دعت “كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب” وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لفتح تحقيق فوري وشامل في ما وصفته بـ“ممارسات غير قانونية وخطيرة” داخل عدد من المصحات الخاصة.
وفي هذا السياق قالت “نقابة الصيادلة”: إن الامر يتعلق بطريقة صرف وفوترة الأدوية دون احترام الضوابط القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل. معتبرة أن موقفها هذا نابع من إيمانها بضرورة حماية صحة المواطنين وضمان نزاهة نظام التأمين الصحي الإجباري.
تسليم الادوية دون المرور عبر الصيدليات
أوضح البلاغ الصادر عن نقابة الصيادلة أن بعض المصحات الخاصة تقوم بصرف الأدوية مباشرة للمرضى وفوترتها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. دون المرور عبر الصيدليات المرخصة قانونا للقيام بهاته العمليات. معتبر الخطوة خرقا واضحا لمقتضيات “القانون رقم 17.04″، بمثابة مدونة الدواء والصيدلة. الذي يحدد بشكل صارم مهام ومسؤوليات كل فاعل في سلسلة توزيع الأدوية.
كما كشفت “الكونفدرالية” أن “بعض المصحات تملأ بنفسها الخانات المخصصة للصيادلة في أوراق العلاج وتضع ختمها الخاص”. معتبرة الامر تعد مهني وقانوني يخل بالثقة المفترضة في منظومة الدواء الوطنية. ويقوض بالتالي مبدأ الفصل بين مهام التداوي والتوزيع المنصوص عليه في المادة 30 من المدونة ذاتها.
تهديد مباشر للسلامة الصحية والشفافية
أفادت “الكونفدرالية” بأن هذه الممارسات تعتبر تهديدا محتملا للسلامة الصحية للمرضى. مبرزة ان الأدوية التي يتم صرفها خارج المسار القانوني “قد لا تكون محفوظة بالشروط المعمول بها”. وبالتالي قد تفتقر إلى ضمانات الجودة والتتبع التي توفرها الصيدليات المرخصة.
وأكدت الهيئة أن “التجاوزات المذكورة تفتح الباب أمام مخاطر التلاعب بالأدوية وتهريبها أو تخزينها في ظروف غير صحية”. ما يجعلها تشكل تهديدا مباشرا لصحة المواطنين ولمصداقية النظام الصحي الوطني. محذرة من انعكاسات كل ذلك على صحة المرضى.
ونبهت “الكونفدرالية” إلى أن هذه الخروقات “قد تؤدي إلى إهدار موارد مالية مهمة من نظام التأمين الصحي، عبر فوترة لاقانونية وغير مبررة للأدوية”. وهو ما يمثل عبئا إضافيا على الميزانية المخصصة للرعاية الصحية العمومية. معتبرة الأمر “إهدارا للمال العام” لعدم مرور هاته العمليات عبر القنوات الرسمية المعتمدة. مما يهدد استدامة صناديق التأمين الصحي الإجباري، التي تعتمد على الشفافية في التدبير لتغطية ملايين المواطنين.
منافسة غير شريفة ودعوة لتفعيل القانون
وصفت الكونفدرالية هذه التصرفات بأنها “منافسة غير شريفة” تجاه الصيادلة الملتزمين بالقانون. مطالبة وزارة الصحة بتكثيف حملات التفتيش والمراقبة داخل المصحات الخاصة، وفتح تحقيقات قضائية في ملفات الفوترة المشبوهة. مؤكدة على “ضرورة تفعيل القوانين ضد كل مؤسسة تتورط في صرف الأدوية دون ترخيص أو رقابة”. وتطبيق العقوبات الزجرية المنصوص عليها في القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب والقانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الادوية والصيدلة.
كما دعت لتفعيل “المادة 72 من مدونة الدواء والصيدلة”، التي تخول لوزارة الصحة صلاحية إغلاق كل مؤسسة تمارس أنشطة صرف أو توزيع الأدوية بدون ترخيص رسمي.
خلفية النزاع بين الصيادلة والأطباء
يأتي إصدار هذا البلاغ في سياق توتر متزايد قائم بين الصيادلة وأطباء القطاع الخاص. وذلك عقب مراسلة سابقة وجهها الأطباء لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، انتقدوا فيها، ما اسموه، “تجاوزات بعض الصيادلة في استبدال الأدوية دون استشارة الطبيب المعالج”. ما تم تفسيره من طرف الصيادلة بأنه محاولة للهيمنة على قطاع توزيع الدواء.
يعكس هذا الجدل غياب التنسيق المؤسساتي بين مكونات المنظومة الصحية. وهو ما يضعف فعالية الإصلاحات الرامية لتجويد الخدمات وتعميم التغطية الصحية الشاملة. لأنه لا يمكن الحديث عن منظومة صحية فعالة دون احترام حدود الاختصاصات المهنية لكل فاعل.
نقل المعركة من التلاسنات إلى الشارع
في هذا السياق، دعت “الكونفدرالية” المواطنين للتحقق من مصدر الأدوية والتأكد من اقتنائها من صيدليات معتمدة تحمل رقم ترخيص وزارة الصحة. محذرة من النتائج الصحية في حالة مخالفة هذا التوجيه. منبهة لما أسمته، مخاطر شراء الأدوية من مصادر مجهولة أو غير مرخصة.
إصلاح منظومة الدواء: رهان وطني
من المنتظر أن يعيد هذا الملف النقاش حول حوكمة منظومة الدواء في المغرب. ارتباطا بالتوجه الحكومي الرامي لتوحيد قنوات التوزيع والرقمنة الكاملة لسلسلة الإمداد الدوائي. بما ينسجم مع “الاستراتيجية الوطنية للصحة 2023-2030” الهادفة لضمان ولوج آمن ومنصف للدواء.
وستظل هاته القضية تشكل محورا أساسيا في النقاش الدائر حول تحسين جودة الخدمات الصحية وحوكمة منظومة الدواء في المغرب. في انتظار تحرك رسمي للتحقيق في هذه المزاعم ووضع حد للخروقات المبلغ عنها.