يتطلب النهوض بالمشهد السمعي البصري المغربي، العاجز اليوم، ضمان الولوج المنصف والشفاف للمشهد وتجاوز منطق تغييب المساواة في الولوج والمشاركة في الصفقات العمومية. ذات الصلة بالطريقة التي تتم بها عملية إعداد دفاتر هاته الصفقات التي تظفر بها نفس الشركات المحظوظة.
تجدر الإشارة إلى ان الإنتاج السمعي البصري يتضمن صناعة التصميم. إضافة لإنتاج الأعمال السمعية البصرية، ضمنها الأفلام السنمائية والوثائقيات ومقاطع الفيديو والبرامج التلفزيونية والأفلام المؤسساتية.
فعلى الرغم من الدعم المالي العمومي المخصص لهذا القطاع، الذي يعيش على وقع ضعف التنافسية. إلا أن السمة العامة المميزة له هي انحدار مستوى جودة المنتوج. وهو ما يستدعي إعادة النظر في النموذج الاقتصادي المنتهج داخل هذا القطب. الأمر الذي يتطلب شجاعة في اتخاذ قرارات تضمن النجاعة. وشفافية في تدبير الإعلام العمومي تضمن المساواة في الحظوظ بناء على معيارة الأصلح وليس الأقرب.
إن المطلوب تغيير بوصلة اشتغال القطب العمومي مع دفاتر التحملات وتنظيم عمليات طلبات العروض والإعلان عن النتائج. والأعمق تغيير طريقة اشتغال اللجن المختصة وتوجيه بوصلتها نحو تجويد العمل وإعمال مبادئ الشفافية والنزاهة والمراقبة. مع إعطاء الفرصة للمقاولات الإعلامية الوطنية، التي تزخر بها بلادنا. والقضاء على اللوبيات التي تحتكر المشهد السمعي البصري. وهو الأمر الذي يستدعي تقديم نقد ذاتي يوازيه توفر إرادة سياسية ووطنية من اجل النهوض بالمشهد وجعله يقوم بواجبه المجتمعي والوطني بفعالية.
فالواقع القائم واجتكار المشهد من قبل نفس الشركات المحظوظة. يحكم على باقي شركات الإنتاج بإعلان الإفلاس. كما أن استمرار السلطة في احتكار مجال الإعلام السمعي ـ المرئي وبسط هيمنتها عليه. وتكريس توجهات معينة في كل المنتجات التلفزيونية. يفقد المشهد القابلية للتجدد والحياة والمنافسة، لأن الإبداع المقيد لا يولد سوى العبودية القاتلة. فبدون حرية لا يمكن بناء مشهد إعلامي سمعي بصري قادر وحامل لرسائل اجتماعية ووطنية وإنسانية في قالب إبداعي راق بما يحقق التوسع وقوة الحضور. لأن فتح المجال أمام الجميع في إطار منافسة حقيقية سيؤدي بالضرورة إلى تجويد الأعمال مع إتاحة الاختيار للمشاهد لاختيار ما يناسبه.
إن الرداءة التي تطبع مجموعة من الإنتاجات الوطنية، هي إعلان لعجز الحكومة عن إصلاح قطاع الإعلام السمعي البصري في المغرب. وهو ما يستوجب من هاته الأخيرة الوعي بالأمر. وبالتالي إطلاق إصلاح للقطاع ببلادنا مدخله فتح نقاش وطني ديمقراطي عميق في إطار مقاربة تشاركية تجمع الجميع. وعقد سلسلة من اللقاءات والندوات في موضوع دمقرطة الولوج للميدان عبر دفاتر تحملات تراعي الجودة. مع ضرورة تحرير القطاع لما تكتسيه العملية من أهمية، إذ لا ديمقراطية ولا نمو بدون إعلام حر ونزيه.