مفتش شرطة ب”سلا” ينهي حياة خليلته بسلاحه الوظيفي والنيابة العامة تحقق

العدالة اليوم

محمد حميمداني

 

باشرت الشرطة القضائية ب”منطقة أمن سلا الجديدة”، صباح الأحد، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة. على خلفية إقدام مفتش شرطة على وضع حد لحياة سيدة باستعمال سلاحه الوظيفي، خارج مهامه الرسمية.

ووفق المعطيات الأولية ذات الصلة بالبحث المنجز. فقد تم العثور على جثة الضحية داخل منزل الشرطي المشتبه فيه، وهي تحمل آثار طلقة نارية من مسدسه الوظيفي.

وقد باشرت عناصر الشرطة العلمية والتقنية عمليات المسح الميداني وجمع الأدلة الجنائية. فيما تم نقل الجثة لمستودع الأموات لإخضاعها للتشريح الطبي بأمر من النيابة العامة المختصة.

التحقيقات القضائية وسير الأبحاث

وفق بلاغ أولي صادر عن “المديرية العامة للأمن الوطني”، (DGSN). فقد تم فتح بحث تمهيدي لتحديد ملابسات وخلفيات هذا الفعل الإجرامي المحتملة. خصوصا وأن المؤشرات الأولية لا تظهر وجود دوافع مهنية مباشرة.

وقد تم وضع المشتبه فيه تحت تدبير الحراسة النظرية، في انتظار نتائج التحقيقات الأولية التي ستحدد المسؤوليات والنية الجرمية وراء الواقعة.

ضبط استعمال السلاح الوظيفي

يخضع القانون المغربي حمل واستعمال السلاح الوظيفي لضوابط صارمة تحددها المذكرة الوزارية رقم 7250، الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني. التي تنص على أن: “استعمال السلاح الوظيفي خارج إطار المهام الأمنية لا يجوز إلا في حالات الدفاع الشرعي عن النفس، وفق ما ينص عليه القانون الجنائي”.

ويؤطر الفصل 124 من القانون الجنائي المغربي حالات الدفاع الشرعي. معتبرا أن استعمال القوة في غير تلك الحالات يُعد قتلا عمدا. معاقبا عليه وفق الفصل 392 من القانون الجنائي، الذي ينص على أن: “كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعاقب بالإعدام”.

لكن ومع إلغاء عقوبة الإعدام فعليا منذ عام 1993، باتت العقوبة السارية هي السجن المؤبد.

استعمال السلاح خارج المهام هل نحن أمام ظاهرة نفسية أم اجتماعية؟

لا تعتبر هاته الحادثة الأولى من نوعها. فقد سبق أن شهدت “مدينة الدار البيضاء” في 17 أكتوبر من عام 2025 واقعة مشابهة. وذلك عندما أقدم مقدم شرطة على قتل سيدة من معارفه بنفس السلاح. في ظروف مشابهة من حيث الدافع الشخصي والاستعمال غير المشروع للسلاح.

وقد أثارت تلك الواقعة حينها ردود فعل واسعة داخل الأوساط الحقوقية والإعلامية. الأمر الذي دفع “المديرية العامة للأمن الوطني” لإصدار تعليمات جديدة مشددة على مراقبة السلاح الفردي وضمان عدم استعماله إلا في الحالات المبررة قانونا. على اعتبار أن السلاح الوظيفي ليس أداة انتقام، بل وسيلة للدفاع عن المواطن والدولة.

معطيات ودلالات ميدانية

وفق تقرير صادر عن “المديرية العامة للأمن الوطني”، فقد بلغ عدد حالات استعمال السلاح الوظيفي خارج المهام الرسمية 14 حالة خلال عام 2024. مبرزا أن أغلبها بدوافع عائلية أو عاطفية. فيما تم تسجيل 37 حالة دفاع شرعي اعتبرت قانونية.

ويرى خبراء الأمن أن هذا الرقم يبقى محدودا مقارنة بعدد عناصر الأمن العاملين. لكنه يكشف الحاجة إلى تعزيز الدعم النفسي والتكوين المهني في مجال ضبط التوتر والضغط الوظيفي.

تجدر الإشارة إلى أن القانون يحمل رجل الأمن مسؤولية شخصية عن أي استعمال غير مشروع للسلاح. مؤكدا انه وحتى ولو كان السلاح وظيفيا، فإن المسؤولية الجنائية تقع على الشخص الذي استخدمه خارج الإطار القانوني. وهي تعكس تعرض بعض رجال الأمن لضغوط نفسية ومهنية. الأمر الذي يقتضي تعزيز المواكبة النفسية الدورية داخل الأجهزة الأمنية. لأن حمل السلاح مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية.

تداعيات مؤسساتية: تشديد الرقابة الداخلية

من المرتقب، بناء على هاته الواقعة الجديدة. أن تعمل “المديرية العامة للأمن الوطني” على غصدار مذكرة داخلية جديدة تعيد التأكيد على تتبع استعمال الأسلحة الفردية. مع ضرورة اعتماد آلية رقمية لتتبع السلاح عبر شريحة إلكترونية. وهو المشروع الذي تم الإعلان عنه عام 2023 في إطار التحديث الرقمي للمرفق الأمني. فضلا عن إعادة تفعيل برنامج الدعم النفسي للأطر الأمنية الذي كان قيد الدراسة منذ عام 2022. أرتباطا بتزايد المؤشرات على الإجهاد الوظيفي والاحتراق النفسي لدى فئة من رجال الأمن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.