لم يكن الصباح عاديا في فاس اليوم. وسط الزحام وصخب المارة الممزوج بهذير العربات. وفي غفلة من الزمن وتفاصيل الغسيل اليومي بين متاهات أدرب المدينة.
كانت الساعة تقترب من الثامنة صباحا، وسط الزحام وتيهان الازقة والعابرين. توقفت الأنفاس فجأة أمام مشهد فجر تيهان المكان وخلق حالة من التشرد وسط الزحام. بعد أن خرجت امرأة عارية تماما، وهي تسير بخطوات مضطربة أمام “مسجد التجامعتي”، رافعة صوتها بكلمات غريبة. وملوحة بيديها في الهواء كما لو كانت تحاول طرد أشباح لا تراها إلا هي.
تنفجر آلاف الاسئلة المشتعلة عن متاهات الفناء السؤال. ممتدة بين حورية غادرت البحر ولم يلحظ خروجها الحارس. ليجيب مناد وهل في فاس بحر لتخرج منه حورية. ويتلبد السؤال بآلاف الأسئلة. هل هي جنية أم أن الضياع أزال عنها كسوتها وسحبها إلى مجهول السؤال في الفضاء الممتد.
اختال الحالمون ان الأمر يتعلق بمشهد من فقرة تصوير أو مزحة ثقيلة الظل. لكن مع مرور الدقائق، تبين أن الحقيقة أقوى من القسوة وأن المتخيل حقيقة تتحرك عارية في حالة هيستيرية لا حدود لهيجانها، تتفوه بعبارات نابية وإيحاءات لا تليق بالمكان ولا بالزمان.
الأطفال الذين ينتظرون الحافلة تجمعوا خلف أمهاتهم المذعورات. وبعض من الرجال أداروا وجوههم خجلا، فيما فضل آخرون الانسحاب بصمت من المشهد. بينما حملق الفضوليون يتأملون في تفاصيل الألم الممتد في رحلة سيزيف الذي حكمت عليه الآلهة بالعذاب الأبدي، يصرخ ولكن يعاند لتسقط الصخرة فما يكل من المحاولة إلى أن يصعقه التيار البشري بنظراته الموزعة في تفاصيل الجسد العاري.
رجل مسن اعياه الزمن من أمام بيت الله متسائلا. هل انسحب العري من الكاباريهات ليصل حد بيت الله فيظلم نورانية المكان “إنها علامات الساعة” يعاودها مرات عديدة وهو ينسحب من المكان. لتبقى الصورة متحركة تصرخ في كل الاتجاهات تحرق كل سارقي النظرات، متسلطة في هيجانها كما أحرق “نيرون” روما ليرى عظمة متوهمة محفورة بين أدرب بناء من رمل وتراب.
دقائق معدودة كانت كافية لتفجر المكان فيتحول إلى محج للزائرين والسائلين والمستغربين والشامتين والصامتين… الجامع فيه همهمات داخلية واستغراب لما يحوم بهذا اللحم المتفجر في سما فاس عاصمة العلم والنور.
هل إحضار الشرطة الحل”. وهل يمكن للرمل أن يوقف امواج البحر؟ تختلط أنوار سيارة الامن بالضوضاء التي تحدثها وقوقعات المكان. لينتهي المشهد غامضا حالما فاتحا أذرعه لأسئلة ممتدة وحقيقة شاخصة عنوانها الضياع.