حقوقيون يلتمسون من جلالة الملك “محمد السادس” العفو عن معتقلي الريف

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

وجه مجموعة من الحقوقيين المغاربة ملتمسا إلى جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. من اجل إصدار قرار ملكي بالعفو والإفراج عمن تبقى من معتقلي “حراك الريف”. في خطوة تم وصفها بأنها نداء وطني لإنهاء أحد أكثر الملفات حساسية في المشهد الحقوقي المغربي.

جاء الملتمس، الذي تقدمت به “المبادرة المدنية من أجل الريف”، المشكلة من عدد من الفعاليات الحقوقية والمدنية. قبل أيام قليلة من ذكرى المسيرة الخضراء. وهي المناسبة التي عادة ما تشهد قرارات عفو ملكي تشمل فئات من المعتقلين.

وعبر الحقوقيون عن أملهم في “الحس الإنساني الراسخ والمعهود” في جلالة الملك “محمد السادس”. مؤكدين على أهمية هاته الخطوة في هاته الظروف تحديدا التي يحتاج فيها “المغرب” إلى كل أبنائه في مواجهة تحديات المرحلة.

تفاصيل المبادرة والفاعلين الموقعين

وقد حمل الملتمس توقيع عدد من الشخصيات الحقوقية البارزة، ضمنهم “محمد النشناش”، “صلاح الوديع”، “عبد السلام بوطيب” و”بوبكر لاركو”. إضافة ل”خديجة مروازي”، “عبد القادر العلمي”، “وصفي البوعزاتي” و”طارق النشناش”. فضلا عن “محمد بن موسى”، “خالد بن التهامي” و”نبيل بركة”.

وأكد الموقعون أن المبادرة ليست موجهة ضد أحد، بل مناشدة إنسانية ووطنية تخاطب الحس الإنساني المعروف عن جلالة الملك “محمد السادس”. وهدفها إطلاق مبادرة مصالحة وطنية جديدة تعيد الثقة بين الدولة والمجتمع، وتغلق هذا الملف نهائيا بهدف إحداث انفراج سياسي وحقوقي بالبلاد.

ومما جاء في الملتمس: إن “الظرفية الوطنية الدقيقة التي يعيشها المغرب، بما تحمله من تحديات اجتماعية وتنموية. تقتضي تعبئة جميع الطاقات وتجاوز كل الملفات التي خلفت جراحا في الذاكرة الجماعية”.

العفو الملكي كإطار قانوني ودستوري

يستند العفو الملكي إلى الفصل 58 من دستور المملكة المغربية لعام 2011، الذي ينص على أن: “للملك حق العفو عن العقوبة أو تخفيضها”.

 

كما ينظم المرسوم رقم 1.57.387 بتاريخ 6 فبراير 1958 طريقة ممارسة العفو والإجراءات المرتبطة به. فيما تحدد المندوبية العامة لإدارة السجون لوائح المستفيدين وفق معايير محددة تشمل السلوك والانضباط والظروف الاجتماعية.

نظرة حول الملف ومسار القضية

انطلقت احتجاجات الريف أواخر عام 2016 ب”مدينة الحسيمة”، إثر وفاة الشاب “محسن فكري”. لتتحول إلى حراك اجتماعي واسع رفع مطالب اقتصادية واجتماعية وتنموية، قبل أن تتحول القضية إلى ملف قضائي حظي بمتابعة وطنية ودولية واسعة.

وفي يونيو من عام 2018، أصدرت محكمة الاستئناف ب”الدار البيضاء” أحكاما بالسجن تراوحت بين عام واحد و20 عاما ضد عدد من النشطاء. أبرزهم “ناصر الزفزافي” و”نبيل أحمجيق”، استنادا لفصول من القانون الجنائي المغربي تتعلق بـ”المساس بأمن الدولة” و”التجمهر غير المرخص”.

ومنذ ذلك الحين، توالت مبادرات حقوقية ومدنية مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، كان آخرها ملتمس “المبادرة المدنية من أجل الريف”. المؤكد على أن “طي هذا الملف أصبح ضرورة وطنية لتحقيق مصالحة تاريخية شاملة”.

وينطلق الملتمس من الفعل السيادي لجلالة الملك، أعزه الله. مستحضرا الحكمة والرغبة في استئناف المسار نحو مستقبل منصف للجميع. من موقع الرصيد الإنساني والسياسي لجلالة الملك والحقوق الدستورية التي يملكها من أجل اتخاذ هاته الخطوة التاريخية استشرافا ما أنجزته “هيئة الإنصاف والمصالحة”. بهدف إعادة الثقة وتوحيد الصف الوطني.

 السياق السياسي والاجتماعي الراهن

يأتي تقديم هذا الملتمس تزامنا مع ذكرى المسيرة الخضراء التي غالبا ما تشهد قرارات عفو ملكي. كما يتزامن مع توجه الدولة نحو تعزيز المصالحة الوطنية في إطار ما يسمى بـ”الجيل الثاني من الإصلاح الحقوقي”، بعد تجربة “هيئة الإنصاف والمصالحة” عام 2004. والتي شكلت محطة بارزة في تاريخ العدالة الانتقالية بالمغرب.

ويرى مراقبون أن أي قرار بالعفو عن معتقلي الريف سيكون بادرة تهدئة قوية تعيد الثقة في مسار الإصلاح وتفتح الباب أمام مصالحة وطنية جديدة تنهي فصول التوتر بين الدولة والمجتمع المدني.

وهنا لا بد من استحضار قول جلالة الملك أعزه الله، في خطاب العرش لعام 2019: “إن المغرب ملك لجميع المغاربة، وهو بيتنا المشترك. وعلينا جميعا، كل من موقعه، أن نساهم في بنائه وتنميته، وأن نحافظ على وحدته وأمنه واستقراره. مغرب يتسع لكل أبنائه، ويتمتع فيه الجميع، دون استثناء أو تمييز، بنفس الحقوق، ونفس الواجبات، في ظل الحرية والكرامة الإنسانية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.