في خطوة تصعيدية جديدة ضمن مسار رفضها لمشروع “القانون رقم 25.26″، المتعلق بإعادة تنظيم “المجلس الوطني للصحافة”. عقدت هيئات نقابية ومهنية بقطاع الصحافة والنشر، أمس السبت. لقاء مع “محمد أوزين”، الأمين العام ل”حزب الحركة الشعبية”. وذلك بالمقر المركزي للحزب ب”الرباط”، بحضور أعضاء من المكتب السياسي.
اللقاء كان مناسبة عرضت خلالها هاته الهيئات مواقفها الرافضة للمشروع المقترح والاختلالات المسجلة في ديباجته الواردة.
رفض دستوري ومهني لمشروع القانون
أكدت الهيئات المهنية أن المشروع المعد ينتهك مبدأ المشاركة النقابية المنصوص عليه في “الفصل 8 من دستور المملكة المغربية”.
تجدر الإشارة إلى أن الفصل الثامن من الدستور، المتعلق بالمنظمات النقابية والمهنية. ينص على مساهمة هذه المنظمات في الدفاع عن مصالح الفئات التي تمثلها والنهوض بها. مع التأكيد على حقها في تأسيس أنشطتها بحرية في إطار الدستور والقانون. كما ينص على ضرورة أن تكون هياكلها وتسييرها ديمقراطية، ويحدد القانون شروط تأسيسها وممارستها لأنشطتها. إضافة لمعايير دعمها المالي.
كما أبرزت ذات الهيئات أن المشروع المطروح للتصديق يقوض مبدأ التعددية والتمثيلية العادلة. المنصوص عليها في “الفصل 11 من الدستور المغربي”.
جدير بالذكر أن “الفصل 11 من الدستور” ينص على أن الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس المشروعية الديمقراطية. ويلزم بالتالي السلطات العمومية بالحياد التام وعدم التمييز.
وأكدت الهيئات أن مشروع القانون المقترح “يضرب جوهر التنظيم الذاتي للمهنة” الذي يستند إلى قيم الاستقلالية والديمقراطية والانتخاب باللائحة والتمثيل النسبي. معتبرة أن اعتماد نمط مزدوج للانتخاب، يجمع بين التصويت الفردي والتعيين بالانتداب، “يضرب مبدأ المساواة ويهدد العدالة التمثيلية”.
وطالبت التنظيمات المهنية بتأجيل النقاش التفصيلي حول مواد المشروع وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي القطاعي قصد التفاوض والتوافق حول مضامينه. محذرة من أن المشروع بصيغته الحالية “خارج السياق الدستوري ومناقض لمبدأ الإشراك الجمعي” المعتمد في فلسفة الديمقراطية التشاركية.
وأكدت الهيئات أن المشروع يتنافى مع التزامات المغرب الدولية في مجال الحقوق النقابية وحرية التنظيم المهني. خاصة ما ورد في “اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87” بشأن الحرية النقابية. إضافة “للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” الذي صادق عليه المغرب عام 1979.
تجدر الإشارة ايضا أن “اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87″، هي اتفاقية “الحرية النقابية وحماية حق التنظيم” اعتمدتها “منظمة العمل الدولية” عام 1948. والتي تهدف لضمان حق العمال وأصحاب العمل في تكوين منظماتهم الخاصة والانضمام إليها دون تدخل من الدولة. تشمل المبادئ الأساسية للاتفاقية حرية إنشاء النقابات، عدم فرض قيود على العضوية واستقلالية المنظمات النقابية. إضافة لحماية النقابيين من التمييز.
أوزين: نحو توافق وطني لتقوية المجلس
من جانبه، رحب “محمد أوزين” بمبادرة الهيئات، مشيدا بـ“النضج المهني” الذي أبانت عنه التنظيمات الصحفية في دفاعها عن مبادئ التعددية والاستقلالية. مؤكدا أن “حزب الحركة الشعبية” ملتزم بخيار الديمقراطية التشاركية ويدعم الحريات العامة باعتبارها “أساس بناء مجتمع متوازن ومؤسسات قوية”.
واوضح الأمين العام ل”حزب السنبلة” أن تقوية المجلس الوطني للصحافة لن يتحقق إلا بالحوار. مضيفا أن التوافق هو الطريق الأجدر لبناء مؤسسة مهنية مستقلة تعكس صوت الصحافيين وتخدم المصلحة العامة”.
واقترح “أوزين” إحداث لجنة مشتركة داخل “لجنة التعليم والثقافة والاتصال” بالبرلمان لبلورة تعديلات موحدة ومقبولة من مختلف الأطراف. من أجل إخراج المجلس من “وضعية الانتقال والفراغ المؤقت”. مع التأكيد على ضرورة أن يهدف انتخاب المجلس إلى تحسين أوضاع الصحافيين المهنية والمادية وتعزيز رسالة الإعلام الوطني في خدمة الديمقراطية والمواطنة المسؤولة.
دعوة لتوافق وطني
أكد “أوزين” أن أبواب الحزب “مفتوحة لكل الهيئات والمنظمات المهنية” من أجل صياغة حل توافقي يعزز الاستقلالية والمصداقية في الحقل الصحفي. ويعيد الاعتبار لمبدأ التنظيم الذاتي. فيما شددت الهيئات المهنية على استمرارها في الترافع القانوني والمؤسساتي لوقف تمرير المشروع. داعية الحكومة لإعادة فتح مشاورات شاملة تضمن إشراك كل الفاعلين المعنيين.