أكدت “غرفة جرائم الأموال” بمحكمة الاستئناف ب”فاس”، أمس الأربعاء. الأحكام الابتدائية الصادرة، في حق ثلاثة متابعين في قضايا الفساد المالي والإداري.
وهكذا فقد قضت هيئة المحكمة بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في حق (ع،ج)، رئيس قسم الميزانية والصفقات ب”ولاية جهة فاس مكناس”. والقاضي بإدانته بعقوبة سجنية لمدة خمس سنوات، مع غرامة مالية قدرها 100 ألف درهم. وأربع سنوات سجنا نافذا مع غرامة مالية قدرها 50 ألف درهم في حق المقاول (خ،ب). وثمانية عشر شهرا سجنا نافذا مع غرامة 30 ألف درهم، في حق المقاول (ه،ب).
وكانت هيئة المحكمة قد تابعت المتهم الأول والثاني بتهم ذات صلة ب”جناية الارتشاء والمشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة وخاصة”. إضافة “للمشاركة في تزوير وثائق عرفية واستعمالها وإقصاء منافسين”. فيما تابعت المتهم الثالث ب”جناية الارتشاء والمشاركة في اختلاس أموال عامة والمشاركة في تزوير وثائق رسمية وتجارية وعرفية واستعمالها”. فضلا عن إقصاء منافسين.
تجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة كانت قد قررت إحالة المتهمين الثلاثة على المحكمة في حالة اعتقال. فيما برأت غرفة الجنايات الابتدائية ثلاثة متهمين آخرين على ذمة نفس الملف.
عزم قضائي على محاربة الفساد المالي والإداري
أكد الحكم الصادر عن المحكمة بفاس إصرار العدالة في المغرب على محاربة الفساد والتصدي له بقوة وحزم. لما يشكله الفساد المالي والإداري من تحد كبير وعرقلة واضحة لكافة المخططات والبرامج التنموية بالمملكة.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة المغربية تحتل مراكز متدنية في مؤشر مدركات الفساد لعام 2023، الصادر عن “منظمة الشفافية الدولية”.
لإيقاف هذا النزيف القاتل للصورة وأيضا للتنمية والمعرقل للاستثمارات أولى المغرب، خلال السنوات الأخيرة. اهتماما كبيرا لمحاربة هاته الآفة. وذلك من خلال تفعيل دور “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها” واعتماد القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات. فضلا عن تعزيز التعاون الدولي في مجال استرداد الأموال المنهوبة.
خطوات تأتي من إيمان المغرب بأن الفساد لا يمكن تصنيفه كجريمة عادية بل كورم خبيث يفتك بمقومات الدولة والمجتمع. وبالتالي فمحاربته مع تعزيز الشفافية ليس خيارا، بل خطوة ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة.
دلالات الأحكام الصادرة
بعثت هاته الأحكام رسائل في اتجاهات متعددة. ضمنها التأكيد على مبدأ تكافؤ المسؤولية في مجال محاربة الفساد، من جهة شمول الحكم موظفا عموميا ومقاولين. وأيضا أكيد من قبل القضاء على قدسية المال العام وخطورة التلاعب به. فضلا عن ضمان المنافسة الشريفة عبر تجريم إقصاء المنافسين بطرق تدليسية حماية لاقتصاد السوق. والأهم هو التأكيد على دور القضاء المستقل كحارس للحقوق والحريات.
تبقى هاته الأحكام الصادرة خطوة في مسار طويل لمحاربة الفساد. لكنها تؤكد أن المحاسبة ممكنة، وأن حماية المال العام مسؤولية جماعية، وأن القضاء المغربي قادر على تأدية دوره في ترسيخ دولة القانون.