ذكر الأمين العام للحزب، “لحسن مديح”، بسياق المذكرة المرفوعة المتصلة بالنقاش الوطني الذي دعا جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. إلى إطلاقه بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش المجيد. مبرزا أن الحزب أجرى لقاءين مع وزير الداخلية في الموضوع، الأول تم خلال شهر غشت المنصرم والثاني الإثنين الفارط.

وأكد “مديح” أن “حزب الوسط الاجتماعي” ينخرط بشكل مسؤول في هذا النقاش الوطني. مبرزا أن إصلاح الترسانة القانونية المؤطرة للانتخابات يعد من الأولويات التي يناضل من اجلها الحزب. مضيفا أن الديمقراطية لا تستقيم إلا بحضور عنصر النزاهة والشفافية. ومعتبرا أن هاته الخطوة هي الضمانة الأكيدة لتعزيز المشاركة المجتمعية في العمليات الانتخابية والانخراط السياسي للمواطنين في مختلف تفاصيلها.
ووقف الأمين العام ل”حزب الوسط الاجتماعي” حول بعض من مواد الدستور المغربي لعام 2011، خاصة الفصول 6، 7 و11 المؤكدة على المساواة والتعددية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة.

دعوة لمراجعة قانون الانتخابات 

دعا الأمين العام ل”حزب الوسط الاجتماعي” لإعادة النظر في نمط الاقتراع المعتمد منذ 20 عاما، أي الاقتراع باللائحة. معتبرا أنه يتضمن مجموعة من الاختلالات. ضمنها إقصاء الكفاءات والنخب المثقفة من المشاركة السياسية والطاقات الشبابية من الممارسة السياسية. كما انه يفتح الباب على مصراعيه أمام هيمنة سلطة المال ورجال الأعمال وذوو النفوذ المالي على المشهد السياسي الوطني. وهو ما يضعف المؤسسات ويفقدها عناصر قوة لازمة لتحقيق التنمية والإقلاع الاقتصادي والتنموي والبناء المؤسساتي. مبرزا أن التكلفة المالية للاستحقاقات الانتخابية تعمق هاته الفجوة وتزيد من حالة النفور من الترشح. مؤكدا أنه باعتماد اللائحة يفقد الحزب الإطار كما أن الدولة نفسها تفقده لفائدة سلطة المال ورجال الاعمال.

وأوضح أن هذا النمط يساهم بقوة في إضعاف الثقة في هاته المؤسسات. مع تحول الحملات الانتخابية إلى سباق مالي مكلف للأشخاص والتنظيمات. وهو ما ينمي حالة العزوف من الممارسة والفعل السياسي، سواء في الترشح أو التصويت. واقفا حول ظاهرة ترشيح أسماء مشبوهة رغم متابعتها في قضايا فساد.

وفي هذا السياق، اقترح الحزب خيارين، الرجوع لنظام التصويت الفردي أو مراجعة نظام اللائحة بشكل يضمن تكافؤ الفرص مع البحث عن صيغ لوصول الشباب للمؤسسات الدستورية. من خلال ما اسماه “على الأقل تلطيف الاقتراع باللائحة”. فالمطلوب وفق تصوره انتخابات تمثل السواد الأعظم من المواطنين وليس الأثرياء فقط. مضيفا بأن لا وجود لأية رابطة بين المنتخبين والمواطنين وهو ما يعقد المشهد السياسي ويزيد من حدة التوثرات والنفور.

وفيما يتصل بمحاربة الرشوة واستعمال المال خلال العمليات الانتخابية، دعا “مديح” لإحداث “شرطة قضائية خاصة بمراقبة الانتخابات”، توكل إليها مهام رصد الخروقات ذات الصلة بالعمليات الانتخابية ومحاربة عمليات تلويثها. فضلا عن إشراك الجالية المغربية بالخارج في العمليات الانتخابية. متسائلا كيف لمؤسسة أمنية تسقط الإرهاب وتهريب الممنوعات لا تقوم بضبط المتلاعبين بالديمقراطية؟

دعوة لتبسيط مساطر التسجيل 

دعا الأمين العام ل”حزب الوسط الاجتماعي” لتبسيط مساطر التسجيل في اللوائح الانتخابية وتوسيع آجال هاته العملية. مبرزا ضرورة القيام بعمليات تحسيسية مكثفة سابقة لها، لحث المواطنين على الانخراط فيها. مع وضع حد لما اسماه “التشطيبات العشوائية على الناخبين”، وإلزام السلطات بإشعار المعنيين بالعملية حفاظا على حقهم الدستوري في التصويت والترشح.

تجاوز “اللاعدالة” و”سياسة التهميش” للأحزاب الصغرى والمتوسطة 

فيما يتصل بالقانون المنظم للأحزاب، سجل الأمين العام للحزب، أن بعض المقتضيات الواردة فيه تكرس ما اسماه ب”اللاعدالة”. كما انها تعمل على “تهميش الأحزاب الصغيرة والمتوسطة”. داعيا لإلغاء شرط تغطية ثلاثة أرباع الدوائر للحصول على الدعم العمومي. مع الرفع من قيمة الدعم السنوي الجزافي الموجه للأحزاب. وإضافة دعم دائم على أساس الأصوات المحصل عليها حتى ولو كانت أقل من 1%. مع الزيادة في قيمة الدعم الخاص بالمؤتمرات الوطنية.

التخلي عن سياسة الإقصاء من استعمال الإعلام العمومي ودعم الجرائد الحزبية 

شن “مديح” هجوما على ما اسماه استفراد ثلاثة أحزاب باستعمال الإعلام الرسمي، وممارسة “الإقصاء الممنهج” و”سياسة التغييب” ل26 حزبا من الاستفادة من الإعلام السمعي البصري. مبرزا أن هذا الوضع يكرس هيمنة الرأي الوحيد فيما يغيب الرأي المخالف الضابط للتوازنات. وهو ما ينتج عنه إضعاف صورة العمل السياسي لدى المواطنين. معتبرا أن هاته الخطوات تعارض الدستور وتضرب في العمق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص. مضيفا ان الحزب لا يستفيد حتى من 10% الممنوحة من قبل الدولة خلال الاستحقاقات الانتخابية. مؤكدا عدم حضور الحزب لأي نقاش أو حوار سياسي. معتبرا أن هاته الوضعية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تضمن النزاهة والشفافية لتغييبها عنصري الديمقراطية والمساواة. متسائلا كيف يمكن بناء الديمقراطية وممارسة التوعية في غياب الرأي الآخر؟.

وفي هذا الشأن اقترح “مديح” تخصيص وقت متساوٍ لجميع الأحزاب في البرامج الحوارية لمناقشة القضايا الوطنية. مع تعديل المرسوم المنظم للحصص الإعلامية خلال الحملات الانتخابية بما يحقق مبدأ المساواة. داعيا، في الوقت نفسه، لدعم الصحافة الحزبية الورقية التي تم حرمانها من الدعم الرسمي مند عام 2021، وفق إفادته.

التطلع لانتخابات نزيهة وشفافة 

أكد الأمين العام ل”حزب الوسط الاجتماعي” أن هاته المقترحات المقدمة من شأنها الرقي بالعمل السياسي في “المغرب” ومواجهة حالة العزوف من الممارسة السياسية. مبرزا أنها تأتي في سياق مساهمة الحزب في البناء المؤسساتي الديمقراطي القوي. مضيفا ان الحزب سيبقى منفتحا ومنخرطا في كل المبادرات الهادفة لإنجاح استحقاقات 2026 الانتخابية، وفق الرؤيا الملكية السامية لجلالة الملك “محمد السادس”، حفظه الله. الداعية لإطلاق حوار وطني شامل بهدف تحقيق إصلاحات سياسية وانتخابية تمكن من تعزيز وتقوية المؤسسات الوطنية.

وفيما يتصل بالأوضاع القائمة ببلادنا أكد الأمين العام ل”حزب الوسط الاجتماعي” دعم حزبه لمطالب الشباب العادلة مطالبا، في الوقت نفسه، بعدم التساهل مع أي شيء يهدد المؤسسات أو الممتلكات الخاصة والعامة. مبرزا حاجة المغرب للاستقرار والشباب للتأطير والاستماع لمطالبهم وتنفيذها باعتبارها مشروعة لا يختلف حولها احد.

وأكد أن الحكومة ليست مطالبة بإجراء حوار، مع من ستتحاور؟. بل بالقيام بإجراءات عاجلة تتجاوب مع هاته المطالب المشروعة. مثنيا على التجربة الديمقراطية المغربية، وضمنها الحق في الاحتجاج لإسماع كافة الأصوات للمسؤولين لاعتمادها والاستجابة لها. مبرزا أن عزوف الشباب عن الممارسة السياسية مركب من جهة التصويت والترشيح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.